“شيف الفقراء”… قصة أقدم بائع فلافل في غزة
يعمل الحاج خليل في المهنة منذ 40 عاماً وبهارات القدس سر صنعته
عز الدين أبو عيشة
تشير عقارب الساعة إلى الثالثة والنصف مساءً، إنه الوقت المحدد ليجهز الحاج خليل موسى أدواته وطبق عجينة الفلافل، ثم يقصد طريقه نحو السوق الشعبية وسط مدينة رفح جنوب قطاع غزة، حيث بسطته الرمضانية التي يفتح أبوابها خلال رمضان.
هناك يجهز الحاج خليل مكانه، يرش الماء في الشارع، ثم يضع طاولته الصغيرة التي يبسط عليها معداته القديمة، وإلى جانبها يشعل موقد الطهي، يقول “الفلافل من أسرع المشروعات التي يمكن عملها، ومن أسرع الوجبات الشعبية التي يمكن شراؤها، إنها رخيصة الثمن قياساً بوجبات أخرى”.
“الحاج” ماركة فلافل مسجلة
وعلى الرغم من بلوغ الحاج خليل 75 سنة، فإنه ما زال يعمل بنفسه في تحضير الفلافل وتجهزيها، يضيف قائلاً “هذا العام الأربعين الذي أعمل فيه في بيع الفلافل وأنا أقدم بائع في قطاع غزة، وأكون فخوراً عندما أقول إني أخذتها مهنة، على الرغم من عمري ووضعي الصحي، إلا أنني ما زلت أشعر بحبي للفلافل، ولدي طاقة لأواصل العمل عشر سنوات للأمام، أحب مهنتي كثيراً”.
بيديه المرتعشتين يستند الحاج على عكازه، ليقف “شيف الفقراء” كما يُطلق عليه في قطاع غزة، أمام موقد النار وبسرعة يبدأ في تسقيط أقراص الفلافل في زيت الطهي الحار، وأثناء عمله يصدح بصوته بعبارات من التراث الفلسطيني تغنى في طبق الفلافل، وينشد الأهازيج لأجل هذه الأكلة. يومياً يكون الحاج خليل أمام بسطته، إذ بات يعد ماركة لجلب الزبائن، يوضح أن جميع الموجودين في السوق يعرفونه، وعندما يرونه يجهز الفلافل يأتون للشراء منه، وكثير من المارة يشيرون بأيديهم قبل التوجه إليه “هو الحاج موجود”، ثم يأتون للسلام ويشترون الفلافل الساخنة.
والغريب أن “شيف الفقراء” لا يعمل الفلافل إلا في رمضان، يؤكد أن لها طقوساً مختلفة عن طيلة العام، وأنها سيدة مائدة الإفطار، ويجب أن تكون موجودة كل يوم على موائد الغزيين.
أنواع مختلفة
وما أن تجهز أقراص الفلافل، تفوح رائحتها في أرجاء السوق الشعبية، وتشكل إشعار للمتسوقين ببدء استقبال الزبائن، الذين سرعان ما يتوافدون إلى الحاج خليل، كل واحد منهم يطلب نوعية معينة من الأكلة الشعبية.”نعم… أصنع الفلافل بأطعمة كثيرة”، يقول الحاج خليل وهو منهمك في تحضير أقراص متعددة الأنواع من الفلافل، منها بالسمسم، وصنف آخر محشو بالبصل والسماق، أو الجبنة أو اللحمة المفرومة.
طريقته في إعداد الفلافل تعد العامل الرئيس في جذب زبائنه، إذ يتميز طبقه بنكهة خاصة، يشير الحاج خليل إلى أن السر فيها أنه يضيف إليها أنواعاً مميزة من البهارات التي يجلبها من مدينة القدس، وهي التي تجعل للفلافل طعماً ورائحة مميزة.
وعلى الرغم من أن الفلافل يجري تحضيرها من مكونات بسيطة، إلا أنه في غزة ليس هكذا، فالزيت الحار ومكونات الخلطة والغاز، جميعها مواد مستوردة، وخاضعة للحصار على القطاع، ويمكن ببساطة أن يقفل صاحب البسطة باب رزقه، بسبب نقص الغاز، أو غياب أي عنصر آخر من السوق.