السياسية:

اعترفت إريتريا للمرة الأولى بمشاركة قواتها في الحرب الدائرة في شمالي إثيوبيا، بعد أشهر من نفي تورطها.

وقالت السفيرة الإريترية لدى الأمم المتحدة صوفيا تيسفا ماريام إن “الجنود سيتم الآن سحبهم من منطقة تيغراي. وكانوا قد نشروا هناك لدعم العملية العسكرية التي قام بها الجيش الإثيوبي ضد الحزب الحاكم سابقاً في إقليم تيغراي والمعروف باسم جبهة تحرير شعب تيغراي”.

ونفت السفيرة الاتهامات الموجهة للقوات الإريترية بتنفيذ عمليات قتل جماعية واغتصاب، واصفة إياها بالاتهامات الشنيعة.

ياتي هذا الاعتراف من جانب إريتريا في وقت تصاعدت فيه الضغوط الدولية عليها من أجل سحب قواتها من إقليم تيغراي.

وجاء أول اعتراف صريح بالدور الإريتري في القتال في رسالة نشرت على الانترنت من قبل وزير الإعلام الإريتري، وهي مكتوبة من جانب السفيرة الإريترية في الأمم المتحدة وموجهة لمجلس الأمن الدولي.

وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد قد أرسل قوات إلى إقليم تيغراي في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي من أجل اعتقال قادة الحزب السياسي الذي هيمن في يوم من الأيام على الإقليم، وهو جبهة تحرير شعب تيغراي، ونزع أسلحتهم.

وطوال شهور، نفت الحكومتان الإثيوبية والإريترية تورط الإريتريين في الحرب، في تناقض مع شهادات من السكان وجماعات حقوقية وعاملي إغاثة ودبلوماسيين وحتى بعض المسؤولين المدنيين والعسكريين الإثيوبيين.

وأخيراً اعترف آبي بالوجود الإريتري في مارس/ آذار بينما كان يتحدث أمام المشرعين في البرلمان، وتعهد بعد ذلك بوقت قصير بمغادرة الاريتريين.

وقالت الرسالة الإريترية التي نشرت الجمعة إنه مع “دحر” جبهة تحرير شعب تيغراي “بشكل كبير”، فإن أسمرة وأديس أبابا “اتفقتا على أعلى المستويات- على الشروع في سحب القوات الإريترية وإعادة الانتشار المتزامنة للوحدات الإثيوبية على طول الحدود الدولية بين البلدين.”

وكان مارك لوكوك، مسؤول شؤون الإغاثة في الأمم المتحدة، قد أبلغ مجلس الأمن الخميس إنه وعلى الرغم من الوعد السابق لآبي، إلا أنه لا وجود لأي دليل على انسحاب للقوات الإريترية من المنطقة.

وقال إن عمال الإغاثة “يواصلون الإبلاغ عن فظائع يقولون إنها ارتكبت على يد قوات الدفاع الإريترية.”

من جانبه، قال وزير الإعلام الإريتري يماني جبريميسكل في تغريدة له على تويتر السبت إن أسمرة استدعت منسق الأمم المتحدة المقيم في إريتريا والرئيس المحلي لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، للاحتجاج على “الممارسات الضالة والتقارير المضللة… المبنية على شبكات أو جهات غامضة مرتبطة بجبهة تحرير شعب تيغراي.”

واتهم سكان تيغراي مراراً وتكراراً القوات الإريترية بارتكاب جرائم اغتصاب جماعي ومجازر، في مناطق من بينها مدينتا أكسوم ودينغولات.

وتلقي إريتريا وإثيوبيا باللائمة في اندلاع الصراع على الهجمات المنسقة لجبهة تحرير شعب تيغراي على معسكرات للجيش الاتحادي في أوائل نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي وتصفتن الحرب هناك بأنها حملة لإعادة فرض القانون والنظام.

وأعادت السفيرة الإريترية لدى الأمم المتحدة التأكيد على هذا الموقف في رسالتها الجمعة.

وكتبت تقول في رسالتها: “نحن بالتأكيد مصدومون من المحاولات لإلقاء اللوم على أولئك الذين اضطروا إلى اللجوء إلى الإجراءات المشروعة في الدفاع عن النفس والتي كانت ستتخذها دول أخرى تحت ظروف مشابهة.”

ومضت تقول إن “المزاعم بارتكاب الاغتصاب وجرائم أخرى الموجهة ضد الجنود الإريتريين ليست فقط شنيعة، وإنما تعتبر أيضاً هجوماً وحشياً على ثقافة وتاريخ شعبنا.”

المخاوف من أزمة مجاعة

وكان آبي قد أعلن النصر في تيغراي في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني بعد أن استولت القوات الاتحادية على عاصمة الإقليم “ميكيلي”، لكن جبهة تحرير شعب تيغراي تعهدت بمواصلة القتال ولا يزال القتال مستمراً.

وقع الصراع في منتصف موسم الحصاد في إقليم تيغراي وطوال شهور كان دخول المساعدات الإنسانية مقيداً، ما أثار المخاوف من انتشار المجاعة على نطاق واسع.

وقال مسؤول الإغاثة في الأمم المتحدة مارك لوكوك في تصريحاته الخميس إنه تلقى تقريراً حول وفاة 150 شخصاً من الجوع في منطقة واحدة جنوبي تيغراي، واصفاً ذلك بـأنه “مؤشر على ما هو آت إذا لم يتم اتخاذ المزيد من الإجراءات.”

وبثت وسائل الإعلام الحكومية الإثيوبية مساء الجمعة تقريراً يدين هذه المزاعم واصفاً إياها بأنها “خاطئة” و “تستهدف تشويه صورة البلاد.”

ونقل عن ميتيكو كاسا، رئيس اللجنة الوطنية للكوارث في إثيوبيا، قوله إن “المساعدات الإنسانية التي تقدم في منطقة تيغراي تسير على ما يرام وحتى الآن، لم يمت شخص واحد بسبب الجوع”.

ومع ذلك، حذر أبادي جيرماي، مسؤول الزراعة في الإدارة الانتقالية التي عينها آبي في تيغراي، من “أزمة” مجاعة إذا لم يتم استئناف الانشطة الزراعية.

وقال أبادي لمؤسسة فانا الإذاعية الموالية للدولة: “إذا لم نبدأ بجني الحصاد اعتباراً من هذا العام، فقد تحدث مشكلة عويصة جداً وقد تدوم من ثلاث إلى خمس سنوات.”

بي بي سي