السياسية – متابعات :

لم يعد خافيا على أحد سباق أبوظبي الزمني وانطلاقها بسرعة الضوء والصوت معا في توطيد العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب، فمنذ توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل وهي تقيم الأفراح والليالي الملاح إذ تصدح فيها الانغام العبرية و أصوات الفنانيين الاسرائيليين وهي تجلجل عاليا في آفاق دبي ابتهاجا وفرحة بتلك الاتفاقية .

وبينما ملأت الإمارات العالم ضجيجا بإعلانها السلام مع اسرائيل ، وإخراج هذه العلاقات من الكواليس إلى العلن بشكل فجائي، من خلال مفاوضات وترتيبات غُلِّفت بالكثير من السرية، فقد ذهبت بعيدا وتمادت في تصوير فرحتها وهرولتها نحوهذا الاتفاق بشكل لم يرق حتى للإماراتيين، لكن اللافت هو خروج مستشار أبوظبي الكاتب الإماراتي عبدالخالق عبدالله مستنكرا بلهجة مستاءة اندفاع بلاده وتماديها في ذلك ، حيث انتقد ما أسماه “الاندفاع العاطفي غير المسؤول” في الإمارات نحو اتفاقية السلام مع الاحتلال الإسرائيلي.

وغرد عبد الخالق عبد الله عبر حسابه بـ”تويتر” قائلا: “سعيد أن اندفاع البعض في وسائل التواصل الاجتماعي في الإمارات نحو التطبيع قد تراجع كثيرا واتضح أنه اندفاع عاطفي غير مسؤول”.

تغريدة عبدالخالق جاءت بعد أقل من شهر على توقيع الاتفاقية ، لتعكس ردود الفعل التي خبت جذوتها نحو سياسة الإمارات في علاقتها مع اسرائيل ، ويبدو ان عبدالخالق اكتشف مؤخرا ان عواطف بلاده المؤججة نحو السلام مع اسرائيل اصطدم بصخرة مواقف الشعوب العربية الرافضة لذلك السلام، وان الاندفاع والمبادرة لم تكن إلا من طرف واحد وهي بلاده التي أسرفت في تقديم الكثير مقابل مزاعم واهية من الجانب الاسرائيلي والذي كانت تتذرع به الامارات في عقد هذه الاتفاقية بأنه ضمان للحق الفلسطيني حيث نص الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل، على وقف خطة ضم أراض فلسطينية، حسبما أفاد بيان أمريكي إسرائيلي إماراتي مشترك، نشرته وكالة أنباء الإمارات (وام).

فهاهي اسرائيل لم توقف ضم أراضي ولا بناء مستوطنات بعد سلامها مع الامارات ، ولازالت مستمرة في انتهاكاتها ضد الفلسطينيين ليلا ونهارا ، ناهيك عن الرفض الاسرائيلي بيع الإمارات مقاتلات “إف-35” (F-35) وأسلحة متطورة أخرى.

وبعد توقيع السلام وانتهاء شهر العسل بين الدولتين ، بدا وهج تلك الاتفاقية يخفت شيئا فشيئا بلسان المسؤول الاماراتي نفسه ، والذي اعتبره المغردون تصريح مبطن خوفا من أن يذكر رأيا صريحا مخالفا لسياسة بلاده حول اتفاقها مع اسرائيل ، ويبدو ان عبدالخالق أصبح يدرك تداعيات تلك الصفقة على بلاده والتي أثارت الانقسام حول مضمونها وتوقيتها .

ويبقى كل ما ظهر في اتفاق الإمارات مع “إسرائيل” من نقاط سترجح كفتها لصالح الأخيرة حيث لا يختلف الجميع على تأثيرها السلبي في قضايا العرب والإسلام وفي الصراع ضد الاحتلال الاسرائيلي والقضية الفلسطينية .

جدير بالذكر انه في 15 أيلول/ سبتمبر الماضي، وقعت كل من الإمارات والبحرين اتفاقيتين للسلام مع الاحتلال الإسرائيلي، خلال احتفال جرى بالبيت الأبيض بمشاركة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

* جريدة الشرق