قراءةٌ أوليةٌ لجديد اعترافات الخلية
سند الصيادي*
كانت مؤامرةً مزدوجةً على التعليم الأَسَاسي والثانوي والجامعي، مؤامرةً ذاتِ أبعادٍ متعددة ومتشعِّبة الفائدة لهم، وكذلك في الأثر السلبي الكارثي علينا كأُسرةٍ ومجتمعٍ وَوطن وَأمّة.
بقدر ما كان تغييرُ المناهج باباً لنهب أموال البلد وَإغراقِه بالديون لمصلحة صناديق نقدهم الدولية ونفقاتِهم الشخصية، وبقدر ما كانت تلك البرامجُ والخطط مَنْفَذاً للحصول على معلومات ذات أهميّة استخباراتية، فقد كان لها عميق الأثر في التجهيل لا التنوير، في التجريف للهُــوِيَّات والقيم والمعتقدات لا الترسيخ لها، في تنشئة جيل بلا فاعلية وليس جيلاً متعلماً قادراً على مواكبة التطورات العلمية والتعامل معها.
كان المسار يمضي على قدم وساق نحو تنشئة جيل مدجَّنٍ منزوع المخالب والقضية، جيل لا النساء فيه نساء ولا الرجال رجال، وباسم السلام والتعايش كان يمضي مخطّط التغريب شيئاً فشيئاً بلا هلع ولا استعجال ولا انصدام حاد مع المجتمع، تحت الرماد كانت النار الهادئة تلتهم مفاهيمَ ومبادئَ وَأجيالًا برسم التطوير والتحديث والمواكبة.
وحين نتحدث عن مخطّط التغريب للأجيال، فَــإنَّنا يجب أن ننوّه أنه تغريبٌ مجتزَأٌ ومنقوصٌ، تغريبٌ يركز على المسخ من خلال ضخ الثقافات الغربية الخطيرة والخبيثة لا محاكاة النموذج الغربي في العلوم النافعة.
ومن استهداف الطفل منذ التهجئة، حتى الشباب في مراحل تعليمهم المختلفة كانوا يعملون وفق خطط تراتبية متسقة المسار موحدة الأهداف، كانوا يتدخلون في أدق التفاصيل التي يعتبرها البعض غير ذات أهميّة، أَو بكونها عفوية، لدرجة أنك لو قلت لأحد قبل كذا عام من هذه الاعترافات إن هذه الفقرة أَو تلك “الرسمة” في كتاب ابتدائي غير بريئة وتقف وراءها إيحاءات معينة صنعتها أجندة أمريكية وصهيونية.. لسخروا منك حتى العقلاء ولاتهموك بالهلوسة!
ما كان ينقصنا كان أكبر سلاح في ميدان المواجهة، سلاح الوعي الإيمَـاني والمعرفة الدينية والإنسانية الحقيقية بالعدوّ، بشخوصه وَأهدافه وَأساليبه، وعندما كان هذا السلاح غائباً، كانت المشاريع تنفُـــذُ إلى كُـلّ تفاصيل حياتنا بلا حارس ولا رقيب.
واليوم ونحن نراكم هذا الوعي بهذه الشواهد الموثقة على لسان جنود الغزو في الميدان، فَــإنَّ المسؤولية تحتم علينا ألَّا نتوقف عند هذه المشهدية بالجدل أَو التعامل معها كمرحلة طوينا تفاصيلها، بل بتحصين الأجيال القادمة منها، من خلال تدريس مخطّطاتها والتوعية منها، ومن خلال ثورة في التعليم المنهجي، بأيادٍ وخبرات يمنية مؤمِنة تحافظُ على الهُــوِيَّة وَتواكبُ المتطلباتِ العلمية العالمية.
* المصدر : صحيفة المسيرة
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه