السياسية - وكالات :

في مثل هذا اليوم يستذكر الجزائريون مجرزة مدينة البليدة المروّعة التي ارتكبها جيش الاحتلال الفرنسي، حيث تحوّلت أرجاء المدينة كلها إلى مقبرة في غضون ساعات قليلة، وذلك ضمن سياسة معتمدة منذ بداية الاستعمار القديم في بلادنا.

وقد نفّذ الفرنسيون المحتلون، في 26 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 1830، في مدينة البليدة الجزائرية الواقعة شمال البلاد مذبحة رهيبة ضد المدنيين، طالت الجميع، نساءً وأطفالاً كبارًا وصغارًا، وجعلوا منها مدينة "للجثث". ضابط فرنسي يُدعى "ترولر" قاد هذه المذبحة؛ حيث انتشرت جثث الأهالي في الأزقة، وتحولت "البليدة" إلى مقبرة في غضون ساعات، ولم يبق أحد كي يُحصي عدد الشهداء.

المذابح الفرنسية ضد الجزائريين بدأت مباشرة منذ وطأت أقدام الغزاة أرض الجزائر، وتواصلت بشكل منتظم على مدى 132 عامًا من استعمارهم لهذا البلد. إذ إن القمع الوحشي ونوافير الدم والمذابح لم تتوقف حتى انتزع الجزائريون استقلالهم في العام 1962. وقد صدر تقرير لممثلين عن الاستخبارات الفرنسية كان أبلغ باريس في تلك المرحلة قائلاً: "لقد دمرنا المساجد بالكامل. تعرض السكان الذين وعدناهم بمعاملة محترمة للسرقة بالاستيلاء على ممتلكاتهم من دون تعويض. لقد حكمنا عليهم؛ لأن شجاعتهم شكًلت خطرًا علينا".

الضباط الفرنسيون المشاركون في مراحل الغزو الأولى فعلوا كل ما في وسعهم لإبادة أكبر عدد ممكن من الجزائريين، والذين وصفوا حينها بـ "السكان الأصليين". فمن فظائع الفرنسيين في الجزائر أن الرائد مونتاناك، والذي قاد الوحدات الفرنسية في منطقة مدينة سكيكدة في العام 1843، اعترف بقطع رؤوس العرب، والتأكيد على قتلهم بعد بلوغهم سن الخامسة عشرة.

هذا الضابط الفرنسي كان يفضل قطع الرأس على المعاقبة بالسجن. كتب في رسالة إلى أحد أصدقائه يقول: "سألتني ماذا فعلنا بالنساء. احتفظنا ببعضهن رهائن، بينما تبادلنا بعضهن مقابل الماشية أو بيعهن في مزادات مثل قطيع من الأغنام. هذه هي أساليبنا في محاربة العرب يا صديقي. قتل الرجال، ووضع النساء والأطفال على متن السفن وإرسالها إلى الجزر البولينيزية. باختصار، إبادة كل من يرفض الزحف عند أقدامنا مثل الكلاب". وفي كتاب بعنوان "رسائل جندي"، يتباهى هذا الضابط الفرنسي بالفظائع التي ارتكبها الفرنسيون في إحدى المعارك قائلًا: " "تمكّنا من إحصاء ألف وثلاثمئة امرأة وطفل قتلوا، باستثناء الجرحى الذين لم يكن لهم وجود، لأننا لم نترك جرحى".

الكاتبة والمفكرة الفرنسية الشهيرة سيمون دي بوفوار كتبت عن الإبادة الفرنسية للجزائريين تقول: "حتى العام 1954، نحن الفرنسيين متواطئون في الإبادة الجماعية. تحت ذريعة إحلال السلام، قتلنا أكثر من مليون جزائري خلال غارات مسلحة. لقد أحرقنا قرى بأكملها مع سكانها، وذبحنا السكان، وانتزعنا الأطفال الذين لم يولدوا بعد من أرحام أمهاتهم، وعذبناهم حتى الموت. عانت قبائل بأكملها من البرد والجوع، وماتت بسبب الأوبئة في معسكرات الاعتقال. توفي نحو نصف مليون جزائري في هذه المخيمات".

كذلك بعض الشخصيات الفرنسية، من أصحاب الضمائر اليقظة، تقول "إن جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر لا تقل عما ارتكبه النازيون الألمان تحت قيادة أدولف هتلر، فيما تؤكد أصوات أخرى أنها أكثر فظاعة ووحشية".