تحية لهذا الشعب الصامد والمُثابر
سامح عسكر
لم يَكف عن التظاهر الأسبوعي بهذا الشكل حتى بات التجمع على حب فلسطين ونصرة شعبها طقسا من طقوسه، ولا أن يخمد له بال سوى أن يشعر الفلسطيني أنه ليس وحده بل معه محبين وناصرين من أٌقصى الجنوب العربي على بعد 2000 كم..
فصيل من الناس كان قد انقرض منذ قرون لكننا رأيناه اليوم يقدم لوحة بديعة تجمع بين القول والعمل، وبين الشعور بالكرامة والعزة المفقودة التي ظن البعض أنها صارت من الماضي..ولم نعد نسمع عنها سوى في حواديت الأجداد..
أنا من محبين الشعب اليمني لأنني أعرفه جيدا ولو لم أتشرف بزيارتهم، لكني قرأت حضارتهم وثقافتهم فلم أر شعبا يُجمع على الاستقلال والحرية وتحدي قوى الغطرسة الآن أكثر منهم، وفي فلسفتهم شئ نادر من العُمق والنُضج وما أسميه (ثورة الأخلاق) هي التي دفعتهم لهذا الحضور المُشرّف..
يتعامل البعض معهم بفوقية واستعلاء لفقرهم المادي، ولم يدرك أن لذلك الفقر أبعاد سياسية تاريخية على وشك الانتهاء، وفي مناقشاتي مع بعض المثقفين قلت أن هناك قوة صاعدة على مستويات متعددة ستكون لها الغلبة في العشرين سنة القادمة على الأقل، وأن الصورة القديمة المنتشرة ليست سوى تعبيرا مزيفا ومقصودا من أعداءهم الذين أرادوا استبعادهم لا غير..
شعب يجمع بين أصالة الماضي ورقة الحاضر وشجاعة المستقبل، لا يرى ذلك سوى من تحلى بفضيلتي الاعتدال والإنصاف، وأن قيما مثل النزاهة والاستقلال والشرف ليست من مفردات الماضي أو ليس لها مكان في عصر الصورة، بل هي عماد وجوهر حاضر الإنسان ومستقبله، ومن المدهش أن في وقت يكثر فيه مادحين هذا الشعب من ملحدين ومسيحيين الغرب لبأسه وشجاعته وأخلاقياته نرى استعلاء وتحيزا من بعض مثقفين العرب الذين لا زالوا يصرون على تناول اليمني كأًصولي وليس كإنسان..
أحد أشهر عيوب ثقافتنا الخوف والرعشة وعدم مخالفة الأغلبية وفقدان المبادرة
ربما بعد هذه المشاهد يتغير شئ ويعود الأمل، فالقوة الداخلية عند العرب والشرق أوسطيين كبيرة جدا، فقط هي بحاجة للدعم والتوجيه لا اللوم الدائم والشعور بالعجز..
باقة ورد لهؤلاء..فقد ساهموا بجهودهم في فضح إسرائيل وداعميها..ثم الضغط عليهم للبحث عن حلول بأقصى سرعة ، وكان لهم فضل في انقلاب الرأي العام الدولي لصالح فلسطين بهذا المشهد البديع، وفي اقتناع السياسيين بتغير موازين القوى.
- المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع