د. علي جابر*

رغم المفاجأة التي أحدثتها مسيّرة “حسّان” للناس عمومًا وللعدو بوجه خاص وشكلت حدثًا أعاد خلط الأوراق ومعادلات الصراع، لكن المتابع والعارف بالعقل المبدع للمقاومة كان يتوقع حدثًا من هذا القبيل أو بالحد الأدنى لم يكن متفاجئًا لأن المقاومة وفي أكثر من مناسبة وعلى لسان قائدها أكدت على مبدأ العمل الدائم لمراكمة القوة ومفاجأة العدو وتحويل التهديد إلى فرصة. هذا يعني أن كل خطر يوجهه العدو إلى المقاومة ولبنان سيتحول إلى فرصة لعنصر جديد من القوة لم يكن موجودًا من قبل. وهكذا تخوض المقاومة نوعًا من الجدلية العملية يتحول فيها التهديد إلى فرصة لعنصر قوة جديد، فيردّ العدو برفع منسوب التهديد، ثم تعود المقاومة إلى تحويل التهديد الجديد إلى فرصة وهكذا. وإذا أضفنا إلى ذلك مبدأ بناء القوة المتراكمة فيمكننا أن نتخيل ما سيكون عليه الموقف.

منطق جديد لم يعرفه تاريخ الصراع العربي مع “إسرائيل”، هو منطق ولاّد للقوة المتراكمة على طول خط الصراع.

لقد فرض التهديد التجسسي والعملياتي للعدو ردًا من المقاومة يتمثل بالمسيرات التي بدأ التفكير والاختبارات الأولية لها مع الشهيد القائد المهندس حسّان اللقيس، وشهدت نماذج عديدة منها طائرة أيوب تيمنًا باسم الاستشهادي حسين أيوب.

وساعد على ذلك التطوير المتواصل للصناعات العسكرية في الجمهورية الإسلامية في إيران الذي لم يكن الشهيد اللقيس بعيدًا عنه. وجاءت الحرب العدوانية على اليمن لتشكل ميدان اختبار حقيقي لفاعلية المسيّرات وقدراتها الاستطلاعية والعملياتية في آن معًا.

وكانت المقاومة تواكب كل ذلك بصمت وتطوّر وتعدّ خطًا للإنتاج يغنيها عن استقدام المسيّرات من إيران، وقد حققت ذلك.

استطاعت المقاومة على مدى عقود أن تهيئ جيشًا من المجاهدين الشباب الخبراء والاختصاصين العلميين يمدونها بالأفكار والتصنيع اللذين تحتاجهما. بالتالي، زاوجت بين الكفاءة والقوة العسكرية الميدانية والعقل المبدع والإيمان، لأن معادلة الانتصار تتمثل بالقوة إضافة الى العقل والإيمان.

وفق هذه المعادلة على العدو أن يتفاجأ بما هو أعظم في قدرات المقاومة، وأن تزداد حسرة المثبّطين والمطبّعين في الداخل والعالم العربي، وأن يكبر الفخر والاعتزاز بالمقاومة عند أهلها وأنصارها ومحبّيها في كل مكان.

نصيحة إلى العدو وكل المغتاظين والمنزعجين من إنجاز “حسّان”: توقعوا من هذه المقاومة ما هو أكثر!

* المصدر : موقع العهد الإخباري