أمريكا أوهن من آل سعود
السياسية || محمد محسن الجوهري*
قبل 14 عاماً، وتحديداً في نوفمبر 2010، حذَّر الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله خصومه السياسيين من الرهان على الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكداً أنها في أضعف حالاتها، وأن حلفائها واهمون بخضوعهم للمشروع الأمريكي الساعي إلى تدمير المنطقة.
ومع أن الأيام أثبت مدى صحة كلام السيد حسن نصر الله، وأن الرهان على أمريكا فاشل، إلا أن الكثير من الساسة العرب يُصرون على البقاء في حالة عبودية مطلقة للبيت الأبيض، حتى وإن سارت بهم إلى الهاوية، كما حدث في أعقاب ذلك العام -2010 – بعد أن تخلت واشنطن عن عددٍ من عملائها، كمبارك وعفاش، بعد أن أمضوا سنوات طويلة في خدمتها وتنفيذ مشاريعها التدميرية.
ومما يقيم الحجة على من تبقى من أولئك الخونة، هو الخيبة التامة للقوات الأمريكية في البحر الأحمر على يد الجيش اليمني ورجاله المجاهدين الأبطال، وكيف ألحقوا ببارجاتها وقطعها البحرية هزيمةً ساحقة، وجعلوا منها أضحوكةً للعالم أجمع، حتى في الداخل الأمريكي نفسه.
ومع ذلك، لا يزال البعض من عملائها يراهنون بغباء على حماية واشنطن لعروشهم مقابل التنازل عن كل الثوابت الدينية والوطنية، كما هو حال النظام السعودي الذي يأبى أن يتقبل هوان أمريكا، ويصر على أن هزيمتها في اليمن مجرد عنتريات مسرحية، لا صحة لها على الأرض، مع العلم أن آل سعود على استعداد تام أن يتخلوا عن كل مابيدهم من ثروات، مقابل مشهد واحد يتخلى فيه الأمريكي عن دور السيد، وتظهر فيه واشنطن عاجزة أمامهم.
ومن المغالطات المقصودة أن يستمر آل سعود في الإعتقاد الوثني بأن أمريكا قوةً خارقة، وأن هزيمتها أمام العرب مستحيلة، مع العلم أن الواقع يشهد بذلك، بل ويكشف أن الغرب لا يشكل أي خطر إلا على من يراهنون عليه، وأن أغلب ضحاياه هم عملاء سابقون له، تخلى عنهم في نهاية المطاف، كما يفعل الجبناء في كل زمانٍ ومكان.
ولو أن أنظمة الخليج السياسية، تحترم شعوبها وتتأمل في واقع بلدانها، لوجدت أن وأشنطن أوهن منها بكثير، وأن تلك البلدان تمتلك المؤهلات التي تغنيها عن الحماية الأمريكية، وتضمن لها الاستقلالية التامة فيما يخص ثرواتها واستقلال قرارها السياسي، ويكفي أن كل تدخلٍ عسكري في المنطقة تنفذه واشنطن بأموال تلك الأنظمة ذاتها.
وتبقى اليمن النموذج الأصدق والأفضل في كيفية التعامل مع الغرب بمنطق الحرية والكرامة الذي تخشاه الدول الاستعمارية، وكيف ضربت اليمن الهيبة الأمريكية، وأثبتت أن الهيمنة الأمريكية لا شيء إذا ما تم فصلها عن المال العربي، وفشلت دعايتها السياسية في إلحاق الهزيمة النفسية لدى خصومها.
ومع إصرار السعودية وسائر حلفائها العرب على استسصغار الانتصارات اليمنية ضد أمريكا، فإنها مطالبة بتقديم ما هو أكبر في الخط نفسه، مالم فإن شعوبها ستنتفض لحماية ماتبقى لها من كرامة، بعد أن فشلت أنظمتهم في حمايتها، وعجزها أن تحذو حذو السيد اليماني الذي يلقن اليوم الغرب ومن معه دروساً قيمة في العزة والكرامة، ويشكل بذلك نبراساً يُقتدى به من قبل كل الأحرار في هذا العالم.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب