السياسية || محمد محسن الجوهري*

هكذا أفتى الشيخ السعودي محمد بن صالح العثيمين في رده على فتوى حول الموضوع، باستثناء من يتعلم الإنجليزية من أجل الدعوة إلى الله، فلا بأس بذلك أما من كان له هوى خلاف ذلك فهو ضال، خاصة أولئك الذين يزعمون أن لهم ميل لدراسة اللغات الأجنبية.

وأضاف الشيخ أن دراسة الإنجليزية وغيرها من دراسة اللغات الأجنبية يورث النفاق، لأنه يتطبع بطباع أهلها الذين هم بطبيعة الحال كفار، كما أن الأب إذا أدخل أبناءه لمدرسة إنجليزية فهو محاسب أمام الله، لأنه أعانهم على محبة الكفار، فالطفل -حسب رأي ابن عثيمين- يعشق أهل اللغة الذي تعلمها.

وكما وضحنا، فقد استثنى ابن عثيمين من يدرس اللغة بغرض الدعوة إلى الله، حسب وصفه، فهذا لا يُكفَّر لأن الغرض من تعلمه اللغة غرض خير، شرط أن يكون مقيماً في بلدٍ ناطق بها، وكي يسهل له دعوة أهلها إلى الإسلام.

وأنا هنا لا أسخر من الشيخ السعودي بل أستغرب لماذا لا تعمل السعودية وفق فتاويه، وعلى أي مبرر هُرعت المملكة إلى تثقيف كل النشء بثقافة الغرب التي هي ثقافة منحلة، وللاتباعها العواقب الكارثية في الحاضر والمستقبل، فالهدف من دراسة أي لغة ينبغي أن يقتصر على اللغة من أجل مصلحة معينة، ولا أن يشمل دراسة كل جوانب الثقافة الدينية والشعبية للناطقين بها، ومحاولة تقليدهم واتباع نمط حياتهم في كل شيء حتى في الملبس والمأكل.

وكما قال الإمام علي عليه السلام: "لا ترى الجاهل إلا مفرطاً أو مفرِّطاً"، فآل سعود تبنوا في البداية سياسة معادية لكل أشكال الانفتاح على الآخر ومعرفته، ثم انقلبوا عليهاً كلياً واعتنقوا الانفتاح الذي يعني تقديس الغرب بشكلٍ مطلق وهذه سياسة ربما ممنهجة وللغرب فيها يد، فكلنا نعلم أن حكم المملكة يبقى موالياً للإنجليز والأمريكان منذ تأسيسه، ولا غرابة أنهم أرادوا إظهار الإسلام بالمظهر المتزمت تمهيداً لمرحلة الانفتاح المفرط الذي تعيشه اليوم.

والأصوب أن نبقى على مسافة من كل ذلك الإفراط والتفريط، فالسعودية ليست قدوةً في الدين، كما أنها ليست قدوة في سائر مجالات الحياة، وليكن انفتاحنا على الغرب بقصد التأثير لا التأثر، وبغرض دراسة العلوم التطبيقية لا الفلسفية، فالمسلم لا ينقصه العقيدة والثقافة الدينية، كما أن العلوم الطبيعية وقف لكل البشرية، وليس للبعض أن يحتكرها أو ينسبها لنفسه.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب