لماذا تحتاج موسكو إلى قاعدة في البحر الأحمر؟
السياسية:
تسارع روسيا الخطى في إنشاء قاعدتها العسكرية على ساحل البحر الأحمر، بالقرب من مدينة بورتسودان شرقي السودان، وبات الأمر لافتاً بوصول ضباط موسكو إلى قاعدة فلمنقو التابعة للبحرية السودانية.
حصل “عربي بوست” من مصادر عسكرية على تفاصيل حول خطة روسيا في إنشاء المركز اللوجستي ببورتسودان باستيعاب 300 جندي وموظف واحتضان 4 سفن عسكرية، بينها حاملة أجهزة طاقة نووية.
وترجع فكرة المركز اللوجستي الروسي، إلى العام 2017، إذ وقع السودان وروسيا خلال زيارة الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، لموسكو، عدة اتفاقيات للتعاون العسكري، تتعلق بالتدريب، وتبادل الخبرات، ودخول السفن الحربية لموانئ البلدين.
الروس يصلون لبورتسودان للبدء في تجهيز قاعدتهم العسكرية
يقول المقدم بقوات البحرية السودانية سابقاً عمر أرباب لـ”عربي بوست” إن التجهيزات الروسية في القاعدة السودانية بدأت بوصول الدعم اللوجيستي للقاعدة، ونصب الرادارات ووصول ضباط روس إلى بورتسودان، والهدف من إنشاء القاعدة على ساحل البحر الأحمر يؤكد الرؤية الاستراتيجية لموسكو في توفير قاعدة إمداد لأسطولها الموجود في المحيط الهادئ وفي البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر.
يشير أرباب إلى أن الاتفاق بين البلدين يتضمن نشر أنظمة الدفاع الجوي الروسية، ولا يقل العدد عن بطاريتين من طراز S-300 وبعض الأنظمة الصاروخية قصيرة المدى والمتوسطة كالبانتسر، وأن ثمة محادثات تجري بين روسيا والسودان تناولت تحديث القوة البحرية للسودان ودعمها مع إمكانية التعاقد على قاذفات الصواريخ وتحديث سلاح الجو بمقاتلات متطورة يرجح أن تكون من مقاتلات سو-30 و4 سفن صاروخية من طراز مولينيا كلاس لدعم القوات البحرية السودانية.
في السياق قال مصدر عسكري لـ”عربي بوست” -طلب حجب اسمه- إن رتب الضباط الروس الذين وصلوا بالفعل لبورتسودان تشمل فريقاً ولواء و5 عقداء ورتب المقدم وما دون حضروا خلال الأسبوع الماضي لوضع التجهيزات في القاعدة مع 60 جندياً روسياً.
وتابع: “وصل رادار للمراقبة وناقلات جنود ودبابات وعربات لإطلاق الصواريخ، وتعمل موسكو على تجهيز قاعدة بورتسودان البحرية بأنظمة دفاع جوي متطورة، يرجح أنها من طراز إس-400″.
موسكو تسارع الخطى لإنشاء القاعدة
ويبدو أن موسكو باتت تسارع الخطى نحو إنشاء القاعدة، دون أن تنتظر إعلان الحكومة السودانية بصورة رسمية عن بنود الاتفاقية بين البلدين، تقول وكالة أنباء تاس الروسية الحكومية إن المنشأة الجديدة ستسهل كثيراً من عمليات الأسطول البحري الروسي في المحيط الهندي إذ سيكون بمقدور البحرية الروسية تبديل طواقم القطع البحرية الروسية المنتشرة في المحيط الهندي عبر نقلهم جواً إلى السودان.
إذ إن بقاء السفن الروسية لوقت طويل جداً في البحر الأحمر أو الأبيض المتوسط أمر مرهق جداً لطاقم السفينة، ويحتاج إلى إمداد وتزود بالوقود والماء باستمرار، ولذلك تحتاج موسكو إلى قاعدة في البحر الأحمر”.
واصل أرباب أن هنالك أهمية استراتيجية كبيرة لقاعدة فلمنقو على ساحل البحر الأحمر لأنها في منتصف المسافة للسفن الحربية الروسية سواء على المحيط الهادئ أو البحر الأبيض المتوسط أو البحر الأحمر.
وبينما تتواجد روسيا في ميناء طرطوس السوري، فإن قاعدتها في البحر الأحمر ستمكنها من الدخول إلى قلب القارة الإفريقية لتحقيق أهداف عديدة لطالما حلمت بها موسكو منذ أن فقدت كثيراً من نفوذها خلال الحرب الباردة وبعد أن ضربتها الأزمات الاقتصادية وصراع الدول المكونة للاتحاد السوفيتي.
وتابع : “روسيا هي الوريث الشرعي للاتحاد السوفيتي وتحاول أن تستعيد مجده السابق بالتدخلات الخارجية، روسيا تسارع لتبحث لها عن مواطئ أقدام خصوصاً في إفريقيا، لديها الاستثمارات في النيجر وموزمبيق كما تحاول الدخول إلى دول أخرى في القارة البكر”.
وتحرص روسيا على تعزير وجودها ونفوذها في القارة الإفريقية التي تمثل مصدراً كبيراً للثروات الطبيعية وسوقاً ضخمة للسلاح الروسي.
ما هي بنود الاتفاقية بين السودان وروسيا؟
تنص الاتفاقية على إقامة منشأة بحرية روسية في السودان قادرة على استقبال سفن حربية تعمل بالطاقة النووية، وستكون المنشأة الجديدة المقرر بناؤها بالقرب من ميناء بورتسودان، قادرة على استيعاب ما يصل إلى 300 عسكري ومدني كما يسمح للمنشأة باستقبال أربع سفن في وقت واحد.
وستستخدم القاعدة في عمليات الإصلاح وإعادة الإمداد والتموين وكمكان يمكن أن يرتاح فيه أفراد البحرية الروسية.
وتقدم الحكومة السودانية الأرض مجاناً وستحصل موسكو على الحق في جلب أي أسلحة وذخيرة وغيرها من المعدات التي تحتاجها عبر مطارات وموانئ السودان لدعم المنشأة، على أن تكون مدة الاتفاقية 25 عاماً قابلة للتمديد 10 سنوات إضافية بموافقة الطرفين.
رد الجميل إلى روسيا.. هل يصمد السودان أمام ورطة قاعدتها في البحر الأحمر؟
الإعلامي المختص بقضايا شرق السودان عبدالقادر باكاش يقول لـ”عربي بوست” إن روسيا شرعت في إنشاء قاعدة بحرية عسكرية في مدينة بورتسودان على خلاف الاتفاقية معها الموقعة في 2017 مع السودان بأن تكون خارج مدينة بورتسودان على مسافة 50 كيلومتراً”.
وإن السودان وبغض النظر عن النظام الذي يحكمه في السابق أو حالياً يرد الجميل الذي قدمته روسيا للسودان خلال المقاطعة الأمريكية للسودان، بعدما كانت قد تضررت البلاد في كل مناحي الحياة ولجأ السودان إلى روسيا لدعمه عسكرياً وسياسياً وفي المحافل الدولية”.
وكانت العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان من جانب الولايات المتحدة، حملاً ثقيلاً على كاهل الاقتصاد المحلي طيلة السنوات الماضية، حتى بعد الإعلان عن رفعها في أكتوبر/تشرين الأول 2017.
كما أن الأمر ازداد سوءاً حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2020 بعد رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية لـ”الدول الراعية للإرهاب” بعد أن أدرجت الولايات المتحدة منذ عام 1993، السودان على “قائمة الدول الراعية للإرهاب”.
ودعا باكاش حكومة بلاده للخروج مما أسماه “ورطة القاعدة الروسية” مع الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع موسكو لرد جميلها على الخرطوم.
* المادة الصحفية نقلت حرفيا من موقع عربي بوست ولاتعبر عن رأي الموقع