لا شرعيةَ لمن لا ينصرُ غزةَ والقضية الفلسطينية
السياسية || محمد محسن الجوهري*
يبرر بعض الحكام العرب خنوعهم لـ"إسرائيل" بأنه من أجل الحفاظ على مصالح الشعوب، وحماية أمن واستقرار بلدانهم، وهذا مجرد ادعاء لا أساس له من الصحة، بشهادة الشعوب نفسها والتي تنادي ليل نهار بنصرة غزة، ولو على حساب تلك الذرائع المزعومة.
لقد باع أولئك الحكام القضية الفلسطينية من أحل الوصول إلى الكرسي والأطماع الخاصة، أما مصالح شعوبهم فهي من سيء إلى أسوأ، ولا شيء يربوا في بلدانهم سوى أرصدة المطبعين وممتلكاتهم.
ولنا في مصر خير مثال، فالبلد بكله مهدد بالانقراض لأسباب متعددة، أحدها سد النهضة الذي تقوله "إسرائيل" ودول الخليج، ويشكل تهديداً فعلياً لمستقبل أكثر من مائة مليون مصري.
كما أن الاقتصاد الوطني في مصر موشكٌ على الانهيار، فكل شيء مستورد من الخارج، حتى المأكل والملبس، وهي التي عاشت في يوم من الأيام مرحلة اكتفاء ذاتي يوم كانت في حالة حرب مع "إسرائيل".
أما السياحة التي تعتمد عليها مصر في جلب العملة الصعبة، فهي من الموارد الهشة، وستتلاشى مع أول أزمة أمنية أو سياسية تعصف بالبلاد، ولذا لا قيمة لأي منشئات سياحية ولو كانت على شكل مدن عملاقة.
ومع استمرار انهيار الجنية المصري، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود، فإن الشعب المصري مقبل على أيام شداد، ربما لم يشهد مثلها منذ عقود، وبالتالي فإن ذريعة الحفاظ على مصالح الشعب ليست إلا ذريعة يبرر بها عبدالفتاح السيسي عمالته، وسيكون أول الفارين من البلاد عندما تتعرض مصالح الشعب لخطرٍ فعلي.
ومن الواضح أن السيسي ماضٍ على خطى مبارك في تدمير مصر من الداخل، وفصلها عن مقومات القوة التي تمتلكها، ويكفي أن جعل مبارك والسيسي من مصر بلداً يستجدي المساعدات من الخارج، وكأنها لم تعش من قبل مراحل متقدمة من الازدهار الاقتصادي والصناعي، قبل توقيعها اتفاقية العار في كامب ديفيد.
ولا مصلحة للشعب المصري في السكوت أكثر، وبات من الواجب الثورة على نظام السيسي، ليس فقط من أجل غزة، بل وحتى من أجل مصر نفسها.
وفي الأردن، فإن الحال أسوأ بكثير من مصر، فالشعب هناك لم يسبق وأن شهد أي حالة من الازدهار الاقتصادي، ويعيش الشعب الأردني الفقر والبؤس بكل أشكاله، وتكتفي "إسرائيل" بدفع مرتبات الجيش والأمن للحفاظ على أمنها، حيث تعمل القوات الأردنية على حماية الحدود مع الأراضي المحتلة، وتقمع أي توجهٍ شعبي مناهض للهيمنة الصهيونية على القرار الوطني.
وقد كشفت أحداث غزة الكثير من خفايا العالم العربي، وامتاز بها الشريف من الوضيع، وأصبح الحديث عن سقوط العملاء ضرورة لا بد منها، فمن يشارك في قتل أهل غزة، لن يتورع عن قتل غيرهم ولو من أبناء شعبه.
ولو تغير الوضع في البلدين -مصر والأردن- فإن وجه الصراع سيختلف كلياً، وستجد الضفة الغربية وكذلك القطاع، من يساندهما بالسلاح والرجال، ولو ظلت الحدود مفتوحة ولو لشهر، فلن تصمد "إسرائيل" حتى نهايته.
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع