خطوط إدارة بايدن "الحمراء" وفكرة الرجل "الأبيض"
السياسية || عبد العزيز الحزي*
كلما اتسعت جرائم العدو الصهيوني في قطاع غزة اتسعت معها المعاناة الفلسطينية أكثر فأكثر يوما بعد يوم ومعها يرتفع عدد الضحايا، وترتبك أيضا مع ذلك كل الحقائق التي تبدو ثابتة للعيان في العالم أجمع، إلا في أعين إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الداعمة لمجازر الإبادة الجماعية تجاه المواطنين الفلسطينيين في القطاع.
وتقول إدارة بايدن أنها ترقب عن كثب التحقيق في المجازر من قبل الكيان الصهيوني على مخيمات النازحين في رفح بالغارة الجوية التي وصفتها بأنها أكثر من مأساوية، لكنها اعتبرتها ليست عملية برية كبيرة تتجاوز الخطوط الحمراء الأمريكية.
وخرج المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض في مؤتمره الصحفي الذي عقده أمس الثلاثاء في تصريحات بشأن العدوان على رفح مرتبكا ليقول : "لم نرهم يقتحمون رفح، ولم نرهم يدخلون بوحدات كبيرة وأعداد كبيرة من القوات في أرتال وتشكيلات في شكل مناورة منسقة ضد أهداف متعددة على الأرض، هذه هي العملية البرية الكبيرة، لم نرَ ذلك".
وحول تقارير ذكرت أن القوات الصهيونية تقدمت إلى وسط رفح، قال كيربي: "ما أفهمه، وأعتقد أن الإسرائيليين تحدثوا عن ذلك، أنهم يتحركون على طول ما يسمى ممر فيلادلفيا الذي يقع على مشارف المدينة، وليس داخل حدود المدينة".
ولم يبين كيربي في مؤتمره الصحفي أين إذن هي هذه الخطوط الحمراء الأمريكية التي لم تتجاوزها "إسرائيل" بعد؟!! أو يبدو أنه يقصد بخطوط واشنطن الحمراء هي عندما يتم إبادة الفلسطينيين نهائياً بعد تدمير آلاف المساكن فوق رؤوس قاطنيها.
ورغم مشاهدة العالم لـ"مسلسل" القتل والتدمير والمجازر والإبادة الجماعية في قطاع غزة وانهيار الأبراج على رؤوس ذويها التي لم تعرف البشرية مثيلاً لها قط -إبادة على مرأى ومسمع العالم، إلا أن "الأمريكي" يصر على أن الكيان الصهيوني لم يتجاوز الخطوط الحمراء، أم أن الخط الأحمر بالنسبة للأمريكي هو إعطاء ضوء أخضر واضح لإكمال الإبادة في رفح خصوصا وفي قطاع غزة عموما؟!
ولعلى هذا يبدو أن الخط الأحمر الأمريكي مرتبط بعاملين: الأول، أمن كيان العدو الصهيوني والانتخابات الرئاسية الأمريكية وعدم إغضاب "الآيباك" اللوبي الصهيوني في أمريكا.
والعامل الثاني، قضية الأسرى الصهاينة الذين أصبحوا كل شيء، وكل الحرب تقاس من خلالهم. نتحدث عنهم وكأنهم الوحيدون الذين يجب إنقاذهم أي بمعنى آخر فكرة "الرجل الأبيض".
فالخط الأحمر عند "الأمريكي" يبدأ من الكيان الصهيوني الغاصب وينتهي عند حياة أسرى الكيان لدى المقاومة الفلسطينية فقط وفقط وما عداهما حالة عمى كلي فالقتل للفلسطينيين لا يهم الأمريكي وحتى أنه بنظره لا يتجاوز الخطوط الحمراء الأمريكية وكأنها أرواح ليست لبشر يقتلون يومياً في عملية إبادة جماعية لم تعد في حاجة إلى إثبات؛ فهي تعرّف نفسها بنفسها في ظل رأي عام دولي متواطئ.
فأي خط أحمر يقصد الأمريكي وأين يبدأ وينتهي هذا الخط "اللعين" الذي يجيز للعصابات الصهيونية القتل بدم بارد لأهل قطاع غزة بالقنابل الأمريكية المحرمة دوليا ؟! بعد نحو الأربعين ألف شهيد نصفهم من النساء والأطفال، والشيوخ من الذين سرقت منهم سبل الحياة فاضطروا إلى النزوح والتشرد داخل غزة.
وعليه كيف يعرف العالم بأسره ما هي الخطوط الحمراء التي على الكيان الصهيوني المحتل الغاصب تجاوزها حتى تتحرك أمريكا وتقف المجازر وتمنع من استخدام سلاحها في أعمال القتل والوحشية؟! أو ربما أن الخط الأحمر عند "الأمريكي" لن يتحدد حتى يصل الى حد إبادة الشعب الفلسطيني كلياً؟!.
- المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع