السياسية || محمد محسن الجوهري*

طال الحديث عن الرد العسكري الوشيك ضد الكيان، وكأنه الحلقة الأخيرة في سلسلة الصراع مع العدو الصهيوني وهو ما يتمناه العدو نفسه، وكذلك الأنظمة العميلة الموالية له كالسعودية والإمارات، إلا أن الرد على جرائم الصهاينة أكبر من من مجرد ردٍ آني، وحسب، فالمعركة قائمة ومستمرة حتى زوال الكيان الصهيوني، وما طوفان الأقصى إلا جولة متقدمة من تلك المعركة والقادم بعدها أشد وأنكا.

ومن يتأمل وضعية المجاهد الفلسطيني سواءً في غزة أو الضفة، يدرك أن المقاومة تزداد قوةً وصلابة مع كل جولة عسكرية من الصراع مع العدو الصهيوني، وشتان ما بين حالها عشية اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى أواخر الثمانينيات، وحالها اليوم، فالمقلاع والحجر تحولا إلى قواذف تأتي مدرعات اليهود من القواعد، فتجعلها أثراً بعد عين، وهذه حقيقة يعلمها العدو الإسرائيلي جيداً، ويدرك خطورة الجولة القادمة، سيما وأن الواقع العربي قد تغيَّر كثيراً منذ حقبة الثمانينيات.

ولو تدبر اليهود التاريخ المعاصر، وقد فعلوا ذلك بلا شك، سيجدون كيف تغيرت الأوضاع والظروف لصالح القضية الفلسطينية، رغم حجم الإفساد الذي فرضوه على الزعماء العرب، وكيف أن أسباب الهلاك لكيانهم تتوالى بكثافة، بينما وضعية قواتهم تتراجع يوماً بعد آخر، وقد نجحت غزة في استنزاف قدرات الجيش الصهيوني، وبات اليوم أعجز من أن يشن حرباً أخرى في لبنان، وفي حال تجرأ على ذلك، فهو الانتحار بذاته، وقد يرتكب نتنياهو حماقة كهذه لينقذ واقعه السياسي المتأزم، في إطار بحثه لنصر فعلي ضد محور المقاومة.

أما اليمن، فيعيش اليوم واقعاً جهادياً بقوة، والشعب بكله موقنٌ أن قدره تحرير فلسطين من دنس اليهود، وهذه القضية ليست محل خلاف لدى الجميع، والكل يمتلك خبرة قتالية تكفي لكسر شوكة الجيش الصهيوني، كما سبق وكسرت حلفاءه بالأمس، السعودية والإمارات، قبل أن تمرغ أنف البحرية الأمريكية في مياه البحر الأحمر.

وكذلك سائر محور القدس والجهاد الذي يعيش مواطنوه نفسياتٍ جهادية تدعو للقتال بدوافع دينية محضة، والحرب معهم تختلف عن الحرب في الستينينات وما قبلها، فرجال اليوم قد نذروا نفوسهم للصراع، وتعاهدوا على دحر العدو الصهيوني من الخارطة، وما نراه من تجهيزات حزب الله العسكرية تثبت للعدو التباين الهائل بين عرب اليوم وعرب الأمس، وكيف أن نفسنا للحرب لا ينقطع، ولا يتضاءل مع مرور الأيام، بل يرتفع ويزداد قوةً وعنفواناً.

ولا مناص في الأخير، من الحرب الشاملة مع العدو الإسرائيلي، وقد توفرت كل أسبابها ودوافعها، وسيخوضها العرب جميعاً شاءوا أم أبوا، مالم فإن إسرائيل ستجعل البعض منهم عبرة للآخرين، حتى لو كانوا من عملائها وتاريخ اليهود يشهد بأنهم يتخلون عن حلفائهم مقابل أن يحققوا نصراً ولو وهمياً لإرعاب خصومهم، وما حديث محمد بن سلمان عن احتمالية اغتياله إلا مؤشر على قرب نهايته وفي ذلك تحذير لسائر الخونة من خطورة الهمجية الإسرائيلية التي لا تفرق بين حليفٍ وعدو.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب