مي إبراهيم

تشهد فترة عيد الأضحى كل عام ذبح أعداد كبيرة من الأضاحي التي لا توفر فقط كميات كبيرة من اللحوم، ولكنها توفر منتجات أخرى أهمها الجلود التي قد يُساء استخدامها، ولا يتم استغلالها بالشكل المناسب، أو يتم إهدارها أو إلقاؤها في صناديق القمامة لعدم العلم بأهميتها أو إمكانية الاستفادة منها، في حين أنها يمكن أن تدخل في الصناعة، ولا سيما في المنتجات الجلدية على تنوعها.

ووفقاً لمركز البحوث الزراعية التابع لوزارة الزراعة، فإن مصر تستهلك سنوياً نحو 10 ملايين طن من اللحوم الحمراء، 60 في المئة منها من الإنتاج المحلي، وهذا العدد الكبير من رؤوس الماشية والأغنام يوفر إلى جانب اللحوم كميات كبيرة من الجلود التي يتم استخدامها في الصناعات الجلدية بمختلف أشكالها، بعد أن تتم معالجتها في المدابغ، وقدرت غرفة صناعة الجلود باتحاد الصناعات المصرية أن ما يتم توريده إلى المدابغ بعد فترة عيد الأضحى يزيد على مليون قطعة من الجلد تتنوع بين الجلود البقري والجاموسي، وجلود الخراف التي يتم ذبحها خلال فترة العيد.

والدباغة هي عملية تحويل جلد الحيوان من حالته الأصلية عند الحصول عليه بعد ذبح الحيوان إلى الشكل الذي يمكن استخدامه في المنتجات الجلدية المتنوعة عن طريق معالجته بطرق متخصصة.

جلود الأضاحي

ما أهم المنتجات التي يمكن أن تُصنع من جلود الأضاحي؟ وما الفرق بين الأنواع المختلفة من الجلود؟ وهل هناك أوقات أخرى يكثر فيها توريد الجلود إلى المدابغ والمصانع بخلاف فترة عيد الأضحى؟

يقول عبدالرحمن الجباس، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الجلود باتحاد الصناعات المصرية لـ”اندبندنت عربية”، إن “جلود الأضاحي لها أكثر من نوع مثل جلود الأغنام والجلد البقري والجاموسي، وكل منها له استخدام وصناعات تصلح له، مثل الأحذية والحقائب والأحزمة والملابس وقطع الديكور الجلدية المختلفة، واستخدامات الجلود متعددة، وكل نوع له ما يناسبه ويتلاءم معه، كما أن شكل قطعة الجلد وحجمها أيضاً يساعدان في توظيفها بشكل مناسب في المصنوعات الجلدية المختلفة، فكلما كانت قطعة الجلد سليمة وغير مهدر منها، كان ذلك أفضل عند تصنيعها بعد ذلك”.

يضيف الجباس، “فترة عيد الأضحى تعد من الفترات المعروفة التي يتم فيها ضخ كميات كبيرة من الجلود في الصناعة بشكل عام، فكمية الجلود التي تتوافر خلالها تصل إلى ثلاثة أضعاف المعتاد تقريباً، وهو بالطبع كم كبير، وعيد الأضحى ليس هو الفترة الوحيدة التي يزداد فيها الوارد من الجلود، وهناك أوقات أخرى مثل شهر رمضان، حيث تكثر الولائم والذبائح وموائد الرحمن، فيكون هناك طلب على اللحوم، بالتالي تتوافر الجلود، وبشكل عام، الجلود متوفرة في مصر طوال العام، لأن الطلب لا ينقطع على اللحوم، إلا أن هناك فترات يزداد فيها الطلب، بالتالي تتوفر الجلود بصورة أكبر”.

الطريقة المثلى لحفظ الجلود

يتعامل كثير من الناس مع جلود الأضاحي بعد عملية الذبح بشكل غير احترافي قد ينتج عنه في كثير من الأحوال فساد جلد الأضحية وعدم القدرة على الاستفادة منه، فما الطريقة المثلي للحفاظ على جلد الأضحية لحين استخدامه؟ يقول الجباس، “الشيء الأول الذي له أهمية كبرى هو أن يتم الذبح في المجازر على يد متخصصين، إذ يتم فصل قطع الجلود بشكل متكامل كقطعة واحدة من دون تمزيق وإهدار ما يمكّن من إعادة استخدامه بشكل أفضل”. ويضيف، “الشيء الثاني الذي يجب القيام به، سواء أكان الذبح في المجازر، أو عند الجزارين، هو أن يتم حفظ الجلد لحين وصوله للمدابغ بوضع كمية كبيرة من الملح عليه من الجهة الداخلية المقابلة للحم، وليس الخارجية المواجهة للشعر، وجلد الأضحية الواحدة يحتاج تقريباً من 10 إلى 15 كيلوغراماً من الملح الخشن، يتم فردها عليه، ثم يحفظ الجلد في الظل، وليس في منطقة معرضة للشمس حتى لا تتسبب في فساده، والملح في هذه الحالة يقوم بدور المادة الحافظة، ويسحب الماء من الجلد، فيمكن أن يظل بحالته لمدة تصل إلى الشهر قبل أن تتم معالجته في المدابغ”.

صناعة الجلود في مصر

وشهدت مصر طفرة كبيرة في صناعة الجلود أخيراً بعد افتتاح مدينة الجلود بمنطقة “الروبيكي”، (55 كيلومتراً شمال القاهرة)، حيث نقلت إليها كل مصانع منطقة المدابغ التي كانت تقع بـ”مجرى العيون” بالقاهرة، لتمثل منطقة متكاملة لصناعة الجلود.

ويقول الجباس، “تصدّر مصر نحو 80 في المئة من إنتاجها من مصنوعات الجلود إلى الخارج، وهذا دليل على جودة الصناعة ومطابقتها للمواصفات العالمية، ونقل مدابغ الجلود إلى منطقة “الروبيكي” بدلاً من منطقة “مجرى العيون” أتاح كثيراً من التطوير للمصانع والعاملين في الصناعة بتوفير مكان واسع ومجهز ومناسب لوجود خط إنتاج أفقي بكل مراحله، في مكان واحد، ما انعكس على الإنتاج وعلى صناعة الجلود بشكل كامل”.