"إسرائيل" مكان غير آمن لقادتها!
علي حيدر*
أدخلت محاولة اغتيال رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو "إسرائيل" في مرحلة أمنية جديدة مغايرة لكل ما سبق. فهي تجسّد إرادة الارتقاء إلى أقصى حد ممكن في استهداف قادة العدو الذين سيتحولون في أعقاب ذلك إلى هدف دائم لمُسيّرات المقاومة وصواريخها، الأمر الذي يُعمّق الشعور بفقدان الأمن الشخصي والجماعي ويُقوّض صورة "إسرائيل" كملاذ آمن، فيما هي غير قادرة على حماية مسؤوليها وقادتها.
لا تندرج محاولة اغتيال نتنياهو فقط ضمن إطار العمليات النوعية للمقاومة، وإنما تشكل حدثاً استثنائياً في تاريخ كيان العدو. الميزة الأخرى أن ذلك تمّ عبر مُسيّرة انطلقت من الأراضي اللبنانية ونجحت في تجاوز منظومات الكشف والاعتراض بعمق 70 كلم، ووصلت إلى هدفها بعدما فشلت المروحيات في إسقاطها. ويجسّد هذا الحدث الاستثنائي حقيقة تطور عمليات المقاومة إلى مستوى مختلف عندما قررت ونفّذت العملية ضد رأس مؤسسة القرار السياسي المسؤولة عن الحروب والمجازر التي ترتكبها "إسرائيل".
وقد جاءت العملية النوعية بعد سلسلة ضربات وجّهها العدو إلى قيادة المقاومة وعلى رأسها الأمين العام لحزب الله الشهيد السيد حسن نصرالله، وفي أعقاب سلسلة طويلة من المجازر وسياسات التدمير التي بالغ في تقدير مفاعيلها على حزب الله وبيئته التي حافظت على التفافها حول المقاومة.
وهي تشكّل محطة فاصلة في سياق تسلسل العمليات النوعية التي يبدو أن المقاومة انتقلت إليها كجزء من خطتها التي تهدف إلى تعميق الضغوط على الواقع "الإسرائيلي" في المسارات المجتمعية والنفسية والأمنية والعسكرية. كما جسّدت العملية ترجمة عملية لبيان غرفة عمليات المقاومة الإسلامية بالانتقال إلى مرحلة جديدة وتصاعدية في المواجهة، ولإعلان نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم عن استراتيجية إيلام العدو.
وبهذا المعنى فما جرى هو ترجمة لهذه العناوين التي يُتوقع أن نشهد استمراراً لها في ضوء قرار حزب الله مواصلة وتصاعد العمليات القاسية التي تستهدف العمق "الإسرائيلي". وهو ما يعزز قلق قادة العدو، سيما انه يترافق مع عملية تعاف متسارعة لحزب الله على المستويين التنظيمي والعسكري.
وتفرض العملية تحديات امنية كبيرة على "إسرائيل"، فهي تؤشر إلى أن كل قادة العدو أصبحوا في دائرة الاستهداف. ولا يمكن استبعاد احتمال أن تكون المقاومة قد أجّلت استهداف أيّ من القادة الآخرين حتى لا يأخذ المزيد من الإجراءات الأمنية. أما الآن، فقد تحوّلت "إسرائيل" إلى مكان غير آمن لكل القادة السياسيين والأمنيين، وبات على الشاباك اتخاذ إجراءات أمنية مشددة لن تستطيع توفير الحماية من استهدافهم عبر الجو.
يحصل ذلك، فيما دخلت الحرب مرحلة جديدة، بعدما باشرت المقاومة عملية تحويل شمال فلسطين المحتلة حتى خط حيفا - طبريا إلى ساحة استهداف دائم، وحيث ينتقل الاستهداف بشكل مدروس إلى منطقة الوسط وتل أبيب الكبرى. وهو يرفع مستوى الضغوط على الواقع "الإسرائيلي"، لما لهذه المنطقة من خصوصية مجتمعية واقتصادية وسياسية.
على ان للعملية بعدها العملياتي أيضا، اذ نجحت المُسيّرة في تجاوز كل منظومات الاعتراض الجوي مع ما يؤشر إليه في قادم الأيام أيضا، كونها عكست تطوراً تقنياً لافتاً، بقدرتها على عبور 70 كلم في ظل الحد الأقصى من الاستنفار والجهوزية، ورغم اكتشافها لم ينجحوا في إسقاطها، فضلاً عن كونها تأتي بعد ستة أيام من عملية بنيامينا التي أدت إلى مقتل وإصابة عشرات الجنود من لواء غولاني.
* المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب ـ موقع جريدة الأخبار اللبنانية