السياسية – عبد الله الزبيري:

يعتبر الصراع في ليبيا مثالا كبيراً لمدى تدخل القوى الاقليمية والدولية في رسم الفوضى والتفكك في معظم دول المنطقة العربية المشتعلة بالصراعات.

وشكل الاتفاق الذي عقد بين حكومة الوفاق الليبية وتركيا والذي ينص على إعادة ترسيم الحدود البحرية في المتوسط وبما يعطي تركيا حصة كبيرة في احتياطات الغاز، ويوفر دعم عسكري وأمني  لحكومة الوفاق الليبية من خلال التعاون الاستخباري وإرسال تركيا معدات عسكرية وجنودًا إذا تقدمت حكومة الوفاق بطلب في هذا الخصوص، ذروة الصراع الاقليمي على ليبيا ، حيث يشير الكاتب العربي عبد الباري عطوان ان هذا التفعيل قد يشعل فتيل حرب ضروس في ليبيا قد تتطابق مع نظيرتها السورية، إن لم يَكن أخطر.

وتمر ليبيا بأزمة سياسية عسكرية مستمرة منذ الإطاحة بنظام الزعيم الراحل، معمر القذافي، عام 2011. ويتنازع على السلطة حاليا طرفان أساسيان، هما حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا والمتمركزة في العاصمة طرابلس بقيادة فايز السراج، الذي يتولى منصب رئيس المجلس الرئاسي، والثاني الحكومة المؤقتة العاملة في شرق ليبيا برئاسة عبد الله الثني، والتي يدعمها مجلس النواب في مدينة طبرق و”الجيش الوطني الليبي” بقيادة المشير، خليفة حفتر.

وفي تصعيد خطير للتوتر في البلاد، أطلقت قوات حفتر يوم 4 أبريل الماضي، حملة واسعة للسيطرة على طرابلس، وقالت إنها تسعى لتطهيرها من الإرهابيين، فيما أمر السراج القوات الموالية لحكومة الوفاق بصد الهجوم بقوة.

صراع اقليمي:

وفي أخر تصريح له حول الوضع في ليبيا أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي  رفض كل التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي ، هذا التصريح يأتي بعد أن جدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تأكيده استعداد بلاده لإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا إن تلقت طلبا لذلك من قبل حكومة الوفاق الوطني في طرابلس.

تركيا من جانبها شنت هجوما على من وصفتها “الدول الداعمة لحفتر” في ليبيا، وشددت على أن ردود فعل هذه الدول على مذكرة التفاهم مع حكومة السراج لن تمنع تركيا من تنفيذ سياستها في شرق المتوسط.

جاء ذلك في مقال كتبه رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون تحت عنوان: “مذكرة التفاهم التركية والليبية توثيق للحقوق السيادية لدولتنا”، في منصة التدوين “مِديوم”، ونشرته وكالة “الأناضول”.

ولفت ألطون إلى أن بلاده من خلال توقيعها مذكرة التفاهم مع حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليا، أظهرت أنها لن تسمح بفرض الأمر الواقع في شرق المتوسط.

وقال: “من المعروف أن قبرص الرومية، ومصر، واليونان، وإسرائيل منزعجة من سياسة تركيا في شرق البحر المتوسط”.

وأضاف أن “التصريحات الوقحة لقبرص الرومية بعد الاتفاق، وردود الفعل من جانب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا، لن تمنع تركيا من تنفيذ سياستها في شرق البحر المتوسط”.

وشدد على أن بلاده لن تسمح بانتهاك الحقوق السيادية لها في شرق المتوسط.

وفي سياق متصل، قال ألطون: “يجب ألا ننسى أن مصر وروسيا والإمارات تتجاهل قرارات الأمم المتحدة من خلال دعمها خليفة حفتر في ليبيا”.

وشدد ألطون على أنه “رغم كل هذا فإن تركيا لن تتخلى عن الدفاع عن السلام الإقليمي”.

واختتم بالقول: “من الآن فصاعدا تركيا في الميدان، عبر سياستها الخارجية الأكثر فعالية وكفاحها من أجل حقوقها السيادية”.

وفي إطار التحالف التركي القطري، قال أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ، إن الدوحة مستعدة لتقديم أي دعم أمني واقتصادي تطلبه حكومة الوفاق الليبية.

ونقل بيان لحكومة الوفاق، أن أمير قطر أكد خلال استقباله رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج أن “دولة قطر ستضاعف العمل من أجل أن تتجاوز ليبيا الأزمة التي تمر بها، مبديا الاستعداد لتقديم أي دعم تطلبه حكومة الوفاق الوطني في المجالين الأمني والاقتصادي”.

وأضاف البيان أن أمير قطر “جدد دعم بلاده لحكومة الوفاق الوطني ولجهود السيد الرئيس لتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا”.

حياد سلبي:

وعلى المستوى الخارجي؛ اعتبر البرلمان الأوروبي أن التهديدات الأخيرة التي أطلقها اللواء المتقاعد خليفة حفتر بهجوم واسع النطاق وشامل على قلب العاصمة طرابلس تشكل مصدر قلق بالغ.

وقال رئيس لجنة البرلمان الأوروبي المكلف بالعلاقات مع دول المغرب العربي أندريا كوزولينو إن مثل هذا الهجوم العسكري لن يؤدي إلا إلى مزيد من المعاناة للمدنيين الذين سبق لهم أن دفعوا ثمنا باهظا. ودعا الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي إلى إدانة هذه التهديدات، واتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع حمام الدم.

وحضّ قادة فرنسا وألمانيا وإيطاليا الجمعة كافة أطراف النزاع في ليبيا على وقف القتال.

وبعد اجتماع لقادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، أكّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي أنّ الاستقرار في ليبيا “يمكن تحقيقه فقط عبر حل سياسي”.

وأشار ماكرون إلى تأكيد قادة الاتحاد الأوروبي على ضرورة التسوية السياسية للوضع في ليبيا، وأعرب عن أمله أن يمكّن اجتماع برلين المقبل بشأن ليبيا من العبور إلى دولة جديدة، وفق تعبيره.

معارك لتحقيق مكاسب سياسية:

وكان حفتر قد أعلن عن بدء العمليات، مساء الخميس، في خطاب متلفز، قال فيه: “إلى جميع الوحدات العسكرية في محاور العاصمة، دقت ساعة الصفر، ساعة الاقتحام الواسع الكاسح التي ينتظرها كل ليبي حر شريف ويترقبها أهلنا في طرابلس بفارغ الصبر منذ أن غزاها واستوطن فيها الإرهابيون وأصبحت وكرا للمجرمين”.

وأضاف: “اليوم نعلن المعركة الحاسمة والتقدم نحو قلب العاصمة لتكسروا قيدها وتفكوا أسرها.. تقدموا الآن، تقدموا الآن، كل إلى هدفه المعلوم لتحطم القيود وتنصروا المظلوم وأوصيكم باحترام حرمات البيوت والممتلكات الخاصة والعامة ومراعاة قواعد الاشتباك ومبادئ القانون الدولي الإنساني”.

وبدأ حفتر هجوما، في أبريل ، لانتزاع السيطرة على طرابلس لكن الهجوم تعثر على مشارف المدينة

من جهته قال رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز السراج إنه ليست هناك ساعة صفر، ولا سيطرة، ولا اقتحام لطرابلس وأحيائها.

وأكد أن الليبيين مثلما واجهوا اعتداءات سابقة على بلادهم وعاصمتهم تحديدا، فسوف يذودون عنها أمام أي عدوان. وقال إنه لا يوجد مشروع في ليبيا سوى مشروع الدولة المدنية.