نصر الله مشروع قائم في نفوس المجاهدين
السياسية || محمد علي القانص*
استشهاد القائد العظيم السيد/حسن نصر الله (رضوان الله عليه) يعد اصطفاء إلهي ونقلة إلى الحياة الأبدية والنعيم الدائم، فهذا القائد الشجاع قضى عمره منذ بداية شبابه وحتى استشهاده في سبيل الله، بعد أن أتاه الله الحكمة والبسطة في الجسم والعلم.
فهو القائد العربي والإسلامي الوحيد الذي انتصر في كل معركة قادها ضد الكيان الصهيوني منذ توليه قيادة الحزب في شباط ١٩٩٢م وإلى أن نال الخاتمة التي تليق به وبعظمة تضحياته وصبره وجهاده، فهو من حفظ ماء وجه هذه الأمة في زمن لم يجرؤ زعماء العرب وجحافل جيوشهم أن يتكلمون ولو بكلمة قوية في وجهة المحتل الصهيوني الغاصب.
ومن يفتش في صفحات التاريخ سيجد السيد حسن نصر الله، ممن خُلد ذكرهم بالمواقف الشجاعة والمشرفة التي ترفع رأس الأمة سنة وشيعة، ومن تلك المواقف انتصاره على الكيان الغاصب بحرب تموز ٢٠٠٦م في ملحمة بطولية استمرت حوالي ٣٣ يوماً، وأجبرت الاحتلال على الانسحاب ورفع راية الاستسلام، وغيرها من المواجهات المباشرة مع عدو الأمة، بالإضافة إلى المواقف الأخوية والشجاعة والمحقة التي اتخذها انتصاراً للشعوب المظلومة، ومنها مناصرة الشعب اليمني حين تحالف ضده الغرب وعملائهم من العرب وعلى رأسهم السعودية والإمارات في عام ٢٠١٥م، واعتبر السيد حسن - في خطاب متلفز له- ذلك الموقف أنه من أشرف وأعظم المواقف في مسيرته الجهادية، كما له مواقف قوية لمناصرة الشعب السوري الذي تعرض لهجمة شرسة عام ٢٠١١م، في أحداث ما يسمى "الربيع العربي" ومشاركة مجاهديه للجيش السوري في معركته مع التنظيمات الإرهابية التي عملت على تنفيذ أجندات أمريكية وخليجية سعت إلى تدمير سورية وتمكين المجرمين من رقاب أبنائها والسيطرة على بعض الأراضي وتسليمها في نهاية المطاف للقوات الأمريكية.
أما موقف شهيد الإسلام والإنسانية السيد/ حسن نصر الله، الثابت مع الشعب الفلسطيني المظلوم في قضيته العادلة، فقد عمّده بدمه الطاهر وروحه العطرة التي لقيت ربها بعد استهداف صهيوني للضاحية الجنوبية في لبنان، بـ ٨٥ قنبلة أودت بحياة الكثير من البشر على رأسهم السيد نصر الله، في جريمة بشعة وجبانة، إن دلت على شيء فإنما تدل على أن مرتكبيها جبناء مجرمين حاقدين على الإسلام والمسلمين بالدرجة الأولى، وعلى البشرية جمعاء بالدرجة الثانية.
الحديث عن مسيرة سيد شهداء العصر/حسن نصر الله، لا يتسع له مقال أو مجلدات؛ لأن حركته العملية والعلمية والميدانية والجهادية أكبر وأوسع من المؤلفات والمجلدات التي لن تستطيع أن تفِ بحقه، فهو مشروع قائم في نفسية كل مجاهد في حزب الله بذل نفسه وماله في سبيل الله، وتحت قيادة أعلام الهدى من آل المصطفى، وسيظل شوكة في حلوق اليهود والمنافقين إلى قيام الساعة.
أما استشهاده لن يزيد المجاهدين إلا صبراً واحتساباً ومواصلة لمشواره الجهادي المتميز الذي استطاع من خلاله كسر شوكة العدو في مواجهات عديدة، إذ أنه لم يخسر أي معركة مع الكيان الغاصب المؤقت حتى اصطفاه الله شهيداً، فالسيد حسن كان يؤكد باستمرار أن سقوط العظماء لا يعني توقف الجهاد بل مواصلة التحرك بعزيمة وصلابة وإيمان بالله والقضايا المصيرية للأمة وفي مقدمتها قضية فلسطين.
وفي نعي السيد القائد الشجاع/عبدالملك بدر الدين الحوثي في مصاب السيد/ حسن، حث الأول الجميع على مواصلة المشروع الجهادي والسير على درب الشهداء العظماء الذين ارتقوا في سبيل الله وانتصاراً لقضايا الأمة، حتى يخيب بذلك أمل الكيان الصهيوني المجرم، داعيا إلى المزيد من التصعيد ضد قوات الاحتلال، وتطوير الأداء، كما أكد أن راية الإسلام ستبقى مرفوعة ومستمرة رغم أنف الكيان الصهيوني.
صحيح أن من أعظم نكبات الأمة أن تفقد عظماءها كما قال الشهيد القائد/حسين بن بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)، ولكن ذلك لا يعني الجمود والوهن في مواجهة اليهود والنصارى، بل الاستفادة من الدروس وأهمها عدم التفريط والتقصير والاهمال في الأعمال الجهادية والعمل بروح العطاء والتضحية في سبيل إعلاء كلمة الله، وهذا هو نهج الأنبياء والأتقياء والأولياء والصادقين أمثال السيد حسن والشهيد/ إسماعيل هنية، ومن سبقهم من الشهداء العظماء الذين قضوا نحبهم في مواجهة الصهيونية العالمية التي تنخر في جسد الأمة المحمدية، بكل الوسائل وأرخصها العملاء والمرتزقة من المنافقين الأعراب الأشد كفراً ونفاقاً، واستخدامهم لتدمير شعوبهم وطمس هويتهم الإيمانية.
ويسعى الصهاينة من خلال جرائمهم واستهداف قيادات حركات الجهاد والمقاومة إلى إضعاف معنويات المجاهدين، كما فعلوا عبر وكلائهم في اليمن عام ٢٠٠٤م، حينما قتلوا الشهيد القائد/ حسين بن بدر الدين الحوثي بطريقة وحشية وإجرامية، معتقدين بذلك أنهم أنهوا المشروع القرآني الذي انطلق به، إلا أن دمائه الطاهرة حفزت المجاهدين آنذاك حتى صنعوا المعجزات بعد أن اصطفى الله القائد العلم عبدالملك الحوثي لمواصلة المسيرة القرآنية.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب