السياسية – تقرير : نصر القريطي

ينسجم قرار برلين بحظر تصدير الأسلحة الألمانية إلى السعودية بسبب جرائم الحرب المرتكبة في اليمن مع المواقف المعلنة للرئيس الأمريكي الجديد الذي لن تطأ قدماه البيت الأبيض إلا مع منتصف الشهر الأول من العام القادم.

الرد السعودي الانفعالي على الضربة الألمانية يظهر أن هؤلاء أعجز من أن يكونوا قادرين على التحرك لولا الدعم الأمريكي الغربي.

ضربة المستشارة “ميركل” أفقدت النظام السعودي توازنه وجعلته يفقد لغة الدبلوماسية المفترضة في التعامل مع دولة كبيرة مثل “المانيا” ويبقى التساؤل الأهم هل سيكون الرد السعودي على موقفٍ أمريكيٍ مشابهٍ بذات اللهجة وبنفس الطريقة.

لعل أي مراقبٍ يستطيع أن يؤكد بأن ذاك غير واردٍ على الاطلاق فالولايات المتحدة تمثل رئتي هذا العدوان الهمجي المجرم الذي يشنه علينا أعراب الخليج وبدون دعمٍ أمريكيٍ فإن السعودية لن تقف عاجزة عن الاستمرار في هذه الحرب القذرة فحسب بل ستشل رئتي هذا العدوان وسيصبح عاجزٍ حتى عن التنفس.

ومع ذلك فإن لليمنيين الحق كل الحق في أن يشككوا في توجهات القادم الجديد الى البيت الأبيض لأن تجربتنا كيمنيين وكعربٍ وكمسلمين مع الأمريكان ان سياساتهم العامة لا تتغير بتغير الوجوه التي تحكم البيت الأبيض.

هذا “التكتل المحتمل” الذي نحاول ان نرسم ملامحه المفترضة لا يضيق الخناق على السعودية بسبب تعاطفه مع ضحايا هذه الحرب العدوانية المجرمة لكنه يأتي منسجماً مع الاستراتيجيات الجديدة لابتزاز “البقرة النفطية” الحلوب والتي ستعتمد في الفترة المقبلة ــ على ما يبدو ــ “سياسة العصا” بعد ان استنفد بن سلمان كل “الجزر” الأمريكي الغربي” الذي منح له.

ردّةُ الفعل السعودية المتشنجة نقلها المدعو عادل الجبير عن سيده “ابن سلمان” نتيجة القرار الألماني الحكيم الذي بموجبه سيتم حظر الأسلحة الى الرياض بسبب جرائم الحرب التي ترتكبها في بلادنا.

على هذا الصعيد نقلت “وكالة الأنباء الألمانية” عن الوزير السعودي قوله بأن بلاده “لا تحتاج الى الأسلحة والمعدات الألمانية في هذه الحرب”.

كلامٌ لا يساوي ثمن الحبر الذي خُطَّ به لأن الجميع يعرف أن الرياض وابوظبي بدون التسليح والدعم العسكري والاستراتيجي الأمريكي الغربي لا يساويان شيئاً.

تعتبر الخطوة الألمانية صفعةً قويةً لابن سلمان الذي حاول قبل أيامٍ ان يروج عبر سفير بلاده في الأردن لفكرة أن الغرب هو من يقاتل في اليمن وأنهم ليسوا أكثر من وكلاء له.. فموقف حكومة المستشارة الألمانية الأخير بحظر تصدير الأسلحة الألمانية للسعودية يجعل من تلك المغازلة الـ”بن سلمانية” الرخيصة للغرب وكأنها محاولة سعوديةٌ فاشلةٌ لاستعراض مفاتن المملكة التي عافها الغرب بسبب كثيرة الابتذال ورخص البضاعة السعودية في نظر الأمريكان والغرب.

بالعودة الى النظرية الذي بنينا عليها افتراضنا والتي قوامها مبنيٌّ على أساس احتمالية تشكيل تحالفٍ أمريكيٍ غربي يناهض هذه الحرب الملعونة فإنه بات يتساوى فيها احتماليها بنسبة خمسين في المائة لكل احتمال.

فالموقف الألماني إذا ما علمنا ان هناك دولاً مثل كندا وهولندا والسويد وغيرها على استعدادٍ لتحذو حذو برلين في فرض حظر أسلحة على السعودية وإذا ما نظرنا نظرة تفاؤلٍ لما بعد نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية فإن هذا الاحتمال تتعزز امكانيته مع التأكيد على ان اليمنيين لا يعولون على أحدٍ غير الله وعدالة قضيتهم وأبطال جيشهم الذين يسطرون ملامح وجه النصر الوشيك في كل الجبهات.

بالمقابل فإن من حق كل يمني ان لا يعول على موقف الرئيس الأمريكي الجديد الذي يرون فيه مجرد موظفٍ كبيرٍ في قمة هرم السلطة ينفذ ما تمليه عليه السياسات الأمريكية لدورته الرئاسية التي تتراوح ما بين الأربع والثمان سنوات.

يؤكد “موقع منتبرس الانجليزي” بأن لدى معظم اليمنيين أملٌ ضئيل في ان تنهي الإدارة الأمريكية الجديدة هذا العدوان على بلادنا.. كما انهم لا يعلقون أي آمالٍ على انتهاء الدعم الأمريكي للسعوديين والإماراتيين في هذه الحرب أبّان الدورة الرئاسية للرئيس الأمريكي الجديد “جو بايدن”.

بعيداً عن لغة “التفاؤل والتشاؤم” من موقف القادم الجديد الى البيت الأبيض ما بات شبه مؤكدٍ هو أن المتغيرات في الساحة الدولية تتجه في غير صالح ممالك الشر الخليجية وتحديداً المهفوف القاتل “محمد ابن سلمان”.

وإذا ما تحققت الاحتمالية الأولى بانتهاء الدعم الأمريكي الغربي لهذا العدوان فإن “المهفوف” سيجد نفسه وحيداً بين فكّي كماشة جرائمه التي سيعاقب عليها وتخلي حلفاءه الكبار عنه أو لنقل تخلصهم منه وتضحيتهم به.