صبري الدرواني*

 

نفّذتِ القواتُ البحريةُ في القواتِ المسلحةِ اليمنيةِ -بعونِ اللهِ تعالى- عمليةً عسكريةً في البحرِ الأحمر كان من نتائجِها الاستيلاءُ على سفينةٍ إسرائيليةٍ واقتيادُها إلى الساحلِ اليمنيِّ.

تأتي هذه العمليةُ انطلاقاً منَ المسؤوليةِ الدينيةِ والإنسانيةِ والأخلاقيةِ تجاهَ الشعبِ الفلسطينيِّ المظلومِ واستمرار المجازرِ المروعةِ والبشعةِ من قِبَلِ العدوّ الإسرائيلي، وهي تمثل حق مشروع للدفاع والمساندة لإخواننا في فلسطين؛ ودفاعاً عن كُـلّ البلدان والشعوب العربية والإسلامية في المنطقة العربية؛ فالكُلُّ مستهدَفٌ، سواءً مصر أَو السعوديّة رغم عمالتها للعدو، وكل المسلمين.

دلالاتُ بيان القوات المسلحة اليمنية: الوحدةُ في مواجهة اليهود:

ابتدأ البيانُ بالآية المباركة: (إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ) صدق الله العظيم، هذا توجيهٌ إلهيٌّ لكل المسلمين، توجيه لمليار ونصف المليار مسلم، أن يكونوا في مواجهتهم لأعداءِ الأُمَّــة الإسلامية كالبنيان المرصوص، وهي تدلِّلُ على التوحد في جبهة واحدة.

ومن هذا التوجيه القرآني تنطلقُ اليمنُ بقيادتها الحكيمة ممثلةً بالسيد عبدالملك الحوثي والرئيس مهدي المشاط، والشعب اليمني العظيم الحر الأبي.

تؤكّد العمليةُ أن اليمنَ يقاتل إلى جانب إخواننا في فلسطين وفي لبنان ضد الكيان الصهيوني المجرم الغاصب، وأن المعركة هي ليست معركة بين فلسطين وإسرائيل، وكما تحدث الرئيس المشاط أنها أصبحت معركةً بين الإسلام والكفر.

لقد تابع الجميع كيف أن أمريكا وبريطانيا وكل دول الغرب التي تمتلك من الإمْكَانيات المالية ومن الأسلحة أتت وأعلنت مساندتَها ودعمَها المالي وبالأسلحة، وبالمقاتلين للكيان الصهيوني رغم أنه يواجهُ فصائلَ بسيطةً لا مقارنة للإمْكَانيات فيما بينهم، لكنهم يقفون أمريكا وبريطانيا وفرنسا وكل دول الغرب التي لديها إمْكَانيات مجتمعون مع الكيان الصهيوني جبهة واحدة، يؤيدون ويساندون كُـلّ ما يرتكبه العدوّ الإسرائيلي من جرائمَ بشعة بحق الأطفال والنساء، يقصفون الأبرياء في المدارس والمستشفيات، وهم يعرفون أن هؤلاء مدنيون لا يملكون سلاحًا.

فيما نرى مليارًا ونصفَ مليارِ مسلم ليس لهم أثر.. والله -سبحانه وتعالى- يقول: (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً).

السفنُ الإسرائيلية هدفٌ مشروعٌ:

لا نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده، لقد حدّد بيان القوات المسلحة اليمنية بوضوح أن الهدف المشروع هي سفن الكيان الصهيوني الإسرائيلي أَو السفن المملوكة لإسرائيليين، وطمأن كافةَ دول العالم التي تمر تجارتها عبر باب المندب البحر الأحمر لا يوجد أي قلق عليها.

وبناءً عليه فإذا كان المجتمع الدولي فعلاً حريصاً على أمن واستقرار المنطقة وعدم توسيع الصراع أن يوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وهذا طلب مشروع وحق مشروع لليمن ولكل مسلم، فالعدوّ الصهيوني هو من يهدّد أمن واستقرار المنطقة والممرات الدولية وقد أثبتت الأحداث والشواهد هذه الحقيقة.

دورُ الدول المطبِّعة ورسالة لشعوبها:

إن الأنظمةَ المطبِّعةَ مثل النظام السعوديّ والإماراتي والبحريني وغيرهم من المطبِّعين هم أدوات أصيلة في سياق المشروع الصهيوني، وكل عملهم لا يصب إلا في خدمة المشروع الصهيوني.

وهناك نؤكّدُ لكل شعوب تلك الأنظمة أن ما قامت به أنظمتُها يعد خيانةً للأُمَّـة وللقرآن وللإسلام، ولا يمثلها، فهي شعوب حرة وتمتلكُ من الإباء والنخوة الكثير، ونأمل أن يكون لها موقفٌ ضد هذا الانحراف والعمالة، (لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخر يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)، والتحَرّك للضغط عليها بكل الطرق والوسائل، فهذه مسؤوليةٌ دينية وأخلاقية.

كما نأمل أن يكونَ الحراك العربي واليمني مُستمرًّا، ولا يتوقف؛ لأَنَّ العدوّ الإسرائيلي يراهن على التفاعل اللحظي للشعوب العربية والإسلامية، بينما هو يواصل تنفيذ مخطّطه.

فلسطين توحّد اليمنيين والمسلمين كافة:

وهنا نشيد بكل المواقف المؤيدة والمباركة لهذه العملية البحرية العظيمة والمسددة من اليمنيين الذين وقفوا ضدنا طوال الفترة الماضية، ونقول لهم: عدونا وعدوكم هو العدوّ الذي أخبرنا الله عنه اليهود والأمريكان، وما يحدث في غزة شاهد على ذلك.

السرُّ وراء تحَرّك اليمن بقيادة السيد عبدالملك الحوثي:

هناك تساؤلاتٌ لدى كُلّ شعوب الأُمّة العربية والإسلامية وأحرار العالم والأعداء قبل الأصدقاء تنظُرُ إلى هذا القائد وهذا الشعب وتبحَثُ عن السر الذي صنع هذه المواقف الكبيرة في زمن الصمت، والناصرة في زمن الخِذلان.

نقول لها: إنها دوافعُ الإيمان، إنها المدرسة القرآنية التي تبني هذه الروحيةَ المؤمنة وتتخرج منها هذه القيادة الفذة، إنها الثقافة القرآنية التي تصنع هذا الوعيَ وهذا العزم، وهذا الإصرار وهذه الشجاعة لدى الشعب اليمني المؤمن المليء بالنخوة والعزة والكرامة والحمية، وتدفعُه للقيام بمسؤوليته أمام الله، وبعدَ ذلك يفعل الله ما يشاء.

إنه القرآنُ الكريم أيها الشعوبُ العربية والإسلامية، أيها الحائرون، إنه القرآن يا أحرارَ العالم الذي يحاولُ العدوَّ الصهيوني إحراقه والإساءة إليه، إنه القرآن الذي يقدم كُـلّ هذا.

لقد قام السيد القائد عبدالملك الحوثي بمسؤوليته أمام الله، وقام بواجبِه الإسلامي والديني والأخلاقي، ونال الأجرَ الكبيرَ والرفعة عند الله والقرب منه؛ لاستجابته لله واتِّخاذ الموقف الصحيح؛ بناءً على توجيهاته، ودخل هذا القائد التاريخَ من أوسع أبوابه، وأدخل اليمنيين معه، وأصبح لدى كُـلّ مسلم القائدَ الإسلاميَّ الذي يُشارُ إليه بالبنان.

* المصدر: موقع صحيفة المسيرة