السياسية – سليمة مليزي*

 

الكتابة للطفل تعتبر من أصعب الفنون الادبية حيث. يتطلب على الكاتب أن يدرس جيدًا سلوكيات التربية عند الطفل ، حتى يتمكن من الولوج الى أفكاره الحالمة حيث. يعتبر خيال الطفل واسعٌ وليس له حدود في تخيّل الاشياء العادية وأحلامه الواسعة التي يريد دائماً التحلق بها في الفضاء ، ومخيلته تذهب بعيدً ا عن الواقع المعاش ، خاصة اذا قرأ القصص الخيالية ، و العلمية ، او شاهد افلام الكرتون التي هي المحببة للطفل اكثر من الكتاب .

فالطفل في أولى مراحل حياته نجده يقلد ما يحدث في محيطه ، خاصة يقلد كثيراً والديه ، لذلك يجب على الاولياء أن يراعون جيدًا تصرفاتهم أمام طفلهم   ، ويحسنون التصرف أمامه ، ويعاملونه كانه شخص كبير ، ويسمعون الى اسالته التي نجدها عند الاطفال الاذكياء أحيانا غريبة ، وتكون أكبر من سنهم ، لذلك السلوك الجيد في المعاملة مع الطفل يجعله يظهر ذكائه ، مبكراً خاصةً اذا علمناهُ المطالعة ،وحببناهُ في الكتاب الذي يعتبر جزءً لا يتجزآ من اشيائه المهمة في تربيته .

من هنا ندرك أهمية الكتابة للطفل ، لأنها تخلق له خيال واسع. وتكسبهُ المعرفة والعلوم ، وتؤهلهُ أن يكون تلميذاَ ناجحاَ في دراسته ، وقد ربط بعض الخبراء ، ان الطفل الذي يحب مطالعة القصص خاصة اذا قام بتمثيل القصة بينه وبين نفسه على شكل مونولوغ ، او حوار مزدوج ، تعلمه كيف. يعي نفسه أن يكون كاتباً أو اعلامياً أو استاذ أو مديراً ناجحاَ في المستقبل ، 
وتُصبح الكتابة عند إتقانها عملية تلقائية؛ حيث يستطيع الطفل التركيز على عمله دون القلق بشأن كيفية تشكيل الحروف.

كما يحتاج الأطفال أو المراهقون إلى إصدارات أدبية مختلفة لتغذي جوانب تفكيرهم و تقوي نواحي الخيال و الإبداع والحوار و التفكير الناقد فيهم ، و تشبع حاجاتهم و ميولهم، و توجه اتجاهاتهم و تفكيرهم بما يربطهم بأصالة ماضيهم و يكيفهم بطبيعة حاضرهم و يؤسس رؤاهم المستقبلية؛ لتكون وسيلة من وسائل التعليم و التثقيف بالتسلية و المشاركة في الخبرة ، و طريقا لتكوين العواطف السليمة، و تنمية المشاعر الوطنية الصادقة ، و أسلوبا يقفون به على الحقيقة و يكتشفون مواطن الصواب و الخطأ في المجتمع، و يتعرفون طريق الخير و الشر في الحياة ، و سبيلا لتوجيه أنواع الخيال و فنون الكتابة لديهم، ليستشرفوا به على عالم باتت المعرفة فيه متجددة، و التقانة العلمية متسارعة حتى يتحقق التوازن النفسي و الفكري للأطفال في مراحل نموهم و نضجهم؛ ليواجهوا طبيعة الحياة و ما تفرضه عليهم بيئتهم و عالمهم.

من هنا كان  اهتمامي  بأدب الأطفال ” باعتباره من أقوى الدعامات في بناء الإنسان، و فتح معالم المعرفة أمامه، لذلك حسب تجربتي الطويلة في الكتابة للطفل ، ادافع كثيرا عن هذا النوع من الادب الذي يعتبر مهماً جداً ، حيث اذا كتبنا للطفل وتكوّنَ تكويناً سليماً ، سيكون رجل الغد الذي يصنع مجد هذا الوطن ، لذلك أنا في صدد خوض  ترجمة القصص الموجهة للطفل. المترجمة الى اللغة الفرنسية والانجليزية ، حتى نعزز تعليم الطفل اللغات الحية منذ نعومة اظافره ، حتى تساعده  في المستقبل أن يكون تلميذاً ناجحاً ، وتسهل عليه تعليم اللغات الحية ، وتعتبر التجربة التي انتهجتها دار رومنس القرن 21للنشر والتوزيع و التوزيع والترجمة ، فريدةٌ من نوعها في الجزائر ، رغم غلاء الطباعة بالنسبة لقصص الاطفال ، التي تتطلب الرسومات باليد من طرف فنان ، والالوان الزاهية التي تجذب الطفل وتحببه في المطالعة، رغم النداءات الكثيرة التي ناشدنا بها وزارة الثقافة من أجل التكفل بطباعة قصص الاطفال ، الا أننا وجدنا أنفسنا. نصارع غلاء طبع القصص ، ونتحدى كل الصعاب من أجل. انتعاش أدب الطفل في الجزائر ، ومن اجل مواصلة حلمنا ان ننهض بهذا الادب الى العالمية ، وتوظيف القصص الشعبية الجزائرية المستوحاة  من التراث العريق والغني ، لذلك اقترح أن يكون منتدى مستقبل للاهتمام بأدب الطفل ، وتكون رعايته من طرف وزارة الثقافة والتربية .

* نقلا عن :رأي اليوم