الوقائع تثبت عظمة المسيرة وحاجة الأمة إليها
السياسية || محمد محسن الجوهري*
ليس هناك مشروع على هذه الأرض يستطيع أن يجابه الصهيونية العالمية بكل أدواتها إلا المشروع القرآني، الذي أثبتت الأيام والسنوات بأنه غير قابلٍ للهزيمة، كونه يستمد قوته من المنهج الإلهي، المتمثل في القرآن الكريم، والذي بدوره يقدم للناس بصائر عملية حتى لا يكونوا أمةً مستضعفة سهلة الانقياد، كما هو حال السواد الأعظم من أبناء جلدتنا.
ونحن اليوم نعاصر الإفساد اليهودي الثاني، ندرك حاجة الأمة لمن يخرجها مما هي عليه من الظلم والاضطهاد، بعد أن فشلت كل الوسائل والمناهج الأخرى في تحقيق ذلك، علاوةً على هزيمتها وتبخرها على الأرض، بمجرد أن تتلقى تهديداً من هنا أو هناك.
فالقومية العربية التي سادت البلاد في حقبة الخمسينيات والستينيات، لم تفلح في تحرير فلسطين، بل كانت سبباً في تقوية شوكة اليهود، وتثبيت أقدامهم على الأرض العربية، ومن ثمَّ هزيمتها القاضية في يونيو - حزيران 1967.
وقد أسهمت القومية بفكرها العلماني، في انتشار العقائد الضالة في المجتمعات الإسلامية، بعد أن قدم الغرب، عبر حلفائه في نجد وغيرها، العقائد الوهابية للناس لتكون بديلاً عن الإسلام القرآني الصحيح، والذي غاب عن واقع الأمة بسبب تسلط الطواغيت، وسعيهم لإضلالها بوسائل متعددة كالمذهبية والشعوبية، التي نشطت منذ زمن الأمويين والعباسيين.
وقد أدرك اليهود أهمية الفرقة الإسلامية، فعززوها بالمذاهب المتناحرة، وفي الزمن المعاصر، عمدوا على نشر الوهابية، وما تفرع منها من جماعات تكفيرية، لتدعيم التناحر الداخلي، وإفساد المسلمين باسم الدين، حتى لا تقوم لهم قائمة، ويتسنى للصهاينة بناء كيانهم الغاصب على أرض فلسطين، وقد تحقق لهم ذلك بفضل غباء العرب، وابتعادهم عن الدين الإسلامي ومنبعه الأصيل المتمثل في القرآن الكريم، وقرنائه من أهل بيت النبوة.
ومع ظهور المسيرة القرآنية، على يد السيد حسين بدرالدين الحوثي -رضي الله عنه- وعرفنا لأول مرة عظمة المنهج الإلهي، وإعجازه الفعلي على الأرض، ورأينا كيف أن الإسلام قادر على صنع نماذج بشرية لا تقبل بالوصاية الغربية، وتؤمن بالموت الحتمي لأمريكا وإسرائيل، لأنها تؤمن بصدق الوعد الإلهي، وتنظر إلى القرآن ككتاب هداية، ومصدر للتشريع والتوجيهات على جميع الأصعدة.
وقد رأينا قبل ذلك، كيف أفرغت الجماعات الضالة القرآن من مضمونه وجعلته مجرد نص نظري، بعيد عن الحياة العامة، ولذا كان سقوطها سهل أمام العدو الغربي، بعد أن قدمت الإسلام ضعيفاً، وسهل الكسر، فكانت الطامة الكبرى.
وكان الأحرى بالجماعات الضالة تلك، كالوهابية وغيرها، أن تلتزم الصمت أمام المشروع القرآني، كما هو حالها أمام اليهود ومشروعهم التدميري، ولكنها انحازت للصهاينة، وكرست وقتها وجهدها لحماية "إسرائيل"، عبر محاربة أعدائها، وتشويههم إعلامية وسياسياً، خدمةً لليهود وأذنابهم.
وهي بذلك اختارت أن يكون مصيرها الهلاك، بعد أن ربطته بمصير اليهود، وقد توعد الله بهلاكهم جميعاً على يد الإسلام وجنوده الذين وصفهم بأولي البأس الشديد، وقد تجلى بأسهم فعلاً على مدى عشرين عاماً في مواجهة العملاء والعدوان الخارجي، قبل أن يدخلوا في المواجهة المباشرة مع الشيطان الأكبر، ويتمكنوا من كسره في أكثر من جولة، وبانتظار النصر المؤزر عما قريب بإذن الله.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب