من يُحيي سيرة نبيه هو من يناصر المظلومين
أمة الملك الخاشب*
المتأمل في وتيرة الأحداث في العام الأخير وتسارع عجلتها ومتغيراتها سيلاحظ أن هناك أمرا يحدث يرفع من شأن اليمنيين أنصار رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأن هناك إرادة الهية هي الماضية مهما كاد الأعداء ومهما تأمروا، ويتأمل كذلك بأن الوعود الإلهية تتحقق مهما كانت التضحيات أليمة وجسيمة ولكن من استجاب لله وللرسول ولبّى الدعوة الى الجهاد في سبيل الله وتنفيذ توجيهات الله تعالى في كيفية إعداد العدة والمواجهة والتهيئة النفسية والمعنوية واستقراء الأحداث التاريخية لا بد أن يكون الله معه ولن يخذله وفقا للسنن الكونية المعروفة.
منذ أحداث عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر في العام 2023 الذي قلب متغيرات كثيرة وأطاح بما كان يسمى مسلّمات منتشرة عبر وسائل الاعلام وعبر الأجيال وبثت في النفوس الإحباط والاستسلام وروح الهزيمة وكأنها قواعد لا يمكن الخروج عنها ومن هذه القواعد المكذوبة التي استخدموها كأنها مسلّمات أن أمريكا القوة العظمى التي لا يمكن أن تقهر ولا يمكن أن تهزم ولم يخلق بعد من يستطيع مواجهتها، وكذلك الأكاذيب التي كانت كالقواعد على الجميع أن يؤمن بها هو أن جيش الإحلال الإسرائيلي و"الموساد" لا يمكن أن يهزم أبدا لأن القائمين عليه عظماء وشجعان وأقوياء ومجرمين لا يرحمون بشرا .. الخ، تلك الأقاويل التي عشعشت في أدمغة ألاف بل ملايين البشر من أجيال العرب والمسلمين وحتى من غير العرب.
جاءت الأحداث الأخيرة لتثبت ضعف هذا الكيان وهشاشته وبأن اختراقه بل وهزيمته أمر ليس بالصعب أبدا رغم كل إمكاناته، إضافة الى ظهور وتجلّي حقيقة القوة الامريكية في البحر الأحمر التي عجزت تماما عن السماح بمرور سفينة واحدة الى كيان العدو الصهيوني عبر ما يسمى ميناء "ايلات" ام الرشراش حتى أعلن الميناء افلاسه تماما .
في البداية سخر كثير من المحللين من عمليات البحر الأحمر وشككوا في جدوايتها وقللوا من أهميتها بحجة أن العدوان الصهيوني على غزة مستمر، وطبعا هو سيستمر لأن اليهود بطبيعتهم معاندين ولا يعترفون بخسائرهم ويكابرون ويحاولون تطمين المستوطنين بان الأمور على ما يرام ولم تخرج الأمور عن سيطرتهم، حتى فاحت رائحة خزيهم وذلهم وخوفهم وتخبطهم وهشاشة الوضع الداخلي لهم وعدم رضاهم عن ما تفعله حكومة النتن ياهو في سرعة كتابة سطور النهاية الحتمية لهذا الكيان الزائل والمؤقت والذي تأسس على يد عصابات صهيونية تأمرت مع بعض حكام العرب ومع بريطانيا لإحتلال أرض ليست لهم وتهجير أهلها وتأسيس كيانهم على الدماء والأشلاء والجرائم التي لن ينساها التاريخ.
موقف اليمن تجلّى لكل ارجاء الكرة الأرضية حتى لدول لم تكن تسمع بهذا اليمن لا من بعيد ولا من قريب ! فلماذا يا ترى تصدر اليمانيون المواقف الشعبية في نصرة فلسطين في مظاهرات أسبوعية لمدة عام كامل دون ملل ولا كلل ولا فتور؟؟ ولماذا تتجدد العزائم وتحيا الروح الثورية في النفوس وتتجلى الهوية الايمانية الثابتة والراسخة رسوخ الجبال في أبناء هذا الشعب اليمني الأصيل؟
سأجيبكم بإختصار وفي سطور قليلة وهو أن من يباهي بنبيه بين الأمم ويحيي ذكرى مولده بكل لهفة وبكل شوق وبكل محبة في الأعوام الأخيرة منذ أكثر من عشر سنوات وبحشود مليونية مهيبة لم يشهدها التاريخ الإسلامي من قبل، حتى يتم تناقل تلك المشاهد المهيبة والرهيبة وهم يعلنون ولاءهم للنبي الأعظم محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) ويفخرون بسيرته الجهادية في مقارعة الكفار والمنافقين، وفي تعامله الراقي مع بقية الخلق كرحمة مهداة لكل العالمين، هؤلاء أنفسهم ومن آثار احياءهم لكل المبادئ والقيّم النبوية هم من كانت مواقفهم تجاه إخوانهم في فلسطين تدهش العالم، فمن يحيا قلبه بحب النبي وبتجسيد سيرته لا يمكن أبدا أن تكون مواقفه متخاذلة وذليلة تجاه جرائم العدو الوحشية اليومية في قطاع غزة من فلسطين المحتلة.
سيرة النبي محمد (صلى الله عليه وآله) ليست مجرد فعاليات واحتفالات وألوان خضراء وتنتهي المناسبة، بل هي تجسيد عملي في الواقع وفي الميدان وهذا ما مثله السيد القائد عبدالملك الحوثي والشعب اليمني المستجيب لله ولرسوله ولداعي الحق إذا دعاه لما يحييه، فكانت الخطابات الأسبوعية التحفيزية المذكرة الأمة بواجباتها والمحذرة من عقوبة التفريط والتخاذل، كانت خطابات السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي هي المساهم الأول في استمرار حالة السخط الشعبي ضد اليهود وحالة التضامن الشعبي المستمر مع فلسطين دون ملل.
صحيح أن الشعب اليمني يعاني من ويلات الصراعات والحروب التي يمولها العدو بل ويشارك فيها لغرض انهاك واشغال الجبهة الداخلية وافقار الشعب وتغييبه وابعاده عن قضايا الأمة المركزية واشغاله بشئونه الداخلية المتدهورة، ولكن هذا الشعب تصدر الموقف الأول بين شعوب المنطقة في اتخاذ موقف حق والتفاف حول القيادة وتفويض لاتخاذ أي خطوة عسكرية تصعيدية فيها جانب من الردع لهؤلاء السفلة القتلة في فلسطين المحتلة والذين يتباهون يوميا لارتكابهم أبشع الجرائم بحق المدنيين العزل الأبرياء ويعتبرون هذا نصرا لهم بعد فشلهم الذريع أمام ابطال المقاومة الفلسطينية الذين ضربوا أروع الأمثلة في الصبر والصمود في أحلك الظروف وهم يواجهون ألة الاجرام الامريكية الصهيونية وبدعم غربي وتخاذل بل وتأمر عربي من الدول المطبعة والمحيطة لفلسطين والتي جعلت من معابرها وطرقها جسورا لمد هذه العصبة الصهيونية بالبضائع والاطعمة التي عجزوا عن ايصالها لهم بسبب الحصار الذي فرضه اليمنيون في البحر الأحمر .
كان حتى دور الشعوب العربية ضعيف ولم يرق الى الموقف المطلوب منهم أمام الله وأمام واجبهم الديني والأخلاقي والإنساني في نصرة إخوانهم في الدين والعقيدة والعروبة وهم يذبحون يوميا ويتم حصارهم وتجويعهم واقتحام المستشفيات وتدمير المدارس والعمارات السكنية على رؤوس ساكنيها، ويتم تعذيب الأسرى بطرق لا تمت للإنسانية بصلة وكل هذا والعالم المنافق الذي يتغنى بالحقوق والحريات والديمقراطية والسلم الاجتماعي وغيره من المسميات يتفرج بصمت مخزي يجعل كل دراسي القوانين الدولية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية يخجلون من أين يتكلموا عن أي قوانين أو حقوق أو يدرسوها لطلابهم وهي لا تتعدى من الصفحات المكتوبة عليها ولا تطبق حتى كأقل حد ممكن، لأن الجبروت الصهيوني والاجرام الأمريكي البريطاني تعدى كل حدود المعقول...
فالاحتفاء بالمولد النبوي بكل حب ولهفة وشوق للاستماع بهذه السيرة العطرة الطاهرة التي تحيي القلوب وتشرح النفوس وتمثيل القدوة لكل الشعوب العربية والإسلامية التي بدأت تهتم بذكرى المولد النبوي الشريف منذ اطلالة ربيع الأول تأثرا وتأسيا باليمنيين سيكون لها الأثر في الواقع الفعلي.
ومن كان يغضب لمقدساته ولحرق القرآن ولكل قضايا الأمة المركزية هؤلاء هم من كانت لهم مواقف تاريخية وبطولية في دعم أبناء غزة لن تنساها الأجيال ولن تضيع عند الله سبحانه وتعالى فالله لا يضيع أجر العاملين ولا أجر المحسنين المجاهدين، هؤلاء من ناصروا النبي قولا وعملا هم الأنصار في الماضي والحاضر، وهم من تخافهم إسرائيل وامريكا ليس لقوة سلاحهم وعزمهم فقط ولكن لقوة عقيدتهم الراسخة في أعماقهم والمتجذرة في وجدانهم والتي مفادها يقول بأن الله يقاتل معهم ولن يتخلى عنهم. فهو القائل سبحانه (ان تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) وهذا وعد إلهي ثابت لا يتغير بتغير الزمان أو المكان ومن أصدق من الله قيلا.
* المصدر : موقع قناة العالم
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه