نصر أمني ودعوة إلى اليقظة
السياسية || هاشم أحمد شرف الدين*
أكتب هذا المقال بإحساسٍ عميقٍ بالامتنان والارتياح، وأشيد بالجهودِ الحثيثةِ التي تبذلها أجهزتُنا الأمنية الدؤوبة بلا كللٍ لحمايةِ مصالح شعبنا؛ فالكشف اليوم عن خليةِ تجسسٍ تتبع الأعداء وتحديداً وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) والموساد الإسرائيلي، وإلقاء القبض على عناصرها الجواسيس، يشكّل انتصاراً كبيراً في معركتنا المستمرة ضد أولئك الذين يرغبون في هزيمة وطننا والإضرار بمصالح شعبنا.
فلا شك أن المعلومات التفصيلية التي جمعها هؤلاء الجواسيس وزوّدوا الأعداء بها قد ألحقت ـ طوال عقود ـ ضرراً كبيراً بنسيجنا الإداري والاقتصادي والعسكري والأمني والاجتماعي، فقد كشفت اعترافاتهم عن عمق واتساع نطاق جهود جمع المعلومات التي يبذلها خصومنا الذين كانوا يحاولون الوصول إلى البيانات الحساسة المتعلقة بالعمليات الإدارية والاقتصادية لحكومتنا فضلاً عن العمليات العسكرية والأمنية والشؤون الاقتصادية والاجتماعية.
ولا شك أن استمرار أولئك الجواسيس في خيانتهم كان سيعني مزيداً من الإضرار بنا، ولا أبالغ إن قلت إنه كان من الممكن أن يكون الضرر الذي سيلحق بمصالحنا الوطنية كارثياً، لا سيما أن الأعداء تمكنوا ـ عبر جواسيسهم ـ من تجنيد مسؤولين حكوميين واستغلال مناصبهم لإحداث خرقٍ أمني وسياسي واقتصادي، وبالتالي فإن كشف الخلية واعتقال عناصرها لم يحم حاضرنا فحسب، بل أمّن مستقبلنا أيضاً، مما يضمن قدرتنا على مواصلة بناء الوطن وحماية الشعب.
إن هذا النصر الأمني ـ الذي يعود الفضل فيه أولاً وآخراً لله سبحانه وتعالى ـ له قيمة كبيرة ليمننا الغالي وشعبنا العزيز؛ لأنه لم يحبط النوايا الخبيثة لخصومنا فحسب، بل هو شهادة على صمودنا وإصرارنا، وبعث إشارةً واضحة مفادها أن قواتنا الأمنية يقظةٌ دائماً، وأن أيَّ محاولةٍ للتسلل وتعريض مصالحنا الوطنية للخطر ستقابل بإجراءات سريعة وحاسمة، وأننا لن نتسامح مع أي شكل من أشكال التجسس أو التخريب.
ومع ذلك، فإن هذا النصر يعد أيضاً بمثابة تذكيرٍ واقعي بالمخاطر المستمرة التي نواجهها من الجهات الأجنبية المعادية، وبأننا ـ في العصر الرقمي ـ يجب أن نكون كمواطنين على وعيٍ تامٍ بمخاطر تبادل المعلومات بشكلٍ علنيٍ على منصاتِ وسائل التواصل الاجتماعي؛ فأعداء بلدنا يراقبونها عن كثب ويسعون إلى استغلال أي نقاطِ ضعفٍ أو تفاصيل حساسةٍ يمكن الاستفادةُ منها ضدنا.
إنني أحث جميعَ المواطنين على توخي أقصى درجاتِ الحذر عند التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، والامتناعِ عن نشرِ أو مشاركةِ أي معلوماتٍ مهما بدت غيرَ ضارةٍ وفقاً لوجهة نظرهم، لأن نشرنا غير الواعي على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يزوّد الأعداء ـ عن غير قصد ـ بالبيانات ذاتها التي يسعون إليها لتقويض استقرارنا السياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي، وبالتالي نكون قد ساعدناهم على تعريض أمنَنا القومي للخطر.
سيمكن لبلدنا ـ بعون الله سبحانه وتعالى ـ ومن خلال البقاء يقظين والحفاظ على أمان المعلومات والتعاون مع الأجهزة الأمنية الاستمرار في إحباط المؤامرات الخطيرة التي يحيكها الأعداء. علينا أن نبني على هذا الانتصار بالبقاء ثابتين في التزامنا بحماية بلدنا ومصالح شعبنا.
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع