الشهيد الصماد.. شاهد على عظمة المشروع القرآني
السياسية || محمد محسن الجوهري*
مثل الشهيد صالح الصماد نموذجًا فريدًا للقائد الذي جسد معاني المشروع القرآني في فكره وسلوكه وجهاده. لم يكن مجرد رئيس سياسي أو قائد عسكري، بل كان رمزًا للأمة في صمودها وثباتها أمام التحديات والمؤامرات التي استهدفت اليمن أرضًا وإنسانًا. استلهم الصماد من المشروع القرآني قيم العدل والاستقلال والاعتماد على الله، وهو ما جعله في مقدمة المواجهة مع قوى الاستكبار التي تسعى لإخضاع الشعوب وإفقادها هويتها، مستندًا إلى قوله تعالى: "وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا" (النساء: 141).
عُرف الشهيد الصماد بعبارته الشهيرة "يدٌ تبني ويدٌ تحمي"، والتي أصبحت منهجًا عمليًا في بناء الدولة اليمنية رغم الظروف الصعبة التي فرضها العدوان. لم يكن هذا الشعار مجرد كلمات، بل كان استراتيجية متكاملة وظّف من خلالها إمكانيات الشعب اليمني في معركة التحرر والتنمية. وقد تجلى ذلك في تحركاته العملية، حيث عمل على تعزيز الإنتاج المحلي، ودعم التصنيع العسكري، وتقوية الجبهة الداخلية في ظل عدوان وحصار خانق. وقد شهدت فترة رئاسته تأسيس مشاريع وطنية مهمة، مثل دعم التصنيع الحربي، وتطوير قدرات الردع، وتأهيل المؤسسات التعليمية والخدمية.
لقد تأثر الشهيد الصماد بشكل كبير بالمشروع القرآني الذي أسسه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، حيث وجد فيه المنهج الصحيح لمواجهة قوى الاستكبار وإعادة الأمة إلى مسارها الصحيح. كان الصماد أحد تلاميذ الشهيد القائد الذين استلهموا منه القيم العظيمة في التضحية والصبر والإخلاص لله، والسعي لتحرير الأمة من هيمنة الطغاة والمستكبرين. وقد انعكست هذه القيم في حياته العملية، حيث تحرك بكل إخلاص لخدمة القضية العادلة التي ناضل من أجلها الشهيد القائد، وأصبح نموذجًا للقيادة القرآنية التي تسعى لبناء دولة مستقلة تقوم على العدل والكرامة.
إن سيرة الشهيد الصماد تعكس صورة مشرقة لقائد حمل هم الأمة الإسلامية، وتحرك بروح المسؤولية بعيدًا عن المصالح الشخصية والمكاسب الضيقة. كانت حياته نموذجًا للتضحية في سبيل الله، حيث واجه المخاطر بصبر وثبات حتى ارتقى شهيدًا في سبيل الدفاع عن سيادة اليمن واستقلاله. وكما قال الله تعالى: "وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ" (آل عمران: 169). لم يكن استشهاده خسارة فقط، بل كان محطة فارقة في مسيرة الشعب اليمني، حيث تحوّل دمه الطاهر إلى وقود يزيد من صمود وثبات الأحرار في مواجهة الطغيان والاستبداد.
لقد أدرك الشهيد الصماد أن المشروع القرآني هو الحل الوحيد لمواجهة الهيمنة والوصاية الأجنبية، فعمل على تجسيده في كل تحركاته ومبادراته السياسية والاجتماعية والعسكرية. وكان يسعى دائمًا لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الهوية الإيمانية، مقتديًا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة الهدى الذين لم يخضعوا للباطل يومًا. واليوم، وبعد استشهاده، يبقى نهجه حيًا في قلوب أبناء اليمن وكل الأحرار، شاهدًا على عظمة المشروع القرآني الذي سعى لترسيخه وتحقيقه في واقع الأمة. إن إرثه لم ينتهِ، بل أضحى منارة تهدي الأجيال القادمة نحو طريق الحرية والكرامة والعزة.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب