السياسية || تقرير: صباح العواضي

ما بين تصريحي رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال افتتاح مؤتمر “السلام والأمن في الشرق الأوسط” في نوفمبر 2019م في العاصمة البولندية “وارسو” والذي أرسل رسائل التطبيع بين اليمن و”الكيان الصهيوني” بجملة كتبها نتنياهو في منصة “x” “نحن نصنع التاريخ” رسمتها صورة للمقعدين المتجاورين لوزير خارجية حكومة المرتزقة خالد اليماني ونتنياهو، وتصريحه المغاير عام 2023م، والذي هدد فيه وتوعد باستهداف اليمن إثر تدخل الأخيرة رسميا لمساندة الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في الحرب التي شنت في السابع من أكتوبر الماضي وفرض اليمن خلالها معادلة ردع اسقطت الهيمنة الأمريكية الإسرائيلية، وفرضت حصارا اقتصاديا للموانئ الأراضي المحتلة عبر منع مرور السفن المتجهة لـ”الكيان الصهيوني” سواء كانت تابعة لكيان العدو أو لشخصيات مرتبطة به أو تلك التي تدعم “إسرائيل” وإغلاق باب المندب كليا.

انقلب المشهد من التلميح والهمز واللمز لتطبيع يرسم في الخفاء إلى المجاهرة بالعداء قد يصل إلى حد شن حرب اقليمية إذا ما تهورت “إسرائيل” وأمريكا وحلفاؤها في الغرب باستهداف اليمن.

 

اليمن و”الكيان الصهيوني” عداء متجذر

في القرن الماضي صوت اليمن  ضد الدولة الصهيونية وتحديدا في نوفمبر 1949 م اعتراضا على إعلان “كيان إسرائيل” الذي أجبر الفلسطينيين على الهجرة إلى أنحاء العالم وتوسع أكثر في سيطرته على الأراضي الفلسطينية.
وبعد ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر المجيدة التي كان من أهدافها تصحيح وتصويب المواقف تجاه القضايا الإسلامية والقومية، تصدرت القضية الفلسطينية أولويات أهداف الثورة، وأكدتها خطابات قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي لتكون القدس القضية الفلسطينية المحورية يولي لها اهتمام خاص من الجانبين الرسمي والشعبي، وكما أكدت خطابات السيد القائد أن عداء اليمن لإسرائيل ترسخ عبر المواقف الداعمة وتكوين مقاومة كبرى في المنطقة لصد إجرام هذا الكيان بحق أبناء الشعب الفلسطيني وأراضيه المحتلة.

لم تكن القضية الفلسطينية ضمن اهتمام النظام السابق حسب ما كشفه المتحدث الرسمي للقوات المسلحة العميد يحيى سريع في تصريح سابق ونقلته وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” عن مخطط تسليم اليمن للعدو الإسرائيلي وعلاقات النظام السابق بالكيان الصهيوني.

تصريح العميد سريع أكد ما ورد في أحد خطابات قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي من أن اليمن يواجه عدوانا يسعى بشتى الوسائل إلى تحقيق الأهداف الإسرائيلية في بلادنا من خلال العلاقة السرية بين سلطة النظام السابق والكيان الصهيوني والزيارات المتبادلة بين الجانبين، وكذا الملفات المطروحة على طاولة اللقاءات والمباحثات والمراسلات إما بشكل مباشر أو عن طريق وسطاء.

وحرصت ثورة الواحد والعشرين على اعتبار “إسرائيل” خطرا على الأمة كشعوب ودول وتهديدا حقيقيا للوحدة الأمة الإسلامية.

 

اليمن يُحرم العلاقات مع الكيان

يعتبر قطع العلاقات الدبلوماسية هو التعبير السياسي الأعلى الذي يعبر عن تفاقم الخلاف والعداء بين دولتين إلى حد يكاد يلامس حدود المواجهة المفتوحة ويكون أحيانا نذيرا ومؤشرا على قيام صراع مسلح حسب تقنين المعاهدات الدولية وأبرزها اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام “1961”.

وكما هو معلوم للجميع ليس لليمن و”كيان إسرائيل” علاقات دبلوماسية رسمية بل علاقات توتر وعداء كبيرين من خلال عدم اعتراف اليمن بـ”بالكيان الصهيوني” ووفقا لقانون كيان الاحتلال الذي يعتبر اليمن دولة معادية.

وبما أن العالم لا يعترف إلا بالأطر القانونية ليثبت أحقية الدولة في السيادة واستعمالها لهذا الحق الذي يعد مظهرا من مظاهر الوجود الدولي والقانوني لاستقلالها في مواجهة الدول الأجنبية الأخرى، سارع مجلس النواب اليمني بالعاصمة صنعاء إلى وضع الإطار القانوني لتحريم العلاقة مع “الكيان الصهيوني” بحظر وتجريم الاعتراف به والتطبيع معه فيما وقع رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط على القانون الذي يتضمن 15 مادة توزعت على أربعة فصول ويهدف إلى حظر وتجريم الاعتراف بكيان العدو الصهيوني المحتل للأراضي الفلسطينية وغيرها من الأراضي العربية المحتلة أو التطبيع معه، ومنع إقامة العلاقات الدبلوماسية أو السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية أو الثقافية أو أي علاقات أخرى بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

 

القدرات العسكرية اليمنية تهز عرش الكيان

شهدت القدرات الصاروخية اليمنية قفزات نوعية منذ العام 2015م كشفتها تصريحات المتحدث الرسمي العميد سريع في مناسبات عدة خلال حرب تحالف العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي والتي تحدثت عن تطور القدرات العسكرية لليمن القياسية والنوعي للأسلحة والصواريخ والمسيرات وأسمائها، وكذا ما أبرزته العروض العسكرية الكبيرة والتي تناقلتها وسائل الإعلام والصحف العالمية عن تطور قدرات الجيش اليمني الفريدة من نوعها من خلال الردع اليمني العملي حيث استهدفت القوات المسلحة اليمنية عدد من المواقع في السعودية أو الإمارات ردا على احتلالها مناطق جنوبية وموانئ وجزر الجمهورية اليمنية، واليوم تمثل عمليات القوات المسلحة ضد عدوان الكيان الصهيوني بقطاع غزة عمليات مرتبطة بشكل مباشر في فك الحصار ووقف العدوان بشكله النهائي.

ومنذ أكثر من شهرين لم تكتف اليمن بوضع “الكيان الصهيوني” في مرمى الصواريخ والمسيرات التي وصلت إلى عمق الكيان المحتل بل تعداها إلى أن جعلت البحرين الأحمر والعربي التهديد الأكبر مستخدمة ورقة ضغط اقتصادية مهمة لشريان الحياة، ورسمت قواعد اشتباك جديدة إذا لم تدخل المواد الغذائية والدواء إلى غزة فلن ينتهي المأزق الاقتصادي لـ”إسرائيل”، وفي الواقع أن أمريكا وبريطانيا وحلفائها الغربيين يخشون من استهداف اليمن ردا على استهداف حركة المرور للسفن الإسرائيلية في المياه الإقليمية اليمنية، كما أن اليمن يعد أحد أطراف دول محور المقاومة والذي التزم بوحدة الساحات، لذلك لا يمكن أن يترك اليمن وحيدا اذا ما تعرض لعدوان غادر من أمريكا وحلفائها، فتوسيع دائرة الحرب لن تتحمل تداعياته وستفتح نار جهنم عليها وعلى مصالحها وستنتهي بإغلاق باب المندب الذي يعتبر شريان الحياة للتجارة العالمية ومرور النفط والذي سيؤدي إلى حدوث أزمة وقود عالمية حادة ستضر بالاقتصاد العالمي والإسرائيلي على حد سوء خاصة وأن الكيان يعتمد اعتمادا كليا في السياسية الاقتصادية على الواردات عبر سفن الشحن من بقية دول العالم، وهذا ما أكدته مؤخرا وسائل إعلام عبرية أن اليمن نجحت في تحقيق الهدف الذي وضعته وهو تعطيل التجارة البحرية إلى “الكيان الصهيوني”.