لبنان.. تصعيد سياسي وشعبي ومخاوف من أزمة دستورية جديدة
السياسية – تقرير: عبد الخالق الهندي:
توقع محللون محليون وعرب أن تدخل لبنان في مرحلة جديدة من الأزمة الدستورية على خلفية الحراك الشعبي الذي أطاح بحكومة سعد الحريري الشهر الماضي بسبب الأوضاع الاقتصادية المتدهورة.
فإلى الآن لم يصل اللبنانيين إلى قرار حول تسمية رئيس الحكومة الجديدة الذي يقع عليه عب التشكيلة الوزارية، بعد اعتذار وزير المالية الأسبق محمد الصفدي.
الجديد في المشهد السياسي تأجيل جلسة للبرلمان اللبناني كانت مقررة الثلاثاء بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني عقب إعلان كتل نيابية، ومنها المستقبل، مقاطعتها الجلسة، بالتزامن مع تطويق المحتجون مقر البرلمان لمنع وصول النواب إليه.
يأتي ذلك في الوقت الذي أكد فيه الرئيس اللبناني، ميشال عون، أن الحكومة الجديدة ستكون سياسية وتضم اختصاصيين وممثلين عن الحراك الشعبي، والأوضاع الاقتصادية والمالية قيد المراقبة وتجري معالجتها تدريجيا.
وقال الرئيس عون في تغريدات على “تويتر”، إن “الهدف من عدم تحديد موعد الاستشارات النيابية هو ازالة العقبات أمام تشكيل الحكومة وتسهيل مهمة الرئيس المكلف”.. لافتا إلى أن إجراءات عدة اتخذت لتسهيل عمل المواطنين والمؤسسات.
وأشار عون إلى أنه سيحدد موعدا للاستشارات النيابية الملزمة فور انتهاء المشاورات التي يجريها مع القيادات السياسية المعنية بتشكيل الحكومة.
وفي مشهد آخر على خلفية تهم تتعلق بقضايا فساد، خرجت على العلن على وقع الاحتجاجات الشعبية، ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام ومصادر قضائية أن وزير الإعلام اللبناني جمال الجراح، ووزيران سابقان للاتصالات يواجهان المحاكمة في قضايا إهدار المال العام بعد إحالة قضاياهم إلى لجنة قضائية خاصة، شكلت لمحاكمة كبار المسئولين.
وقال الوزير الجراح إن تلك الإجراءات جزء من الحملة السياسية بقصد الإساءة والتشهير به.. مبديا استعداده للمثول أمام القضاء المختص وثقته عدم وجود أي شائبة في ممارسته للشأن العام في خدمة بلده حد وصفه.
وكان المدعي العام المالي في لبنان القاضي علي إبراهيم، استمع مطلع الشهر الجاري لإفادة رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة بتهم فساد، بعدما كان الأخير قد رفض الاستجابة لطلب المثول أمام القضاء.
ولمدة ثلاث ساعات تم استجواب السنيورة المتهم بالتعدي على المال العام وارتكاب مخالفات وعمليات فساد، لتقرر النيابة بعدها متابعة التحقيق معه لاحقا.
وتتواصل الاحتجاجات الشعبية في معظم المدن بما فيها العاصمة بيروت للشهر الثاني على التوالي على أمل أن تساعد في خروج لبنان من أزمة اقتصادية متراكمة كادت أن تعصف بالبلد، وكانت الضرائب الدافع الكبير لخروج هذا الحراك الشعبي.
وشهدت الخدمات في لبنان فتورا كبيرا بعد اغلاق معظم المرافق الخدماتية منذ اندلاع الاحتجاجات في الـ 17 من أكتوبر الماضي، والتصعيد في الشوارع.
وعاودت المصارف اللبنانية نشاطها الثلاثاء بعد توقفها لأسبوع بسبب اضراب الموظفين عن العمل، على خلفية تهديدات من العملاء الذين يريدون سحب أموالهم وكانت المصارف مغلقة منذ مطلع نوفمبر الجاري.
اصطفت طوابير أمام المصارف اللبنانية مع انتشار الشرطة أمام الفروع وفرض قيود مشددة على سحب العملة الصعبة والتحويلات إلى الخارج.
وسعيا لتجنب نزوح رؤوس الأموال، أعلنت جمعية مصارف لبنان، الأحد، أن الحد الأقصى للسحب النقدي من العملات الأجنبية ألف دولار أسبوعيا، وأن التحويلات إلى الخارج ستقتصر على الإنفاق الشخصي العاجل فقط.. فيما أكد مصرف لبنان المركزي أن الودائع آمنة وأن لديه القدرة على الحفاظ على قيمة الليرة اللبنانية المربوطة بالدولار.
وتعليقا على عراقيل تشكيل الحكومة، حمل حزب الله، الولايات المتحدة والسعودية المسؤولية عن “محاولة تأجيج الفتنة في لبنان.
واتهم عضو المجلس المركزي في حزب الله، نبيل قاووق، الأحد الماضي، في احتفال تأبيني في بلدة الصوانة الجنوبية، السياسة الأميركية والإعلام الإلكتروني السعودي بمحاولة دفع اللبنانيين إلى التصادم في الشارع”، قائلا إن “حزب الله نجح في قطع الطريق على الفتنة والإملاءات الأميركية وحرب أهلية تريدها إسرائيل”.
وأشار قاووق إلى أن المتظاهرين خرجوا إلى الشارع من أجل “إنقاذ البلاد والمطالبة بحقوقهم المعيشية”.. مؤكدا ان الدخلاء على الحراك الشعبي من القوى الحزبية وما وصفها بتدخلات من أمريكية يهدفون الى اغراق البلاد لتحقيق مكاسب سياسية”.
كما أكد قاووق حرص حزب الله على تسهيل كل الاتصالات والمشاورات من أجل تشكيل الحكومة.. محذرا من أن “هناك من يتعمد زرع الألغام في طريق تشكيلها بهدف تغيير المعادلات السياسية في البلاد”.