من يعادي "إسرائيل" يعادي السعودية
السياسية || محمد محسن الجوهري*
ليس دقيقاً القولُ بأن 'السعودية وإسرائيل وجهان لعملة واحدة'، فالأخيرة طرف بينما الأولى مجرد أداة، وليس من الإنصاف بشيء المساوةُ بين الآمر والمأمور.
وقد اتضح اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى أن الرياض على استعداد أن تضحي بكامل مصالحها في سبيل حماية المصالح الصهيونية؛ بينما لا نرى مثلَ ذلك من قِبل الصهاينة، ولنا في الواقع شواهد كثيرة، علّ أبرزها العدوان السعودي الغاشم على اليمن، رغم أن ذلك لا يخدم مصالح الرياض على الإطلاق، وتسبب لها بخسائر مهولة لم يسبق لها مثيل في تاريخ المملكة، وكل ذلك من أجل إسكات الصوت اليماني المطالب بتحرير فلسطين.
وتبعية السعودية لـ"إسرائيل" ليس وليد اللحظة، بل هو المبدأ الذي تأسست عليه دولة آل سعود منذ يومها الأول، بدليل أن الرياض تناصب العداء لكل من يناصب "إسرائيل" بذلك، ولو كلفها الأمر أن تعادي دول العالم الإسلامي قاطبة، ومنهم إيران التي كانت إلى عهدٍ قريب حليفاً مقرباً من آل سعود، قبل قيام الثورة الإسلامية وتبني طهران سياسات معادية للصهاينة.
إلا أن أهم ما ينبغي التركيز عليه، هو أن كل مواقف السعودية وسياساتها قائمة على دعم الصهيونية العالمية، بما في ذلك التوجه الديني الوهابي، الذي سعت إلى رسمته في سائر الدول الإسلامية، وجعله المذهب الأول بين كل الشعوب المسلمة، والدوافع في كل ذلك صهيونية محضة، وحسب.
ولك أن تتساءل: لماذا غابت الوهابية والتنظيمات المنبثقة منها عن فلسطين، بينما كانت حاضرة في طول البلاد وعرضها؟
والأدهى من ذلك، أن شيوخ الوهابية يكفرون المسلمين جميعاً، وأباحوا دماءهم، بدواعٍ عرضية لا قيمة لها، حتى إذا أتوا على اليهود، قال هم "أهل كتاب"، ولا ينبغي الإساءة إليهم، حتى لو احتلوا البلاد الإسلامية واستباحوا كل حرمة فيها.
ولذا وجب الحذر من كل منتجات السعودية الدينية والسياسية، فهي امتداد للصهيونية العالمية، وعلى كل من يتحرى الصدق في دينه أن يكون له موقف عادل من كل ذلك الصلف.
ولأن الوهابية هي امتداد للمشروع الصهيوني، فلا بد من مواجهتها بمشروع معادي، لأن المواقف الفردية لا جدوى منها إذا لم تلتئم في موقف موحد، ومن هنا تتضح أهمية المشروع القرآني الذي ظهر في اليمن، وبات العالم أجمع يدرك مدى تأثيره في الحد من تحركات الصهيونية العالمية قبل وبعد طوفان الأقصى.
وعلينا أن نستوعب أن اليهود يعتمدون في إفسادهم على التثقيف المضلل قبل أي تحرك عسكري، ولولا ذلك الإضلال، وفي مقدمه الوهابية، لما استطاعت "إسرائيل" أن تبقى في مأمن من أبناء الأمة الإسلامية.
وعلى أبناء الأمة نفسهم تبني المشروع القرآني نفسه، لأنه المنهج الوحيد الذي تكفل الله بنصره، وقد ثبت ذلك بقوة في الواقع اليمني، وبدأت ثماره أيضاً تعم سائر العالم الإسلامي.
فقوة الموقف نابعة دوماً من قوة المنهج، ولا منهج في الساحة يستطيع مواجهة المشروع الصهيوني إلا المشروع الإسلامي الذي يعتمد القرآن مصدراً لكل مواقفه وتحركاته، وترى أهله أعزةً على الكافرين، وقد تجلى ذلك في التحرك اليماني بقيادة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، الذي يستمد قوته من قوة القرآن الكريم، وهو المنهج القادر على طمس المشروع الصهيوني إلى الأبد.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب