محمد غروي

يبالغ الشرق الآسيوي، خصوصاً اليابان، في تدليل الفواكه التي تُزرَع بطريقٍة خاصة، حيث تتنوع أساليب زراعتها بطرق مجهدة وخطوات دقيقة لإنتاج الفواكه الفاخرة، التي تُصنَف كأعلى المأكولات سعراً في العالم مثل البطيخ المربع والشمام الياباني والدوريان الماليزي وكمثرى بوذا الصينية. فيما وصلت أسعارها في مزادات علنية إلى عشرات آلاف من الدولارات.

سر الزراعة

تُعرَف اليابان بوجود عدّة فواكه مرتفعة الأثمان، إذ تقارب قيمتها المعادن النفيسة، وتصنف كسلع فاخرة، وتُباع في مزاداتٍ علنية. وتحتاج الفواكه المدللة إلى طرق زراعية مكلفة لتبدو مثالية الطعم والشكل، ولتحقيق هذه المعايير العالية يجب الاستعانة بمزارعين محترفين ومتخصصين من مختلف أنحاء اليابان، ليراقبوا ظروف نموها واحتياجاتها.

ويعمل بعض المزارعين على تلقيح الأزهار يدوياً باستخدام معدات خاصة أو تجهيز كل ثمرة من الفاكهة بقبعة أو تغليفها بالأوراق حتى لا تتعرض لحرارة الشمس ولهيبها أو حتى لزراعة فاكهة واحدة فقط في كل فرع، لتركيز العناصر الغذائية فيها.

ويجري التحكم في كمية الماء التي تصل إلى الثمرة، وفحص كل ثمرة على حدة في مراحل نموها المختلفة عدّة مرات. وتصف إحدى المزارعات بأنها تُعامل أشجارها كأحد أطفالها، وهو التشبيه الأمثل لمعاملة المزارعين اليابانيين للفواكه المدللة.

كما تجري العناية بفاكهة الشمام، لكي تنمو في ما يشبه السرائر لتبقى بعيدة من الأرض، وليتمكن المزارعون من زراعتها طيلة العام، ويتنج من ذلك عدم تغير طعمها صيفاً وشتاء. ويشبه المزارعون الشمام بالقطعة الفنية، كما يتناوبون باستمرار على تدليك وتلميع الطبقة الخارجية للشمام، حين تبدأ في الظهور، بل ويهتم المنتجون بالتعرجات التي تظهر على قشرة الفاكهة الخارجية، كونها علامة مهمة لجودتها. وتضع الشركات المختصة ببيع الفاكهة الفاخرة، على كل ثمرة فاكهة دليلاً ورقياً للمشتري، لتزويده بمعلومات عنها بدءاً من المكان الذي زُرعت فيه، وحتى اسم الشخص الذي اخترع فصيلتها.

ويحاول بعض المزارعين الماليزيين محاكاة اليابانيين لإنتاج أغلى أنواع الشمام، الذي يعرف بجودته العالية وسعره المرتفع. واشترى المنتجون الماليزيون حبوب الفاكهة اليابانية، وعمِلوا على تدليل الثمرة في أثناء نموها، حرصاً على تقديم ثمرة عالية الجودة. وقام المزارعون بفرك الشمام بانتظام بقطعة قماش ناعمة أو باستخدام القفازات لتعزيز نكهة الفاكهة، كما عزفوا الموسيقى الكلاسيكية على مكبرات الأصوات في المزرعة، لتحفيز نمو الثمرات بحسب وصفهم.

التهادي بالفاكهة

وتعتبر الفواكه نوعاً مفضّلاً من أنواع التهادي في المناسبات في الشرق الآسيوي، خصوصاً الفاخرة منها، وغالباً ما تُشترى لأسباب خاصة تتناسب مع قيمتها. ففي اليابان تعرف الفواكه غالية الثمن بأنها ليست سلعة للاستخدام اليومي، إنما لتقديمها كهدايا. كما أن الهدايا جزء مهم في الثقافة اليابانية، وله جذور تاريخية عميقة، حيث إن مواسم شتائية وصيفية لتقديم الهدايا للأصدقاء وأفراد العائلة ورؤساء العمل والأطباء والزبائن كتعبير عن التقدير ولزيادة الروابط.

كما يختار اليابانيون الفواكه كهدايا بسبب قيمتها إلى جانب تمثيلها المناسب للموسم الذي تقدم فيه الهدايا باعتبارها تمكن الشخص من الشعور بلون ورائحة ومذاق الموسم الصيفي أو الشتوّي، كما تشترى هذه الفواكه لتقديمها في الحفلات.

كما يعد تبادل الفواكه كهدايا انعكاساً للتوقير الياباني العميق للروحانيات. فالفاكهة تعد من الهدايا المعتادة في ديانات الشنتو والبوذية بجميع أنحاء البلاد.

فواكه توزن ذهباً

إلى جانب الشمام الياباني المعروف باسم “يوباري كينغ”، يوجد عدد من الفواكه التي تمتاز بها اليابان ودول آسيا ولها أسعار مرتفعة جداً. فينتج البطيخ المربع، ويتجاوز سعره 150 دولاراً، وتقول وسائل الإعلام اليابانية إن أصله يعود إلى ثلاثة عقود. كما تجري زراعته في صندوق، ليحصل على الشكل المربع الذي يعرف به.

ومن بين هذه الفواكه أيضاً “عنب روبي رومان” الذي وصل سعر حبّة العنب الواحدة منه إلى نحو 32 دولاراً أميركياً، وهو أغلى صنف للعنب في العالم. ويمتاز عنب روبي رومان بميزتين رئيسيتين أولهما أن يكون حجمه يوازي كرة البينغ بونغ، كما أن نسبة السكر عالية فيه، تصل إلى 18 في المئة، كما تنخفض نسبة الحموضة فيه.