السياسية-عبدالعزيز الحزي

يواصل كيان العدو الصهيوني اللعبة المُتكررة التي يظهر ويكرس فيها دور الضحية رغم أنه القاتل والجلاد، بعدما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس حكومة الكيان الغاصب بنيامين نتنياهو ووزير حربه يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة

وفي ظل نظام عنصري فاشي يتعامل على أنه فوق القانون، ومجتمع دولي يدعم هذا النظام بقوة وعلى حساب سمعته الأخلاقية، ودعم أمريكي لا محدود للكيان الغاصب، قررت "المحكمة الجنائية الدولية" إصدار مذكرة الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت لتكون هذه المذكرة بمثابة زلزال قوي لهذا النظام المجرم ولشريكه "الأمريكي" في الإبادة.

وقد توالت ردود الأفعال حول قرار المحكمة الدولية إصدار مذكرات توقيف بحق نتنياهو وغالانت، إذ أعربت فرنسا عن دعمها لاستقلالية المحكمة الجنائية الدولية التي طلب المدعي العام فيها إصدار مذكرات توقيف بحق قادة صهاينة.

وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية الفرنسية: إن "فرنسا تدعم المحكمة الجنائية الدولية واستقلاليتها ومكافحة الإفلات من العقاب في جميع الحالات".. مُجددة تحذير الكيان الصهيوني "بضرورة الالتزام الصارم بالقانون الإنساني الدولي، وخاصة المستوى غير المقبول للضحايا المدنيين في قطاع غزة وعدم وصول المساعدات الإنسانية بشكل كاف".

كما أكدت الصين دعمها لمذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس وزراء حكومة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، ووزير حربه السابق يوآف غالانت.

فيما أعلن رئيس الوزراء الأيرلندي سيمون هاريس، أن الشرطة الأيرلندية ستنفذ قرار المحكمة الدولية.. مؤكداً أنها ستعتقل رئيس وزراء حكومة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو إذا وصل إلى أيرلندا.

لكن الرئيس الأمريكي جو بايدن عبر عن رفضه تحرك الادعاء العام في المحكمة الجنائية الدولية بهدف إصدار مذكرة اعتقال بحق نتانياهو.

وانتقد بايدن بشدة مبدأ مساواة الكيان الصهيوني بحركة حماس مُجِدداً التزام واشنطن بأمن الكيان الغاصب، وشدد على أن الحرب التي يشنه الكيان على قطاع غزة ليست حرب "إبادة جماعية".

كما أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن رفض الولايات المتحدة القاطع تحرك المدعي العام الدولي ضد الكيان الصهيوني ورئيس وزرائه ووزير حربه السابق.

وفي أول تصريح، لنتنياهو قال: إنّ قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بحقه أمر سخيف وإن هذه الخطوة تهدف إلى استهداف الكيان بأكملها، ورفض "مقارنة المدعي العام في لاهاي بين الكيان الغاصب وحماس.. مضيفاً: "بأي جرأة تقارن حماس بجنود جيش الحرب الصهيوني الذين يخوضون حربا عادلة" على حد زعمه.

كما وصف وزير خارجية الكيان الصهيوني يسرائيل كاتس طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت بـ"الفضيحة" وقال: إنه فتح غرفة عمليات خاصة داخل وزارة الخارجية للتصدي لخطوة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.

ومع استمرار سياسة الكيان الصهيوني في الإبادة والتصفية العرقية والاغتيالات، وفرض الشروط المسبقة، واستمرار تضييق الخناق على الشعب الفلسطيني ومصادرة المزيد من أراضيه، وفي الوقت ذاته التباكي أمام المجتمع الدولي بأنه ضحية، فقد آن الأوان ليوجه المجتمع الدولي اليوم عينيه وأذنيه التوجيه الصحيح، عله يرى أخيرا من هو الجلاد والقاتل ومن هو الضحية، الكيان الغاصب أم الفلسطينيون؟!!

ولقد دأبت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن حينما قامت بدور الوسيط "الغير نزيه" بين الفلسطينيين والصهاينة، على تسليط الضغوط القوية على الجانب الفلسطيني من أجل أن يتنازل عن حقوقه التي يكفلها له القانون الدولي والقرارات الدولية.

واستمرت هذه الإدارة الشريكة في الإجرام في دعم جرائم الكيان الصهيوني وفي تغيير معالم الأرض الفلسطينية المحتلة، بل والشراكة في الإبادة والمجازر بتزويد الكيان الغاصب بمخلف أنواع الأسلحة الفتاكة ودعم أنشطة الكيان الصهيوني في بناء مستوطناته، وتوفير الحماية السياسية بمنع المجتمع الدولي من إدانته وإصدار قراراته الملزمة بشأنه.

وقد استخدمت واشنطن أربعة قرارات "فيتو" لصالح الكيان الصهيوني في مجلس الأمن، لكن إصدار محكمة الجنائية الدولية مذكرة التوقيف كان بمثابة ضربة وهزيمة استراتيجية للكيان الغاصب ومؤيديه من الناحية المعنوية والإعلامية والسياسية كونها ستضع الكيان في مصاف الدول المنبوذة فلا يستطيع نتنياهو ولا وزير حربه السابق السفر إلى الدول الأعضاء في المحكمة والموقعة على نظام روما الأساسي، لأنها ستكون ملزمة بتوقيفهما، وإذا لم يلتزمون بالقرار فسيكونون أمام حرج كبير، وسيُعتبر عدم تنفيذ القرار من قبل الغرب بأنه سقوط أخلاقي جديد للمجتمع الدولي ولأكبر منصات العدالة في العالم ما يزيد من كشف القناع للحضارة الغربية.

وبحسب المحللين، فإن قرار المحكمة يعتبر بلا شك عزلة للكيان الصهيوني وسقوط للسردية والرواية الصهيونية على أن القاتل والمجرم هو "الضحية" وأن الضحية الفلسطيني هو القاتل والجلاد، أو باتهام كل من يعارض مصالح الكيان الصهيوني أو يقف أمامه فهو في خانة الـ "معاداة للسامية".

كما يعتبر القرار سقوط أخلاقي للولايات المتحدة وسمعتها جراء موقفها مما يحدث في غزة وترك العدو الصهيوني يفعل ما يشاء ويضرب بقرارات المجتمع الدولي وقوانينه عرض الحائط.