السياسية : صادق سريع

اثارت انباء اعتقال عدد من كبار الأمراء، بناء على أوامر من ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، حفظية الرأي العام الدولي وتداعيات هذه الاجراءات المفاجئة .

وتساءل سياسيون ومحللون واعلاميون لماذا قام بن سلمان بإجراءات الاعتقالات ، لاسيما وهم غير قادرين على القيام باي تغيير في نظام الحكم بحكم موقعه القوي في ادارة شئون الحكم وإحكام قبضته على السلطة؟

البداية من صحيفة الفاينانشال تايمز وتقرير لسايمون كير من دبي وأندرو إنغلاند من لندن بعنوان “ولي العهد السعودي يستهدف خصومه لتشديد قبضته على السلطة”. ويقول الكاتبان إن السعودية شنت حملة واسعة على أفراد بارزين في الأسرة المالكة وضباط الأمن، في تطهير يبدو أنه جزء من حملة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لتشديد قبضته على السلطة.

وتضيف الصحيفة إن ثلاثة أمراء، على الأقل، احتُجزوا، من بينهم الأمير أحمد بن عبد العزيز، 77 عاما، شقيق الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، ويعتبره كثيرون عقبة في طريق تولي محمد بن سلمان العرش، حسبما قال شخصان مطلعان على الأمر للصحيفة.

ويضيف التقرير أن الأمير محمد بن نايف، ولي العهد السابق ووزير الداخلية السابق، احتجز الجمعة، ويُعتقد أنه كان رهن الإقامة الجبرية منذ أن تم استبداله كولي للعهد بولي العهد الحالي.

وقال مصدر مقرب من الأسرة المالكة السعودية للصحيفة إن الحملة الموسعة طالت “جميع أفراد الدائرة المقربة” من الأمير محمد بن نايف.

ويقول مايكل ستيفنز، من معهد مركز أبحاث الخدمات الموحدة الملكي ” Rusi”،: “بعد أن نجا بن سلمان من موجة استياء دولية أعقبت اغتيال الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، داخل القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018، لم يصبح لديه ما يخشاه”.

ويضيف: “لقد دعم البيت الأبيض بقيادة دونالد ترامب محمد بن سلمان إلى أقصى حد، وكانت بريطانيا وفرنسا معترضتان إلى حد ما، ومع ذلك واصلتا التعامل مع الرياض، أما روسيا والصين فلم يكن لديهما أي اهتمام على الإطلاق”.

واعتُقل ثلاثة من كبار أعضاء العائلة المالكة السعودية، بما في ذلك شقيق الملك، لأسباب غير معلنة حتى الآن. وأفادت تقارير صحفية أمريكية بأنه أُفرج عن بعضهم لاحقا.

ومن بين الثلاثة المعتقلين اثنان من أكثر الشخصيات نفوذا في المملكة.

وكانت السلطات السعودية قد اعتقلت في عام 2017 عشرات من رموز العائلة المالكة ووزراء ورجال أعمال، واحتجزتهم، جميعا، في فندق “ريتز كارلتون” في الرياض، بأوامر من ولي العهد السعودي، ووجهت اتهامات بالفساد والكسب غير المشروع لعدد كبير منهم، وتوصلت إلى تسويات مالية مع بعضهم.

وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” قد كشفت عن الاعتقالات أول مرة، وقالت إنها جرت في الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة.
وقالت الصحيفة الأمريكية إن المعتقلين الثلاثة هم أحمد بن عبد العزيز، الشقيق الأصغر للعاهل السعودي، وولي العهد السعودي السابق محمد بن نايف، والأمير نواف بن نايف.

ولم تؤكد السلطات السعودية أو تعلق على عملية الاعتقال التي لم تتناولها وسائل الإعلام السعودية.

 

ـ رسالة واضحة

 

يقول مصدران على صلة بالعائلة المالكة ودبلوماسي أجنبي بارز إن ولي العهد، الذي “يسعى جاهدا” لإحكام قبضته على السلطة، يخشي من احتمال أن يجتمع أمراء ساخطون حول الأمير أحمد والأمير محمد بن نايف، باعتبارهما البديلين المحتملين لتولي عرش المملكة.

وقال مصدر لوكالة رويترز للأنباء: “هذا تحضير لانتقال السلطة إنها رسالة واضحة للعائلة بأنه ليس بوسع أحد أن يعترض أو يجرؤ على تحديه”.

وأشارت مصادر إلى أن الهدف الرئيسي للحملة هو شقيق الملك سلمان، الأمير أحمد بن عبد العزيز، الذي يعد واحدا من ثلاثة فقط من أعضاء هيئة البيعة المسؤولة عن اختيار الملك وولي العهد.

وتهدف هيئة البيعة، المؤلفة من عضو من كل بيوت أبناء الملك عبد العزيز وعددهم 34، لضمان اتحاد مئات الأمراء، الذين يشكلون الجيل القادم للعائلة الحاكمة، وراء الملك الجديد.

وقال مصدر مقرب من العائلة المالكة إن الأمير أحمد، الذي استضاف عددا من المجالس، أثار الشكوك بشأن موقف ولي العهد من مجموعة قضايا، من بينها الخطة الأمريكية لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وتضيف مصادر أن أفراد العائلة الحاكمة، الذين يسعون إلى تغيير مسار ولاية العرش، ينظرون إلى الأمير أحمد بوصفه الاختيار الذي يمكن أن يحظى بدعم من أفراد العائلة وقوات الأمن وبعض القوى الغربية.

 

 

ـ ذهول
تسببت هذه التطورات في حالة من الذهول بين السعوديين وطرحت تساؤلات عديدة حول دوافعها وتوقيتها.

وعلى مواقع التواصل، طغى الموضوع على تعليقات المغردين العرب المهتمين بالشأن السياسي، فانقسموا بين مشكك في صحة التقارير ومصدق يبحث في أسبابها وتداعياتها.

ولوحظ غياب أبرز المعلقين والصحفيين السعوديين عن التعليق على أنباء الاعتقالات في حين اكتفى بعضهم بنشر تغريدات تعبر عن ولائهم لولي العهد محمد بن سلمان، مرفقة بوسم # كلنا_سلمان_كلنا_محمد.

ورغم اختلاف تفسيرات المعلقين العرب لموجة الإعتقالات الأخيرة إلا أنهم أجمعوا على أنها تأتي في وقت حساس في تاريخ المملكة والعائلة المالكة. كما أثارت الشكوك لدى بعضهم بقرب عملية “انتقال وشيك للعرش”.

فمن أبرز الاحتمالات التي ذكرت في إطار تفسير أسباب الاحتجاز هي تقدم الملك سلمان في السن واعتلال صحته، إذ يعتقد محللون سياسيون أن “ولي العهد محمد بن سلمان يسعى إلى تعزيز سلطته واستبعاد المنافسين المحتملين له لخلافة العرش قبل وفاة والده أو تنازله عن السلطة”.

وقالت أربعة مصادر، على صلة بالعائلة المالكة، إن خطوة (الاعتقال) تهدف إلى ضمان الإذعان داخل عائلة آل سعود الحاكمة، التي يشعر بعض أفرادها بالاستياء، قبل انتقال السلطة، في حال وفاة الملك، أو تنازله عن العرش.

وقالت المصادر إن المعارضين يشككون في قدرة ولي العهد على قيادة البلاد بعد اغتيال خاشقجي، وشن هجوم استهدف منشأتين نفطيتين سعوديتين، العام الماضي.

وكان الأمير أحمد قد قلل من ظهوره العام منذ عودته إلى الرياض، في أكتوبر عام 2018، بعد قضاء شهرين ونصف الشهر خارج البلاد، بعد أن بدا أنه ينتقد القيادة السعودية أثناء رده على محتجين خارج مقر إقامته في العاصمة البريطانية، لندن، كانوا يرددون هتافات تنادي بسقوط آل سعود.

كما أثارت الاعتقالات الأخيرة تكهنات بشأن صحة الملك سلمان، البالغ من العمر 84 عاما، بيد أن المصادر قالت إنه لا يزال يتمتع بحالة صحية وعقلية جيدة، وبث التلفزيون الرسمي، يوم الأحد، مقطعا للملك يؤدي أمامه اليمين سفيران سعوديان.

ويقول ستيفنز، الباحث في معهد مركز أبحاث معهد الخدمات الموحدة الملكي، لبي بي سي: “كانت رسالة من سلمان و محمد بن سلمان إلى بقية أفراد العائلة للتوافق، وهو إجراء من شأنه أن يضمن الولاء مع تذكير الجميع بمن هو الزعيم”.

ويضيف: “لا يخطيء أحد في أن محمد بن سلمان هو حاكم المملكة العربية السعودية بشكل لا لبس فيه”.

ـ من هو أحمد بن عبد العزيز؟

ولد الأمير أحمد بن عبد العزيز آل سعود عام 1942 ،وهو الابن الحادي والثلاثين من أبناء الملك عبد العزيز.

وينتمي الأمير إلى الجناح السديري الأكثر نفوذا في العائلة المالكة السعودية، وهم أبناء الملك عبد العزيز آل سعود من زوجته حصة بنت أحمد السديري، وهم الملك فهد والأمير سلطان والأمير تركي والأمير نايف والأمير عبد الرحمن والملك الحالي سلمان بن عبد العزيز.

ويحمل الأمير درجة الماجستير في العلوم السياسية وظل نائبا لوزير الداخلية مدة 37 عاما وقضى 4 سنوات مسؤولا عن المواقع المقدسة في مكة وتولي منصب وزير الداخلية في السعودية في الفترة من 18 يونيو 2012 حتى 5 نوفمبر/ 2012.

وقد تمت إزاحته عن ترتيب العرش مرتين الأولى عندما قدم الملك الراحل عبد الله عليه أخيه الأصغر الأمير مقرن بن عبد العزيز، والثانية عندما قرر الملك الحالي سلمان نقل السلطة إلى جيل الأحفاد متمثلا في الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية السابق الذي صار وليا للعهد نحو عامين، ونجله الأمير محمد بن سلمان الذي صار وليا لولي العهد قبل أن يصبح هو نفسه وليا للعهد.

وكان الأمير أحمد بن عبد العزيز قد غادر السعودية في نوفمبر الماضي، قبل حملة اعتقالات طالت نحو 11 أميرا سعودياً أبرزهم الوليد بن طلال والعشرات من الوزراء ورجال الاعمال السعوديين حينها.
ومعروف عن الأمير أحمد أنه متدين باعتدال ومنفتح ومشهور بحبه للصحراء والجبال والبحر والصيد.