السياسية:
رشيد الحداد*

 

بدا لافتاً أداء الميليشيات المسلّحة الموالية للإمارات، وخصوصاً ما يسمى «المجلس الانتقالي الجنوبي»، خلال المدّة التي أعقبت انتهاء الهدنة في الثاني من الشهر الجاري، إذ استمرّت في نشاطها الميداني، ضاربةً عرض الحائط بمتطلّبات الهدنة. وفي انتظار ما ستؤول إليه المفاوضات الجارية، وخصوصاً في مسقط، سُجّل حراك لأنصار «الانتقالي» في اتجاه هضبة حضرموت النفطية في مدينة سيئون، المركز الإداري لوادي وصحراء حضرموت، معقل حزب «الإصلاح»، فضلاً عن التصعيد في جبهة الساحل الغربي، وجبهتَي يافع والبيضاء. من جهتها، رفضت قيادات سياسية مقرّبة من السعودية هذه التحرّكات، خصوصاً أنها بعد قرار الرياض إنهاء وجود فصائل تابعة للإمارات في محيط قصر المعاشيق الرئاسي في مدينة عدن، الأسبوع الماضي.

 

وفي هذا السياق، قالت مصادر محلية، لـ«الأخبار»، إن الرياض أَرسلت دفعة كبيرة من القوات العسكرية إلى عدن، هي الثالثة في غضون أسابيع، واعتَبرت ذلك «مؤشراً واضحاً إلى عزْم السعودية على إنهاء نفوذ الفصائل الموالية للإمارات التي تحكم سيطرتها على المواقع الحيوية والحكومية في المدينة منذ عامين»، وأشارت إلى أن القوات السعودية الجديدة ستتولّى حماية المؤسسات في المدينة التي كانت تخضع لسيطرة ميليشيات «الانتقالي».

توازياً، عقد رئيس ما يسمى «المجلس الرئاسي»، الموالي للرياض رشاد العليمي، الخميس، اجتماعاً مع اللجنة المكلّفة بهيكلة ودمج كافة الفصائل المسلحة في إطار وزارتَي الدفاع والداخلية التابعة للحكومة المدعومة من التحالف. وخُصِّص الاجتماع، وفق وكالة «سبأ» التابعة لحكومة المرتزقة، لمناقشة تنفيذ مهامّ اللجنة المحدَّدة ضمن إعلان نقل السلطة الذي صاغته الرياض مطلع نيسان الماضي. وقد جرى الاجتماع في ظلّ غياب رئيس «الانتقالي»، عضو «الرئاسي» عيدروس الزبيدي، الذي رفض تنفيذ هذا البند، واعترض على مساعي دمْج قواته ضمن قوات تخضع للجانب الحكومي بعدن. وجاءت هذه الخطوة في أعقاب اتهامات وجّهها الزبيدي للسعودية والموالين لها في «الرئاسي» بالتخطيط للانقلاب عليه والسيطرة على مدينة عدن والمدن الجنوبية الأخرى. وأتت اتهاماته للمملكة بعدما تمكّنت الإمارات من نقله من الرياض حيث كان محتجزاً منذ أسبوع، إلى أبو ظبي.

في هذا الوقت، رفضت الرياض دعوات عدد من القيادات اليمنية الموالية لـ«التحالف» بالتصعيد العسكري ضدّ صنعاء، خصوصاً بعد العملية العسكرية في ميناء الضبة، وكلّفت سفيرها لدى اليمن، محمد آل جابر، بتقديم عروض جديدة لـ«أنصار الله» تخصّ الهدنة، منها فتح مطار صنعاء إلى وجهات عدّة، بينها مدينة جدة، لنقل المغتربين والمعتمرين اليمنيين، وكذلك لتسهيل دخول سفن المشتقّات النفطية إلى ميناء الحديدة من دون قيود، وصرْف رواتب الموظّفين المدنيّين، كخطوة أولى على طريق بناء الثقة، تتبعها خطوات أخرى. وتحدّث آل جابر، في سلسلة تغريدات، عن استعداد «التحالف» لـ«تقديم الدعم الاقتصادي والإنساني والتنموي للشعب اليمني من دون تمييز»، قائلاً إن بلاده «تعوّل كثيراً على العقلاء» في مناطق سيطرة «أنصار الله» لـ«السير في إجراءات السلام».

وعلى رغم تجاهل صنعاء عروض آل جابر، إلّا أنها أثارت جدلاً واسعاً في أوساط الموالين للحكومة التابعة لـ«التحالف»، الذين اعتبروها بمثابة تخلٍّ غير معلن عن دعم ما تسمى «الشرعية» و«المجلس الرئاسي»، ومقدّمة لتهميشه في المفاوضات التي تجري بوساطة عُمانية في مسقط. وذهب بعض الناشطين السياسيين إلى اعتبار لغة الخطاب المعتدلة التي استخدمها السفير السعودي لدى مخاطبته صنعاء «دليلاً على اعتراف الرياض بالحوثيين كسلطة أمر واقع».

*المصدر: الاخبار اللبنانية

* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع