السياسية || محمد محسن الجوهري

 

إنَّ الولايات المتحدة الأمريكية، وسائر الأنظمة الغربية، بالنسبة لكثير من العرب، هي أصنام تُعبد من دون الله عزَّ وجلَّ، ولهذا يتحركون لطاعتها دونما نقاش، ولو على حسابِ ثوابتهم الدينية التي يمليها الإسلام عليهم.

وعندما يظهر السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله، وهو لا يكتفي بتحدي الغرب، بل ويتمنى الدخول في مواجهة مباشرة مع القوات الأمريكية والإسرائيلية، فإنّ ذلك بمثابة تحطيم لأصنام عكف العرب طويلاً على تقديسها.

ويطرح السيد واشنطن وتل أبيب، ومن في لوائهما أمام موقفٍ حرِج تنحصر فيه الخيارات إلا من اثنين: الرضوخ لطلب السيد عبدالملك والدخول في المعركة المباشرة، أو التراجع والاكتفاء بالمواجهة غير المباشرة عبر عملائها ومرتزقتهم.

في حال اختارت أمريكا وإسرائيل الخيار الأول، أي الحرب المباشرة، فإن استنزاف طويل الأمد سيكلف الخزانة الأمريكية أرقاماً كونية من العدة والعتاد والأنفس، وسيضطر معها الغرب إلى خفض التصعيد في غزة، ما يعني إعلان هزيمة الصهاينة، وانتصار طاغي للمقاومة الفلسطينية، وبداية انحسار الجيش الإسرائيلي إلى ما وراء غلاف غزة.

وفي حال فضلت اللجوء للحرب غير المباشرة، فهذه هزيمة أخرى، وتكشف عجز الأمريكان الفعلي على الأرض، ما يمهد لتمرد حلفائها في المنطقة على هيمنتها ومصالحها.

ويبقى خطاب السيِّد اليوم 20 ديسمبر 2023، علامة فارقة في التاريخ الأمريكي، على الأقل في المنطقة العربية التي تخضع أغلب أنظمتها بشكلٍ كلي لطغيان واشنطن واللوبي الصهيوني.

ولا شكَّ أنَّ الأمريكان يدرسون خطاب السيِّد بشكلٍ جدي، ويدركون مدى مصداقية ذلك الرجل، وكيف استطاع بإمكانيات متواضعة هزيمة تحالفٍ مواليٍ لها على مدى تسع سنوات.

فالسيد عبدالملك ليس من أبناء القصور، بل قائد محنك أتى من الميدان، يعرف الحرب جيداً، ويملك أسباب النصر، ويعمل على تحقيها على الأرض.

وعندما يعلنها ذلك القائد بأنه يتمنى المواجهة المباشرة مع القوات الأمريكية والإسرائيلية، فهذا يعني امتلاكه لأوراق كثيرة، ومفاجئات ميدانية كفيلة بإلحاق الهزيمة المدوية للغرب بالكامل.

وستضمن تلك الهزيمة نهاية المد والتأثير الأمريكي في العالم العربي، وليبرز بعدها اليمن لاعباً إقليمياً يتحكم في مستقبل السياسة العربية، وذلك لا شك نصرٌ للقضية العربية الأولى، وتمكين للمقاومة الفلسطينية ضد “الكيان المحتل”.

 

* المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب