حزب الله والإقليم: رافعة شعبية وطنية.. لا تهمة
شارل أبي نادر*
صحيح أن النقطة الأكثر اهتمامًا وتركيزًا من قبل خصوم المقاومة، والتي اتخذ منها هؤلاء حجة للتصويب على حزب الله، هي دور حزب الله في الملفات الاقليمية، إلا أن هذا الدور سيشكل رافعة شعبية وطنية له في الانتخابات، لن تكون أقل أهمية من الرافعة الطبيعية والتي هي بيئته ومؤيدوه ومحبوه وحلفاؤه.
– أولًا في الملف السوري: كان لحزب الله دور أساسي في دعم الجيش العربي السوري ودعم الدولة السورية في مواجهة الحرب الكونية التي شنَّت عليها. وهذا الدور بواجهته الرئيسية الميدانية والعسكرية، كان أساسيًا، من خلال ما بذله حزب الله عبر شهدائه ومصابيه وجهوده الضخمة، لدعم القيادة السورية بمواجهة كل ما تعرضت له من ضغوط. وقد انخرط حزب الله استباقيًا في هذه الحرب انخراطًا كاملًا، وكأن المدن والبلدات والمناطق السورية التي تعرضت للهجمة الارهابية، هي بلدات ومدن ومناطق منتشرة في جنوب لبنان أو في بقاعه أو في أي منطقة لبنانية أخرى.
الأهم في تدخل حزب الله في معركة الدفاع عن سوريا بمواجهة الارهاب الدولي، هو البعد الاستباقي، والذي من خلاله، خلقت المقاومة ارتباطًا كاملًا بين الميدان اللبناني والميدان السوري في المعركة ضد الارهابيين، فكانت مواجهات المقاومة في جرود لبنان الشرقية والشمالية الشرقية، امتدادًا عضويًا لمعاركه في القصير وفي حمص وصولًا إلى تدمر والبادية وحتى إلى الحدود السورية العراقية، وهذا الرابط بين الميدانين اللبناني والسوري، والذي تنبهت له المقاومة، كان أساسيًا في الدفاع عن لبنان، مثلما كان أساسيًا في الدفاع عن سوريا.
– ثانيًا في الملف اليمني: بمعزل عن عدم صحة ما روّج له من وجود لحزب الله في اليمن في الميدان العسكري دعمًا لـ”أنصار الله”، كان لموقف حزب الله الاعلامي والسياسي الثابت والواضح مع القضية اليمنية، دور رئيسي في دعم معركة الجيش واللجان و”انصار الله”. لقد تعرض اليمنيون لضغوط اعلامية وسياسية ضخمة، بهدف تضييق الخناق على معركتهم والتأثير على عناصرها، والتي تطورت بشكل صادم، لتفرض معادلة ردع بمستوى دولي، ولتحقق انتصارًا غير طبيعي، بمواجهة هجمة اقليمية ودولية شرسة غير مسبوقة في التاريخ.
– ثالثًا في الملف الفلسطيني: قضية فلسطين هي درة وأساس قضايا محور المقاومة، ونقطة ارتكاز الصراع والمواجهة ضد العدو الاسرائيلي. انطلاقًا من هذه الثابتة، كان دور حزب الله في دعم المقاومة الفلسطينية، ربما، الأكثر تاثيرًا من الناحية العملية في تثبيت عناصر قوة هذه المقاومة، وخاصة في قطاع غزة. استفادت المقاومة في غزة من خبرات قادة وكوادر حزب الله في تكتيكات القتال والمواجهة، وفي تنظيم أسس الدفاع المتماسك والأنفاق التي فاجأت الصهاينة. الأهم في هذه الخبرات تمثّل بمناورة الصواريخ، فشكّل مستوى الردع الذي وصلت اليه الوحدات الصاروخية الفلسطينية، بعدًا صادمًا في المواجهة ضد العدو.
في الواقع، تبين أن هناك ارتباطًا عضويًا أساسيًا بين ما تعرضت له سوريا وبين القضية الفلسطينية. فالهجمة الدولية على سوريا جاءت بنسبة كبيرة منها على خلفية دور القيادة السورية في دعم المقاومتين في لبنان وفي فلسطين المحتلة، وامتدادًا في دعمها لمشروع التحرير وانهاء الاحتلال الصهيوني. هذا المشروع يقوده محور المقاومة وعلى رأسه ايران، لذلك، كانت الحرب على سوريا وجهًا آخر من أوجه الصراع مع العدو الاسرائيلي، ومتابعة الأخير لمناورة الاعتداءات المتواصلة على سوريا، يأتي بشكل أساسي ضمن هذا الصراع الواسع.
أيضًا، لقد تبين بعد مرور هذه السنوات، أن المواجهة والصراع ضد الاسرائيلي، يحملان الكثير من الارتباطات المباشرة مع العدوان على اليمن في بعده الاستراتيجي، والمتعلق بباب المندب وبجزيرتي سقطرى وميون اليمنيتين، وبالبحر الأحمر، وسعي دول العدوان على اليمن، تنفيذًا لأجندة أميركية – اسرائيلية، الى تثبيت سلطة يمنية مرتهنة يكون الأساس في مشاريعها التطبيع مع العدو من جهة، ومن جهة أخرى، تأمين حماية تطبيع الدول الخليجية معه، من خلال الامساك بالمعابر المائية الأكثر حساسية وتأثيرًا في الصراع، ومن خلال تسهيل التمدد الاسرائيلي البحري نحو الخليج عبر البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.
وهكذا، قد يكون البعد الاستباقي الذي ميّز مناورة حزب الله، بحماية سوريا ولبنان ونصرة اليمن ودعم معركة المقاومة الفلسطينية، هو النقطة الأهم، والتي ستكون مفتاحًا لرافعة شعبية ووطنية لبنانية، لِلوائحه وللوائح حلفائه، والذين يملكون أيضًا مستوى غير بسيط من البعد الاستباقي ومن النظرة الاستراتيجية، دفعتهم لدعم حزب الله ومساندته في موقفه من الملفات الاقليمية وخاصة في سوريا. من هنا، سيرى ويقتنع الناخب اللبناني، أن من يملك هذا البعد الاستباقي والنظرة الاستراتيجية لمصلحة وطنية وقومية عربية، والتي تُرجِمَت انتصارات وصمودًا في ملفات الاقليم التي تعامل معها حزب الله وحلفاؤه بروح مسؤولة، هو الأجدر والأنسب ليكون أساسيًا، ضمن فريق قيادة أي مرحلة سياسية في لبنان، ستعمل على بلورة رؤية داخلية صحيحة لإدارة الملفات اللبنانية المتشعبة والمعقدة.
* المصدر :موقع العهد الإخباري