الدورُ البريطاني المعادي للأُمَّـة
د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
نحن في مرحلة اختبار لكل مسلم، ولكل شعب، لكل بلد، لكل دولة في العالم الإسلامي، في الوطن العربي وغيره، ومن التوفيق للإنسان أن يتحرك بوعي، وخروج شعبنا الأسبوعي شرفٌ كبير، وتجسيدٌ لانتمائه، لإيمانه، وقيمه، وأخلاقه.
عملت بريطانيا منذ أن وطئت قدماها الأراضيَ العربيةَ خلال القرن الـ16 ميلادي على تفريق الأُمَّــة ونسج المؤامرات على شعوبها؛ خدمةً للمشروع الصهيوني، فقد حرصت خلال الحرب العالمية الأولى 1914 – 1918م على الاستيلاء على أغلب الأراضي العربية وخَاصَّة الأراضي الفلسطينية، ثم عملت على أن تكون تلك الأراضي من نصيبها أثناء اتّفاقية سايكس بيكو عام 1917م.
وعندما أوشكت الحربُ العالمية على الانتهاء، أصدرت بريطانيا الوعدَ المشؤوم لصهاينة العالم (وعد بلفور) عام 1917م، والذي منحت بموجبه الأراضي الفلسطينية لليهود لإقامة وطن قومي لهم دون أي اعتبار للشعب الذي يعيش على هذه الأرض.
ومن الملفت أن بريطانيا فرضت على “عصبة الأمم” أن تمنحَها حَقَّ الانتداب على فلسطين 1922م؛ حتى تصبح الخطوات التي تقومُ بها لتسهيل قدوم اليهود إلى فلسطين شرعيةً من وجهة نظرها، وكانت تهدف من وراء ذلك تهيئة الظروف لتمكين الصهاينة من السيطرة على البلاد، وتشجيعهم على القدوم إلى فلسطين، حَيثُ زادت أعدادُ المهاجرين بشكلٍ كبيرٍ خلال فترة الاحتلال البريطاني، وكانت بريطانيا تماطلُ العرب عندما كانوا يطالبون بحقوق الفلسطينيين من خلال عقد المؤتمرات والمفاوضات التي كانت لا تقدِّمُ ولا تؤخِّر شيئاً.
وعندما شعرت بريطانيا أن الصهاينة قد تمكّنوا من السيطرة على الكثير من المدن الفلسطينية الرئيسية، اتجهت إلى “الأمم المتحدة” وطالبت بتقسيم فلسطين بين اليهود والعرب، وصدر قرار أممي بذلك عام 1947م ورفضه العرب، ولكن بريطانيا انسحبت من الأراضي الفلسطينية وسلّمت معظمَها للعصابات الصهيونية، وبذلك أسّست لمشكلة لم تنتهِ إلى اليوم ولن تنتهي حتى يستعيدَ الشعب الفلسطيني حقوقَه المشروعة.
ورغم تصدر أمريكا لحماية الكيان الصهيوني بعد الحرب إلَّا أن بريطانيا استمرت بممارسة دورٍ مهم في ذلك الشأن من وراء أمريكا، حَيثُ وقفت إلى جانب الكيان الصهيوني خلال كافة الحروب التي وقعت بين العرب والكيان الصهيوني.
ومما يؤكّـد الدور البريطاني المعادي للأُمَّـة هو موقفها من الحرب القائمة في غزة إلى جانب الكيان، من خلال تزويده بالسلاح وتغطيته سياسيًّا في المؤسسات الدولية، رغم أن أصوات الشعب البريطاني بدأت ترتفع ضد سياسة بلدهم تجاه القضية الفلسطينية؛ ولذلك فَــإنَّ الأُمَّــة لن تنسى من يُعادِيها ويقفُ ضد قضاياها العادلة.
- المصدر: صحيفة المسيرة
- المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع