دينا الرميمة*

تمر علينا هذا العام ذكرى عاشوراء ذكرى الثورة الحسينية وأمتنا الإسلامية تعيش واقعا مريرا من الذل والامتهان والاستهانة بدينها وبمقدساتها وصمت كان هو السبب الأكبر في أن يخرج رؤوساء بعض الدول الإسلامية معلنين التطبيع مع اليهود الذين حرم الله الولاء لهم وسببا أخر في أن يتجرأ اعداء الأمة على تكرار حادثة إحراق نسخ من القرآن الكريم في السويد والدنمارك في خذلان كبير للإسلام وتعاليمه وقيمه ومقدساته..

هنا ونحن نحي ذكرى ثورة الحسين واذا ما أتينا لنقرأ واقع للأمة سنرى أنه ليس إلا تباعا لما حدث في الطف من صمت وخذلان للإمام الحسين وكم التشابه الكبير بين ما تعيشه الأمة اليوم من ذل وخنوع وما عاشته الأمة في زمن الحسين، حيث وان الأمة في تلك الفترة عاشت تحت وطأة الظلم وتسلط الحاقدين ضمن الامبراطورية التي أسسها طلقاء بني أمية، وبقدر وقضاء من خالفوا حديث رسول الله في الغدير أصبحت رقاب الأمة المحمدية ودينها تحت ايديهم رغم تحذيره لهم منهم بانهم سيتخذون دين الله دغلا وعباده خولا وماله دولا، وفعلا كان ذلك وصمتت الأمة على فعلهم بعد ان حرموا الخروج على الحاكم الظالم وان قصم ظهورهم وهتك اعراضهم في تفسير لقوله تعالى (يأيها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولىِ الأمر منكم)، وما هذا إلا جزء من عبثهم في الدين الإسلامي وتحريفهم لأصوله وقيمه ومبادئه السمحة التي ما جاءت إلا لانتشال الإنسانية من ظلم طواغيت البشر وحفظ كرامتهم وعزتهم، إلا أنها وعلى يد معاوية تحولت لمجرد أحاديث جوفاء تتماشى مع نزعاته الإنتقامية من الدين المحمدي الذي أردى بأجداده من كفرة قريش واعداء النبي الكريم في بدر والأحزاب.

كانت هذه الأسباب مجتمعة هي من دفعت بالإمام الحسين - عليه السلام - لأن يخرج ثائرا لدين جده وأمته خاصة بعد ان وصل أمرها إلى يزيد بن معاوية الذي ورث حقده على الاسلام وأهله من أبيه وأجداده فرفض مبايعته على الرغم من محاولتهم إغرائه وتهوين أمر المبايعة بأنه ليس إلا كلمة يقولها الحسين ويذهب ليكسب أجر إطعام المساكين وتعليم الناس أمور دينهم فرفض الحسين ان يعطيهم بيده إعطاء الذليل فمثله لايبايع مثل يزيد وهو حفيد من أعز الله بهم الإسلام وارتقوا بالأمة لأن تكون خير الأمم وتركوها على المحجة البيضاء.

بمعنى إن خروجه لم يكن لأجل خلافة الأمة كمنصب إنما غيرة وحمية على دين الله الذي عاد غريبا كبداية بزوغه وعنه ارتد الكثير كفرا بنهج معاوية والإسلام الأموي القائم على الظلم والفسق والفجور، فكان خروج الإمام الحسين من باب المسؤولية الملقاة على عاتق آل البيت وعلمهم بحرمة الظلم وتولي أهله، وهو بذلك أسس قواعد ومنهجية للثورة على الظالمين كانت أولى شعاراتها "هيهات منا الذلة" في تقويم المارقين عن نهج الرسالة المحمدية و أكد أن العيش تحت ظلهم برما والموت في سبيل الله شهادة، ثورة قل فيها الناصر بعد ما قام به يزيد وأعوانه من ترغيب بالذهب وترهيب بجيش من الأفاعي والثعابين لكل من يناصر الحسين، وبسبعين رجلا دخل الحسين كربلائيته ليرفعوا دين الله كما رفعت رؤوسهم على أسنة السيوف في أقسى مشهد دونه التأريخ بعد أن حاول أعداء الأمة محو ذكرهم وإماتة وحيهم فخلده للأمم دم الحسين في كربلاء لكل زمان ومكان وعاش ذكر الحسين وخلدت ثورته منارة لكل مظلوم.

وصحيح اننا يطوينا الحزن ويلوي افئدتنا وجعا على مصاب الإمام الحسين -عليه السلام- وكم وجع خذلان أمة جده له الذي ربما انتزع قلبه قبل أن يحتز المآرقين راسه الشريف، وصحيح اننا نبكي مرارة الفقد التي كابدها قلب زينب الحوراء وهي تقتاد مع البقية الباقية من آل محمد اسرى وسبايا مكبلين من كربلاء العراق إلى دمشق في الشام يتقدمهم رأس الحسين حشاشة كبدها ورؤوس ابنائه واصحابه، لكن هيهات يقعدنا الحزن لنبكي ونترك مواصلة ثورة الحسين انما نزداد تمسكا بنهجه لنشعلها ثورات على يزيديو عصرنا ومردة ديننا.

كما هو حالنا في اليمن التي سطرت أرضها كربلاء العصر بكامل تفاصليها ودوافعها واحداثها الموجعة، فتضحية الطف في كربلاء قد اينعت في كربلاء اليمن بعد أن رفض اليمنيون الذل والخنوع وانتهجوا نهج الحسين في مواجهة الظلم وحصدوا نصرا و عزة وانتصر دمهم على السيوف التي انهالت عليهم كما انتصر دم الحسين على السيف الأموي، ومنا العهد ومهما سعى العدو سعيه وناصبنا جهده وكاد كيده بأنا على درب الحسين ونهجه ماضون في تحرير الأرض الإسلامية ونصرة فلسطين وقضايا الأمة ومقدساتها ويأبى الله إلا ان نكون كذلك.

* المصدر : ملتقى الكتاب اليمنيين
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه