خراب اليمن
بقلم: دانييل لاريسون
(صحيفة “امريكان كنسرفيتيف”, ترجمة: انيسة معيض- سبأ)
تقارير القدس حول الأزمة الإنسانية المتفاقمة في اليمن: قال هشام العميسي المحلل السياسي اليمني المستقل، لـ “ميديا لاين”: “ليس هناك أي تطور يطفو على الأرض في الحرب على اليمن إلا أن الشيء الوحيد الملاحظ في وسائل الإعلام هو أن الوضع يحظى بتغطية اعلامية ضئيلة”.
ربما يكون هذا لان الصراع مرهق أو لأن الاحتجاجات في أماكن مثل لبنان والعراق قد اصبحت الموضوع الابرز لدى وسائل الإعلام أيا كان السبب، فإن الصراع في اليمن الذي يطلق عليه الآن “الحرب المنسية” يواجه خطر النسيان أكثر مع انه يتعلق الأمر بالكلفة الإنسانية.
تقول أوليفيا هيدون, المتحدثة باسم اليمن في المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة, إن أوضاع 3.6 مليون شخص من الذين نزحوا بسبب النزاع تدهورت في النصف الأول من العام بسبب الطقس, لقد هطلت بالفعل أمطار غزيرة تسببت في زيادة الوضع المأساوي لاولئك النازحين إضافة إلى الحرب, فالحرب في اليمن لا تزال أكبر أزمة إنسانية في العالم.”
لقد تم “نسيان” الحرب على اليمن مرات ومرات اكثر مما أستطيع إحصاءه حيث كان من الشائع وصف الحرب والأزمة الإنسانية بهذه الطريقة، إلا أن المشكلة هي ببساطة إهمال خارجي وتواطؤ تسبب في كارثة لا اساس لها من الصحة، في الوقت نفسه لم تتجاهل أو تنسى الحكومة الأمريكية والحكومات الغربية الأخرى اليمن.
على العكس من ذلك, لقد أولوها اسوأ انواع الاهتمام من خلال توفير الأسلحة والدعم للحملة العسكرية التي لا تنتهي للتحالف السعودي.
سيكون اليمن في وضع أفضل لو أن موردي الأسلحة للتحالف بقيادة السعودية ورعاته قد نسوا كل شئ عن اليمن، لكن العكس كان صحيحا. لقد هيمن على اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم وذلك نتيجة للحرب واستمراريتها.
لا تزال أعداد الأشخاص المعرضين للخطر من الجوع والمرض تثير حالة من الرعب حيث ان العدد في ازدياد مستمر أكثر فأكثر, فقد تفشى وباء الكوليرا هذا العام إلى حوالي أكثر من 750 الف حالة اصابة بالمرض, ومن جانبها, حذرت منظمة الصحة العالمية من أن نظام الرعاية الصحية المدمر في اليمن لا يمكن أن يتصدى للتفشي المستشري للأمراض بسبب الظروف التي خلفتها الحرب.
تحذر منظمة الصحة العالمية من تفشي الأمراض في اليمن كما ان الكثير من الناس يموتون بسبب نقص الرعاية الصحية والنقص الخطير في الإمدادات وقلة الموظفين في المجال الصحي.
إن الاقتصاد اليمني في حالة يرثى لها ونظام الرعاية الصحية في حالة الانهيار شبه كامل جراء أكثر من خمس سنوات من الصراع.
أشارت منظمة الصحة العالمية ان حوالي نصف المرافق الصحية في اليمن تعمل لكنها تعاني من نقص خطير في الأدوية والمعدات والموظفين وبالتالي، فان الفرق الصحية غير قادرة على التعامل السريع مع الأمراض والأوبئة المتفشية.
على سبيل المثال, مرض الكوليرا الذي تفشى في شهر يناير لا يزال مستمراً وحتى الآن أكثر من ثلاثة أرباع مليون شخص مصاب به ونحو 1000 شخص توفي جراء الاصابة بالوباء.
بالإضافة إلى انتشار الكوليرا، كان هناك أيضا انتشار لداء الخناق الذي أصاب المئات من الاشخاص الآخرين, كما انتشرت حمى الملاريا وحمى الضنك.
كما لا يمكن لعشرات الآلاف من مرضى السرطان تلقي العلاج بسبب الظروف الرهيبة والتكاليف التي لا يمكن تحملها.
يوجد تحدٍ آخر، بالطبع يتمثل في الأمراض الغير معدية, اذ يقدر نحو 35000 شخص مصاب بالسرطان من بينهم 10٪ من الأطفال وأكثر من مليون شخص يعانون من أمراض غير معدية لم يعودوا يتلقون العلاج المنقذ للحياة, إضافة إلى أن ما مجموع 7000 شخص مريض بالفشل الكلوي هم بحاجة ماسة إلى جلسات أسبوعية في عام 2019.
إن الحرب صعبت بشكل كبير إيصال الإمدادات الأساسية إلى الأجزاء المعزولة من البلد, وتحذر منظمة إنقاذ الطفولة من أن الآلاف من الأطفال الآخرين لا تصل الامدادات الغذائية لهم, وتكشف منظمة الطفولة اليوم: ان ما يقرب من 17 ألف طفل يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها في اليمن – ومعزولين نتيجة الحرب – يتعرضون لخطر متزايد للإصابة بسوء التغذية الحاد وبالنتيجة الى الموت إذا لم يتم حل مشاكل وصول المساعدات على وجه السرعة.
في الوقت الحالي, يصعب الوصول إلى 75 منطقة في اليمن وفقا للأمم المتحدة، وهي المناطق التي لا يمكن للجهات الفاعلة الإنسانية الوصول إليها بانتظام بغرض تقديم الخدمات الإنسانية بشكل مستدام.
يعيش أكثر من 4.4 مليون شخص في مناطق يصعب الوصول إليها, بما في ذلك حوالي 2.2 مليون طفل, في حين تعاني 80٪ من هذه المناطق نقصا في المواد الغذائية، وبهذا فهي تبعد خطوة واحدة من المجاعة وبالمقارنة، فإن نصف المناطق التي يمكن الوصول إليها تواجه هذا المستوى من انعدام الأمن الغذائي.
هناك 121 ألف طفل آخرين دون سن الخامسة في هذه المناطق يعانون بالفعل من سوء التغذية المتوسطة، وهم معرضون لخطر الانزلاق إلى سوء التغذية الحاد.
من غير المرجح أن يتلقى الأطفال في هذه المناطق الامدادات المنقذة للحياة مثل الأدوية والمكملات الغذائية العلاجية, حيث يتلقى 35% فقط من هؤلاء الأطفال الدعم الذي يحتاجونه منذ سبتمبر 2019.
من شأن المجاعة وانتشار الأمراض، التي يمكن الوقاية منها بشكل كبير، أن تجعل من الأزمة الإنسانية في اليمن واحدة من أهم الأخبار في العالم كل أسبوع, ولكن باستثناء بعض الموجات القصيرة من الاهتمام على مدى السنوات القليلة الماضية لا يكاد أحد يكتب عن ما يحدث لشعب اليمن, ولا تظهر على الإطلاق في التقارير التلفزيونية, وتكون مفاجأة عندما يتم طرحها في مناقشاتنا السياسية, ويقع العبء الأكبر على النشئ والضعفاء.
أوضحت سوانجين أن حوالي 12.3 مليون طفل هناك يعتمدون الآن على المساعدات الخارجية, كما يحتاج كل السكان في اليمن تقريبا ممن تقل أعمارهم عن 18 عاما إلى نوع من المساعدات الإنسانية حتى يتمكنوا من البقاء على قيد الحياة, فكل يوم من أيام النزاع يجعل الوضع الإنساني أسوأ”.
الملايين من الناس يتضورون جوعا بفضل السياسات التي تدعمها حكومتنا والمجاعة التي من صنع الإنسان والتي تكشفها بالكاد الجداول هنا.
يعاني مئات الآلاف من السكان من الأمراض التي يمكن الوقاية منها وعلاجها لكن المرافق الرعاية الصحية التي في البلد قد دمرت وأتلفت وتم قطع إلامدادات التي تصلهم من الأدوية والمعدات الأساسية.
لقد تم الحكم على الشعب اليمني بسنوات من العيش في الجحيم، وقد لعبت حكومتنا دورا مهما في التدهور الذي وصلوا اليه في حين يحتاج معظم الشعب اليمني إلى مساعدات كبيرة للتعافي من الكارثة التي حلت بهم خلال السنوات الخمس الماضية.
وأضافت “حتى لو توقف الصراع, سنظل نواجه الأزمة الإنسانية لمجرد أن توقف القتال لا يعني أن الجميع سيكونون قادرين على العودة إلى ديارهم على الفور أو الحصول على عمل كما كانوا عليه من قبل سيظلون بحاجة إلى دعم من المجتمع الدولي”.
لقد شاركت الولايات المتحدة في المساعدة بتدمير اليمن وتجويعه ويتعين على حكومتنا أن تفعل ما بوسعها للتوقف عن التسبب في المزيد من الضرر والمساعدة في إصلاح الأضرار التي تسببت بها سياستنا.
*دانييل لاريسون كبير المحررين في القيادة الجوية التكتيكية (TAC)
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.