اليمن يتقن لعبة الحرب .. كيان إسرائيل تواجه العقدة الأخطر!
مريم السبلاني*
منذ إعلان اليمن انخراطه رسمياً، في الحرب إلى جانب المقاومة الفلسطينية في غزة، يتعرض كيان الاحتلال بشكل شبه يومي لضربات، كان يحاول المسؤولون الأمنيون الصهاينة، حتى الأمس القريب، إخفاء الدمار الناجم عنها إلى ان كشفت عنها وسائل الاعلام العبرية والغربية. كانت هذه الضربات لتكن معتادة، حتى لو خلّفت حجماً أكبر من الأضرار لو أنها كانت فلسطينية او لبنانية الهوية. لكن وصول المسيّرات والصواريخ اليمنية إلى الداخل المحتل، هو العقدة الأخطر، لما يرتبط بها بإمكانية تأثير ذلك على عدد من النقاط الجيواستراتيجية الأخرى، كـ “باب المندب” والبحر الأحمر.
تكمن أهمية الضربات اليمنية بمستويات عدة. يمكن تلخيصها بالتالي:
-هذه المعركة الأولى التي تختبر فيها القوات المسلحة اليمنية أسلحتها باستخدام مداها الأقصى، وبتحدٍ يكمن بتجاوز عدد كبير من الدفاعات الجوية الأميركية التي تمتلكها كل من السعودية ومصر والأردن والذين شاركوا بالفعل بإسقاط بعض منها. وبالتالي فهي تشكل فرصة مناسبة لاكتشاف فعالية هذه الأسلحة بما يتعلق بمكامن الضعف ونقاط القوة، استعداداً للمعركة الكبرى.
-تعزيز دور اليمن الإقليمي. خلال حرب أكتوبر عام 1973 تعرّض كيان الاحتلال لأول حصار بحري في تاريخه، بعد أن قام اليمن بعملية اغلاق بحري أمام السفن الصهيونية وتلك الداعمة لها في باب المندب. أكثر من نصف مليون كيلومتر ما بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط كانت ضمن الغطاء العملياتي في تلك الفترة، حيث تم اعتراض وتفتيش أكثر من 200 سفينة من بينها سفن حربية أميركية (Charles Adams) ما بين جزيرتي “بريم” و “جبل الطير”.
اليوم، بعد مرور أكثر من 50 عاماً، تعود هذه المأساة التي تعرضوا لها إلى أذهان المسؤولين الصهاينة، بفارق ملموس، يتمثل باستهداف الصواريخ اليمنية عمق الكيان، لأول مرة في التاريخ، بظل قيادة سياسية وعلى رأسها السيد عبد الملك الحوثي، تتبنّى العملية وتعِد بالمزيد رغم سيل التهديدات الأميركية التي تصل عبر سلطنة عمان.
-انخراط صنعاء إلى جانب المقاومة الفلسطينية بمواجهة كيان “إسرائيل” قد يجعل من اتفاق التطبيع السعودي الصهيوني يأخذ إطاراً مختلفاً. اذ ان ولي العهد السعودي المتعطش لفرض شروط تتلخص بزيادة وتيرة الحماية الأميركية بات شاهداً على أن الإدارة الأميركية لم تعد قادرة على تلبية سقف الطموحات المتوقع. بالمقابل، فإن الصواريخ التي أطلقت من الجغرافية السعودية سيأخذ محمد بن سلمان ثمنها عند استئناف مفاوضات التطبيع. الأمر نفسه ينسحب عن الورطة السعودية فيما لو قرر اليمن اعتبار اسقاط الصواريخ والمسيرات التي يطلقها تجاه كيان الاحتلال اعتداءً وبالتالي رد الضربة بضربة.
وهذا ما أبداه عضو المكتب السياسي في حركة “انصار الله”، محمد البخيتي، في منشور على منصة X : “لم نكن نتوقع أن يكون ضرب العمق الصهيوني أشد إيلاماً للقيادة في السعودية والإمارات من ضرب الرياض وأبو ظبي”.
من ناحية أخرى، فإن الضربات التي تصل إلى إيلات، كونها النقطة الأقرب إلى الحدود، تفي بالغرض بالنسبة لإدارة المعركة المتفق عليها بين حركات المقاومة. وهو إيصال رسالة للمستوطنين بالدرجة الأولى، أن لا أمن لهم في أي مكان على الخارطة الفلسطينية، بعد أن اعتقدوا أن لجؤهم إلى إيلات هرباً من مستوطنات غلاف غزة قد يقيهم الضربات. وهو ما سيفتح الباب لاحقاً إلى موجات هجرة بأعداد كبيرة، بدأت تسجل أرقامها فعلياً، مع حديث الاعلام العبري عن هجرة حوالي 250 ألف مستوطن منهم كبار رجال الأعمال منذ بدء الحرب على غزة.
من ناحية أخرى، فإن التواجد العسكري الأميركي في المنطقة، واليمن تحديداً بات يشكل قلقاً ويلقى صدى واسعاً في أزقة البيت الأبيض، تتزايد وتيرته مع ارتفاع عدد هجمات المقاومة.
يشرف على العمليات الأمريكية في اليمن، قيادة العمليات الخاصة المركزية الأمامية – أو SOCCENT FWD- وعادة ما يتم اختصارها باسم SFY – وهو عنصر أمامي في قيادة العمليات الخاصة التي تتخذ من تامبا مقراً لها.
ويقول نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي لفن الحكم المسؤول، تريتا بارسي، وهو مركز أبحاث في واشنطن يدافع عن سياسة خارجية مقيدة، في هذا الصدد: “إن أفضل استراتيجية لتجنب الانجرار إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط هي عدم وجود قوات دون داعٍ في المنطقة في المقام الأول وإعادة أولئك الموجودين هناك الآن إلى ديارهم”. ويضيف “يعتقد بايدن أن القوات الأمريكية الحالية والجديدة في المنطقة تعمل كرادع ضد الهجمات، لكن بدلا من ردع هذه الجهات الفاعلة، أصبحت تشكل القوات الموجودة على الأرض أهدافاً حقيقية”.
* المصدر: موقع الخنادق الاخباري
* المقالة الصحفية تعبر عن راي الكاتب