من كالصماد رئيس و شهيد!!
دينا الرميمة
ثمة من ينحتون اسمائهم على صدر التأريخ بحروف من خيوط الشمس التي لا تنطفئ ولا يأفل شعاعها لعظيم أقوالهم التي لم تكن مجرد كلمات انما ترجمتها أفعالهم وجهودهم العظيمة التي لمسها الأرض والانسان معا، شعورا بالمسؤولية تجاه دينهم واوطانهم وشعوبهم، أمثال هؤلاء العظماء كان الرئيس الشهيد “صالح الصماد” الذي جند نفسه لله مع أولئك الثائرين الأولين ضد أمريكا والصهيونية لإماطة اذاهم عن بلدهم اليمن وعن أمتهم، ابتداءاً من الحروب الست على صعدة وحتى العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، وذلك لما حظي به من تربية ايمانية جهادية ووطنية جعلته يبذل روحه في سبيل دينه ووطنه وليس طلبا لمنصب أو رتبة!!
ولعظيم أخلاقه وحنكته السياسية وروح المسؤولية التي يتمتع بها فقد اجمع الكل على تسليمه منصب قيادة دولة باتت حافة الانهيار لسوء إدارة الأنظمة السابقة ودمر ما بقي منها العدوان الذي كان هدفه الأول تعطيل كل مؤسسات الدولة، ولكنه ما إن تسلم قيادتها حتى عمل جاهداً على معالجة الاختلالات ومكامن الخلل، وبدأ في البحث عن اوكار الفساد المتفشي للقضاء على كل أسباب الانهيار والسقوط بما يخدم الشعب ويخفف معاناتهم.
شعاره “نريد أن نبني دولة تخدم الشعب وليس شعباً يخدم الدولة”، فكان الرئيس الشهيد حاضرا بين أوساط الشعب، يتفقدهم ويتلمس حاجاتهم تجده في العزاء مواسيا وفي المناسبات حاضرا وعند المرضى زائرا وللمحتاج ملبيا وللمظلوم منصفا ما جعل الشعب كله يمنحه حبه وثقته ويؤمن بأنه رجل المسؤولية الذي سيعمل على بناء دولة حديثة وفق القاعدة التي أعلنها “يد تبني ويد تحمي”.
ولأجل اليد التي تحمي فقد عمل الصماد على بناء جيش وطني يقاتل لأجل بلده على مبادئ قرآنية وأسس وثوابت وطنية فتخرجت في عهده العديد من الدفعات العسكرية، وكذلك تحرك الرئيس في مجال التصنيع العسكري لصناعة الأنظمة الدفاعية وتطوير وصناعة الأسلحة البالستية والطائرات المسيرة التي كان لها الدور الكبير في قلب معادلة هذه الحرب التي ظنها العدو ستنتهي لصالحه وخلال فترة وجيزة،
وكما ان منصبه كرئيس للدولة لم يجعله يمتطي كرسي الرئاسة ويتابع الأحداث من عليها إنما كان حاضرا في كل جبهات القتال يشارك المجاهدين في صناعة النصر لليمن ولا يحلو له المقام الا في جبهات القتال يستمد من ابطالها الثقة ويرفع معنوياته بهم كونه يرى ان مسح الغبار عن احذية المجاهدين هو اشرف من كل مناصب الدنيا، وتشهد له كافة الجبهات ومتارسها، وكان لوقع تلك الخطوات للرئيس الشهيد ولتلك اللمسات الحانية والكلمات المواسية الأثر الكبير بين أوساط شعب مكلوم يعاني مأساة حرب ظالمة لتحيل تلك المخاوف والآلام إلى صمود وتسابق إلى مختلف الجبهات وإنطلاقة بناء وتشييد وطن كادت رياح الحرب البغيضة أن تعصف به الى أحضان الارتهان.
وهو الأمر ذاته الذي جعل دول العدوان تعده ثاني المطلوبين ضمن قائمة تصم أربعين شخصية، ولذلك عقدت العزم للتخلص منه فكان رده عليهم
“إن سفك العدو دمي يوماً فصدقوني لن يأتي بجديد فدماء اليمنيين التي يسفكها منذ سنوات هي دمي”، وفي هذا دلالة واضحة على مدى ارتباطه بشعبه وبلده التي شاءت الأقدار ان يخرج منها خونة تلبسوا ثوب الوطنية زيفا وفضحتها دماء الصماد بعد ان تجندوا في صف العدوان للقضاء عليه، وعلى أرض الحديدة التي احبها ووعد أهلها بأن يبذل دمه دونهم فكان ما وعد به هو ختام مسيرته شهيدا نقيا على رمال تهامة السمراء تاركا الحديدة لتكون أمانته في قلب شعبه الذين جعلوا منها مقبرة لأولئك الغزاة الطامعين ولقنوهم فيها أقسى الهزائم وأحالوا احلامهم فيها كوابيس قاتلة وخيبوا ظن العدو ان رحيل الصماد سيمكنهم من الحديدة ومن اليمن فخابت ظنونهم وظلت مأثره واثره توهن كيدهم حتى يومنا هذا.