يد أمريكية في معارك السودان
السياسية:
قالت الكاتبة الأميركية، جاكلين بيرنز، مستشارة سابقة للمبعوث الأميركي الخاص للسودان وجنوب السودان، في مقال لها في صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية أنّ واشنطن “ركزت بشدة على الحصول على تنازلات، وتقسيم السلطة بين الجماعات المسلحة في السودان للتوصل إلى اتفاقية سلام موقعة”. وعليه، فإن “العنف في السودان هو ذنبنا”، تضيف بيرنز.
كما أشارت إلى أنّ التوترات التي كانت في تصاعد منذ شهور بين الزعيمين العسكريين، رئيس مجلس السيادة الفريق الركن عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي، انفجرت أخيراً ضد ضغط الموعد النهائي الذي يلوح في الأفق لتسليم السلطة إلى حكومة مدنية.
ولاحظ المحللون أنّ الحركات التي ساعدت في الإطاحة بنظام عمر البشير كانت “ضعيفة للغاية وغير منظمة”، بحيث لا يمكنها منافسة الميليشيات المسلحة.
وأضافت: “هذه بالفعل عوامل محتملة في العنف. لكن المشاكل تعود إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير”.
وتابعت الكاتبة الأميركية، أنه عندما لم ينتهِ الصراع في السودان، بعد اتفاق السلام الشامل لعام 2005، وقع المجتمع الدولي في نمط مألوف من مفاوضات السلام التي لا تنتهي أبداً، بالتناوب من خلال وسطاء مختلفين.
لكن المشكلة تكمن في أنّ حلّ النزاع الذي يركز على توقيع اتفاقيات السلام التي تقسم السلطة بين الجماعات المسلحة، “نادراً ما يؤدي إلى سلام مستدام”. وغالباً لا يؤدي ذلك حتى إلى “سلام قصير المدى”، إذ إنّ آثار مثل هذه “الجهود الخاطئة، في حطام الخرطوم، واضحة للعيان”.
وقالت الكاتبة: “لقد رأيت هذا يحدث مراراً وتكراراً في كل من السودان وجنوب السودان، حيث كان بعض قادة الجماعات المسلحة الذين تعاملت معهم مهتمين أكثر بمشاهدة مباريات كرة القدم المتلفزة بجوار حمام السباحة بالفندق، وقيامهم بجدولة الاجتماعات لتحقيق مكاسب خاصة بهم، بدلاً من مناقشة العنف الذي يؤثر على الناس”.
وعليه، يقوم المتدخلون الدوليون، في هذه الحالة الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، بدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وآخرين، بإضفاء الشرعية على هذه الجماعات المسلحة بصفتها “سماسرة السلطة”، أو الأصوات الوحيدة الصالحة التي يجب الاستماع إليها، بينما يطلبون من السودانيين “الانتظار بهدوء، دورهم الذي لا يأتي أبداً”.
وتابعت الكاتبة: “في عام 2011، بدأت العمل مع المبعوث الأميركي الخاص للسودان وجنوب السودان. لقد ركزنا بشدة على الحصول على تنازلات، وتقسيم السلطة بين الجماعات المسلحة، للتوصل إلى اتفاقية سلام موقعة، والتي، على الرغم من التشدّق بالحاجة إلى الشمولية والسلام المستدام، إلا أننا فقدنا رؤية هذا الهدف على المدى الطويل”.
وختمت الكاتبة بالقول: “إذا استمر المجتمع الدولي في إعطاء الأولوية لأصوات المسلحين والفاسدين، على أولئك الذين يسعون إلى الإصلاح والتمثيل السياسي الحقيقي، فلا يمكننا أن نتوقع أقلّ من استمرار دائرة العنف والمعاناة الإنسانية التي شهدتها السودان خلال الأسبوع الماضي”.