وسط توقعات باستئناف المفاوضات.. موسكو تواصل عملياتها العسكرية في أوكرانيا
السياسية : عبدالله المراني
وسط توقعات باستئناف المحادثات بين موسكو وكييف وتصعيد الدول الغربية دعمها السياسي والاقتصادي والعسكري لأوكرانيا.. يواصل الجيش الروسي عملياته العسكرية في أوكرانيا لليوم الثامن على التوالي.
وفي هذا السياق قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماعه بمجلس الأمن الروسي، مساء اليوم الخميس: إن الجيش الروسي يقاتل في أوكرانيا “حتى لا يهدد أحد أمن روسيا”.. مؤكدا أن الشعب الروسي يفتخر بقواته المسلحة.
وشدد بوتين بحسب موقع قناة “روسيا اليوم” على أن “العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا تسير حسب المخطط وبالالتزام التام بالجدول الزمني”.. لافتاً إلى أن هناك مرتزقة يقاتلون في صفوف القوات الأوكرانية ويتصرفون بأساليب عصابات الإرهابيين.
وكانت وزارة الخارجية الروسية، قد أكدت في وقت سابق اليوم، أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ستستمر حتى النهاية.
وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إنه سيتم إيجاد حل للوضع في أوكرانيا، وأعرب عن استعداد روسيا للتفاوض.. مؤكدا في الوقت نفسه استمرار العملية العسكرية حتى نزع سلاح أوكرانيا.
وشدد لافروف خلال ندوة صحفية اليوم الخميس، على أن موسكو لن تسمح بوجود تهديد بشن هجوم مباشر على روسيا ينطلق من أراضي أوكرانيا.
وانتقد لافروف النظام في كييف قائلا: إنه يستعين بقتلة حقيقيين، وأن القوميين المتطرفين يتصرفون كقطاع الطرق في دونباس.
وأعرب لافروف عن استعداد روسيا للمفاوضات، لكنه أكد في الوقت نفسه أن العملية العسكرية ستتواصل حتى نزع سلاح أوكرانيا.
كما أكد أن روسيا لن تسمح بانتهاك مصالحها وبتهديد أمنها.. مشدداً على أن الغرب لا يستطيع أن يقرر بدل موسكو ويحدد ما هو مطلوب لضمان أمن روسيا.
وتطرق إلى محاصرة وسائل الإعلام الروسية.. مشيرا إلى أن أوروبا والولايات المتحدة تبذلان كل ما بوسعهما لإغلاق أي وسائل إعلام ومصادر معلومات من روسيا.
وكشف أن لدى موسكو معلومات تفيد بأن البنتاغون قلق بشأن الوضع حول مختبرات الأسلحة الكيميائية والبيولوجية في أوكرانيا، وإمكانية فقدان السيطرة عليها.
وقال وزير الخارجية الروسي: “بالنسبة لنا لا يوجد تصعيد من أجل التصعيد، كما يحاول المحللون الغربيون أن ينسبوا إلينا.. والحديث عن الحرب النووية جار الآن.. أطلب منكم النظر بعناية شديدة في البيانات التي تم الإدلاء بها وفي الشخصيات التي أدلت بهذه التصريحات”.. مشيرا إلى أن الحديث عن حرب عالمية ثالثة وعن الأسلحة النووية الغرب هو من بادر به.
بدوره قال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، في تصريح صحفي: إن “العملية العسكرية الخاصة ستستمر حتى النهاية، لنزع السلاح في أوكرانيا، والقضاء على النازية، ولحل القضايا المتعلقة بالاعتراف بالجمهوريات ومسائل أخرى، كل هذا يجب ضمانه”.
وأشار ريابكوف إلى أنه “من المحتمل أن يكون هناك حوار ما في بيلاروس” بين روسيا وأوكرانيا.. مضيفاً: “مرة أخرى لم يتم إجراء حوار بالأمس بسبب غياب الوفد الأوكراني، إلا أن هذه مسألة منفصلة.. نحن نعمل أيضا على المسار الدبلوماسي مع كل من هو منفتح ومستعد لمثل هذا العمل”.
وصرحت أيضاً المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في إفادة صحفية اليوم الخميس، بأن موسكو مستعدة للتفاوض إذا كانت لدى أوكرانيا الرغبة في ذلك.
وقالت زاخاروفا: “إذا تحدثنا عن المفاوضات، فيجب أن تكون هناك رغبة لدى الجانب الآخر للمشاركة فيها على الأقل، لأنك ترى مدى عدم اتساقها في بياناتهم – إما أنهم يريدون المشاركة، ثم لا يريدون المشاركة، ومن ثم يصعب عليهم الوصول إلى هناك، ثم يضيعون في الطريق، فهم متعبون، ونحن نتفهم أننا نتحدث عن إنهاء عملية التفاوض.. لذلك، إذا كانت لديهم الرغبة في التحدث والتفاوض، فنحن مستعدون لذلك منذ البداية”.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم، عن تدمير 1612 منشأة عسكرية في أوكرانيا خلال العمليات التي بدأت في 24 فبراير المنصرم.
وقالت الوزارة: إنّ القوات الروسية تتخذ خلال عملياتها العسكرية إجراءات لضمان سلامة السكان المدنيين.. مشيرةً إلى إمكانية مغادرة سكان بوروديانسك المنطقة عبر الممرات الآمنة.
وأشارت إلى سيطرة القوات الروسية على 4 مدن أوكرانية جديدة، بالتزامن مع تضييق قوات دونيتسك الخناق على مدينة ماريوبول وسيطرتها على مناطق فينوغرادنويه وفوديانويه.
وأوضحت أنّ الهدف من تدمير الاحتياطي التكنولوجي لمركز الإذاعة والتلفزيون في كييف كان “وقف الحرب النفسية”.
وأعلنت القوات الروسية، في وقت سابق، توجيهها ضربة إلى برج بث تلفزيوني في كييف باستخدام أسلحة فائقة الدقة.
من جانبه كشف المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف، أن المخابرات العسكرية الأمريكية أطلقت حملة واسعة النطاق لتجنيد مرتزقة من شركات عسكرية خاصة بغرض إرسالهم إلى أوكرانيا.
وقال كوناشينكوف: “عكفت المخابرات العسكرية الأمريكية بشكل واسع النطاق على تجنيد مرتزقة في الشركات العسكرية الخاصة لإرسالهم إلى أوكرانيا”.. مشيراً إلى أن البداية كانت بتجنيد موظفي الشركات العسكرية الأمريكية Academi و Cubic و Dean Corporation.
ولفت إلى أن بريطانيا والدنمارك ولاتفيا وبولندا وكرواتيا سمحت قانونيا لمواطنيها بالمشاركة في الأعمال القتالية على أراضي أوكرانيا.. وقال: إن “قيادة الفيلق الأجنبي الفرنسي تخطط لإرسال أفراد عسكريين من أصل أوكراني لمساعدة نظام كييف”.
وبحسب ما ذكرته وزارة الدفاع الروسية اليوم، فقد زادت الدول الغربية من إرسال المرتزقة من الشركات العسكرية الخاصة إلى مناطق القتال في أوكرانيا.. وشدد كوناشينكوف على أن المرتزقة في أوكرانيا لن يكونوا في عداد الحاصلين على وضع أسرى الحرب.
من جانب اخر أعلن رئيس مركز الدفاع الوطني الروسي الجنرال ميخائيل ميزينتسيف، أن وضعا إنسانيا كارثيا يتطور حاليا في أراضي أوكرانيا كلها تقريبا وخاصة في كييف وماريوبول وخاركوف وسومي.
وقال ميزينتسيف، خلال جلسة طارئة للمقر التنسيقي للاستجابة الإنسانية: “أسباب الاجتماع الطارئ هي الكارثة الإنسانية الوشيكة بالفعل في مدينة ماريوبول التي يقطنها نصف مليون نسمة، والكارثة الإنسانية الوشيكة في كييف التي يبلغ عدد سكانها حوالي 3 ملايين نسمة، وفي مدينة خاركوف التي يصل عدد سكانها إلى 1,5 مليون نسمة، وفي مدينة سومي التي يصل عدد سكانها إلى 300 ألف نسمة، وكذلك في عدد من التجمعات السكنية الأخرى”.
وأضاف: إن “الحالة الكارثية للأمور تتطور في جميع أنحاء أراضي أوكرانيا تقريبا”.. مشيراً إلى أن النازيين يحتجزون في كييف وخاركوف وسومي وأوديسا وماريوبول وكذلك في ما لا يقل عن 20 مدينة كبيرة أخرى، عشرات الآلاف من المواطنين الأوكرانيين ولا يسمحون لهم بالخروج إلى أماكن آمنة”.
من جانب آخر أعلن رئيس جمهورية الشيشان الروسية رمضان قديروف، أن القوات الشيشانية احتلت قاعدة عسكرية كبرى في أوكرانيا، وقامت بدحر كتيبة تابعة للقوميين المتطرفين الأوكرانيين.
وأفاد بيان نشر في صفحة الرئيس الشيشاني على “تليغرام”: “تواصل القوات الخاصة الشيشانية بقيادة حسين مجيدوف تحقيق النجاحات في العمليات الهجومية ضد “أنصار بانديرا” “القوميين”، فبمجرد ظهور مقاتلينا تسارع فيالق النازيين إلى الهرب، هذا طبعا في حال كان لديهم الوقت لذلك”.
وقال إن “كتيبة كاملة من القوميين هزمت وفر أكثر من 2500 من “أنصار بانديرا” دون إبداء مقاومة”.. مضيفاً: “استولى مقاتلونا على أكبر قاعدة عسكرية في أوكرانيا”.
الجدير ذكره أن روسيا أطلقت في 24 فبراير عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا بهدف “حماية الناس الذين تعرضوا للإهانة والإبادة الجماعية من قبل نظام كييف على مدى 8 سنوات”، حسبما صاغه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال بوتين إن هذا الوضع تطلب تنفيذ عملية “لنزع السلاح من أوكرانيا”، وحماية المدنيين في دونباس.
وردت الدول الغربية على تحرك موسكو بفرض عقوبات اقتصادية غير مسبوقة على روسيا.
من جهة أخرى اُعلن في باريس أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أجرى محادثات مجددا، اليوم الخميس، مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، ثم مع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي.
وقال قصر الإليزيه في بيان له: إن ماكرون أجرى مكالمة هاتفية مع بوتين، هي الثالثة بين الرئيسين منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في 24 فبراير الماضي.
من جهتها طلبت أوكرانيا، اليوم، من أعضاء منظمة التجارة العالمية فرض حظر اقتصادي على روسيا وعدم تطبيق اتفاقيات منظمة التجارة العالمية في العلاقات مع موسكو.
وكتبت البعثة الأوكرانية للمنظمات الدولية في جنيف على “تويتر”: “أبلغت أوكرانيا أعضاء منظمة التجارة العالمية بقرار فرض حظر اقتصادي كامل وعدم تطبيق اتفاقيات منظمة التجارة العالمية بعد الآن في العلاقات مع روسيا الاتحادية”.
ودعت البعثة أعضاء منظمة التجارة العالمية الآخرين إلى اتخاذ إجراءات تقييدية مماثلة ضد روسيا، على خلفية العملية العسكرية التي تقودها موسكو في أوكرانيا.
وبالرغم من أن القوات الروسية تواصل تضييق الخناق بشكل تدريجي على العاصمة الأوكرانية كييف حيث قامت الثلاثاء بتدمير برج الإذاعة والتلفزيون وبقصف بعض المواقع المحيطة بالمدينة، إلا أن عددا من سكان العاصمة الأوكرانية رفضوا مغادرة مدينتهم بل قرروا البقاء فيها مهما كانت الظروف والثمن الأمني الذي قد يدفعونه.
وازدادت نسبة التوتر في العاصمة الأوكرانية كييف وما جاورها مع اقتراب أرتال عسكرية روسية منها يوما بعد يوم.. فيما عزز الجيش الأوكراني ولجان المقاومة الشعبية تواجدهم في شوارع المدينة وعلى مفترق الطرقات المؤدية إلى محيطها حيث قاموا بوضع متاريس وحواجز من الإسمنت الحديدية.
ورغم المخاوف من الهجوم الروسي المحتمل في أي لحظة، والدمار الهائل الذي يمكن أن يصاحبه، إلا أن بعض سكان كييف قرروا البقاء فيها وعدم مغادرتها.
هذا، وقامت بعض الدول بنقل سفاراتها إلى مدينة لفيف التي تقع على بعد 600 كيلومتر من الحدود البولندية غربا.. فيما عاد الازدحام إلى محطة القطار بكييف من جديد بعد أن اختفى بسبب حظر التجول الذي فرضته السلطات الأوكرانية من مساء السبت ولغاية الإثنين صباحا.