تفعيل مبدأ "المعاملة بالمثل" مع الكيان المؤقت
السياسية || محمد محسن الجوهري*
يسعى محور المقاومة والجهاد إلى فرض نوع من التوزان العسكري لردع العدوان الصهيوني، والحد منه قدر الإمكان، فيما يتعلق بحجم جرائمه في غزة، لكنه يراعي في كل ذلك المعايير الدينية والأخلاقية، ويتجنب استهداف المناطق السكنية وقتل المدنيين، وهذا بدوره شجع الكيان على ارتكاب المزيد والمزيد من سفك الدماء بحق نساء وأطفال القطاع.
والحقيقة أن الحرب الأخلاقية لا مكان لها في قاموس العدو، فهو كيان غير أخلاقي وقائم على ارتكاب كل حماقة إجرامية من شأنها الإضرار بأي طرف أو شخص من خارج الطائفة اليهودية، والتي أغلب المنتمين إليها جنود في جيش العدو، وجميعهم قدموا إلى الأرض العربية لاحتلالها وقتل أهلها وتشريد من بقي منهم، وبالتالي لا حرج في استهدافهم حتى في منازلهم، وكل المبادئ الدينية والوضعية لا تتعارض مع ضربهم والتشريد بهم.
فمبدأ "المعاملة بالمثل" قائمة في أغلب مناطق العالم، وفي القانون الدولي هو قاعدة قانونية تُستخدم كوسيلة لتنظيم العلاقات بين الدول، كما يُعتبر هذا المبدأ أساسياً في عدة مجالات، أهمها الملفان الأمني والعسكري، وبذلك لا حجة لمحور المقاومة في تحييد الأحياء السكنية في المدن والمغتصبات الصهيونية من بنك أهدافه، بل ينبغي التركيز عليها وجعلها خاوية على عروشها، تماماً كما يفعل الكيان نفسه مع أطفال ونساء غزة، داخل بيوتهم وخارجها.
ولو افترضنا أن سورية - مثلاً - ردت على قصف الكيان لدمشق وسائر مدنها بقصف تل أبيب والقدس المحتلة، وقتلت مستوطنين صهاينة، فإن العدو سيتوقف حتماً عن عدوانه المتكرر على الأراضي السورية، والكلام ينطبق على إيران أيضاً، فلو وجهت ضرباتها الصاروخية إلى المستوطنات والتجمعات اليهودية ولو لمرة واحدة، فلن يجرؤ الكيان على تنفيذ أي مؤامرات أمنية أو حتى اقتصادية ضد الجمهورية الإسلامية.
والأهم من ذلك، أن "إسرائيل" تبقى كيان مصطنع وغير طبيعي، فأغلب سكانه مهاجرون يهود، وسيضطرون إلى الرحيل إذا أدركوا أن الموت يحوم في الأفق، كما فعل الكثير منهم بعد انطلاق عملية طوفان الأقصى المباركة قبل أكثر من عام، وقد يتلاشى الكيان بالتدريج مع استمرار العمليات المنكلة لحزب الله بمستوطناته ومغتصباته.
إضافةً إلى ذلك، فإن مبدأ المعاملة بالمثل يضمن حق خصوم "إسرائيل" في تنفيذ عمليات اغتيال ضد مواطنيها داخل وخارج الأرض الفلسطينية المحتلة، ويحق لمحور المقاومة أن يجعل من الدول العربية المطبعة ساحة لتنفيذ اغتيالات منظمة ضد الشخصيات والسياح الصهاينة، كما يفعل الكيان مع خصومه حول العالم خاصة في العالم العربي، حيث نفذ جرائم كثيرة مماثلة، منها اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح عام 2010، ومحمد الزواري في تونس عام 2016، وفادي البطش لاحقاً في ماليزيا.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب