نيرمين علي

بعد التحول السريع إلى الخيارات الرقمية، وما خلفته الأحداث المتتالية من تغيير جذري في شكل وطرق العمل والتواصل عن بعد، أصبح من الضروري الاهتمام أكثر بمساحات العمل في المنزل. فالمكتب المنزلي اليوم صار ركناً متعدد الاستخدامات، للعمل وحضور الاجتماعات عن بعد والمؤتمرات والجلسات التدريبية والندوات المفتوحة والمحاضرات، هذا التفاعل سيصبح تدريجاً وضعاً طبيعياً.

ولأن جوهر إيجاد بيئة منتجة وفعالة هو تصميم مكان عمل يمكن التركيز فيه، فتنسيق وتخصيص مساحة العمل داخل المنزل سيساعد في تجنب المشتتات المنزلية والتركيز في العمل.

البساطة

وفي غمرة هذه النقلة السريعة، تجهزت المكاتب المنزلية على عجالة للتكيف مع الوضع الجديد، لكن من المؤكد أن الاهتمام في تصميم بيئة عمل منزلية مريحة ومتلائمة مع احتياجاتنا، لا يمكن أن يلهم على الإبداع فحسب، بل سيساعد على العمل بشكل أكثر فاعلية، وسيسهم في زيادة الإنتاجية.

سواء موظفين أو أصحاب عمل أو عاملين في العمل الحر، لكل شخص تفضيلات واحتياجات مختلفة عندما يتعلق الأمر باستكشاف بيئات الشغل الأنسب، من معرفة نوع الأثاث المريح والموقع والجلسة والإكسسوارات والإضاءة.

لكن ببساطة، مساحة خالية من الفوضى مزودة بمفروشات مكتبية بسيطة وألوان محايدة ستكون خياراً مثالياً لتحرير العقل وتحفيز الإبداع، والمطلوب في النهاية مساحة مؤسسة بشكل جيد ومعزولة عن عوامل التشتيت المغرية مثل التلفاز والطعام والنقاشات العائلية الجانبية.

الموقع

غالباً ما يفرض نوع العمل ودرجة التركيز التي يتطلبها، موقع المكتب ومكانه، ولكن يفضل دائماً كنصيحة أولى تجنب وضع مكتب العمل في غرف النوم، لغاية فصل الذهن عن حالة النوم أو الميل إلى الكسل الذهني والاسترخاء العميق كل الوقت، ولكن إذا لم يكن بالإمكان فيفضل في هذه الحالة الاهتمام في مكان وزاوية وضعه، بحيث لا يواجه السرير مباشرة، ويمكن وضعه بشكل يقابل أحد الجدران والاهتمام بتنسيق هذا الحائط.

وكذلك يفضل وضعه في مكان يؤمن إطلالة خارجية على مناظر طبيعية أو فسحة سماوية مع ستائر رقيقة وشفافة أو ستائر رومانية بألوان محايدة. يساعد هذا الإجراء نوعاً ما في فصل الشخص عن إحساس التواجد في المنزل، ويوفر إضاءة طبيعية تسمح بوصول أشعة الشمس والهواء الجيد، ما يدعم الحيوية والنشاط ويرفع جودة الحالة الصحية ويمنح إحساساً بالاسترخاء الهادئ وتجنب التوتر.

الإضاءة

ويفضل الاعتماد دائماً على الخيار الطبيعي في الحصول على الإضاءة، لكن في حال عدم توفره يتوجب اختيار الإضاءة الاصطناعية بدقة، وهنا نتجنب اختيار الإضاءة البيضاء القوية أو الصفراء ذات الشدة المزعجة للعين التي يمكن أن تتسبب بتعب وصداع، ما يخفض الإنتاجية.

فالأفضل استخدام المصابيح ذات التوهج الدافئ الذي يحافظ على اليقظة ويقلل إفراز الميلاتونين، وكذلك مراعاة وضعها في أماكن صحيحة، كي لا تُسقط ظلالاً أو تؤثر بشكل سلبي على مساحة العمل.

تأثير الألوان

الحفاظ على الجدران فاتحة اللون يعد الخيار المثالي، لما يُضفيه من حيوية وإحساس بالاتساع ولتوافقيته العالية مع سائر الألوان، ولكن إذا رغبنا في التغيير يفضل الاتجاه لمزج درجات الأزرق مع الرمادي، حيث يعمل الأزرق على تحفيز الإبداع، ويساعد على تحقيق حالة من الهدوء والاسترخاء في المكان، كما أن طلاء حائط واحد باللون البرتقالي يمكن أن يوحي بالمرح ويعزز الانتباه والتركيز.

 

وكذلك من المهم التأكيد على وجود ألوان وعناصر الطبيعة بشكل واضح في المساحة، كاستخدام خامة الخشب بدرجات الأبيض أو الفاتح وتعزيز اللون الأخضر في التفاصيل، فقد ثبُت أن اللونين الأزرق والأخضر، الأكثر شيوعاً في الطبيعة، يقللان من مستويات التوتر ويخلقان بيئة عمل هادئة.

وينصح هنا لتعزيز اللون الأخضر، وضع النباتات المنزلية أو المكتبية المتلائمة مع شروط المساحات الداخلية، والنباتات المعلقة أو الورود الطبيعية المقطوفة التي ستحسن طاقة المكان، وتساعد على الشعور بالاتصال بالعالم الخارجي.

طاولة الوقوف 

كذلك ينصح لدعم الصحة الجسدية ومراعاة الوضعيات الأنسب للعمل، باقتناء كرسي عمل من النوع المريح بالدرجة الأولى، مزود بمساند للذراعين وملائم للجلوس الطويل، بحيث يدعم الظهر ويوفر نقلات حركة متعددة تساعد على ضبط الارتفاع والإمالة بين جلسات عدة توفر الراحة للجسم.

أما بالنسبة إلى الطاولة أو المكتب، فيفضل اختيار تصميم يساعد على تغيير أوضاع العمل بشكل متناوب بين الجلوس والوقوف، من خلال استخدام مكتب كهربائي من نوع sit to stand table قابل لضبط الارتفاع بين 65 و125 سم بكبسة زر بسيطة.

الإضافات المساعدة

تُعد الإكسسوارات المكتبية عنصراً غير مدرج رسمياً في عناصر الديكور، لكنها مكملة ومساعدة في التحكم ببيئة العمل وتوزيع المهام بشكل أكثر فاعلية، كاستخدام قطع إكسسوار لتعليق أو لصق قائمة المهام الثابتة، ولثبيت القوائم اليومية المتغيرة، للتعديل والإضافة عليها باستمرار ولصق أية ملحوظات إضافية. وهنا ينصح باستخدام أوراق ملونة وملفتة للنظر قدر الإمكان والاحتفاظ بها في مكان يمكن رؤيتها فيه.

وكذلك إحاطة مساحة العمل بالأشياء التي تلهم وتعكس طابعاً شخصياً على المساحة، كالصور العائلية والتذكارات والكلمات المحفزة أو الاقتباسات الملهمة.