مصالحة فلسطينية برعاية سورية.. هل تستعيد الجماهير الفلسطينية الثقة بقيادتها؟
السياسية – متابعات :
هناك إجماع فلسطيني من مختلف الفصائل في الداخل والخارج على أن المصالحة هي الحل الأنسب للمرحلة المقبلة، وهي ضرورة لا مفر منها، في ظل الهرولة من قبل بعض الأنظمة العربية نحو التطبيع مع اسرائيل، وكانت الاتجاه نحو اسطنبول للحوار بين الفصائل الفلسطينية والتوصل إلى نقاط مشتركة بين فتح وحماس، هو تتمة لما حصل في بيروت والآن يتم استكمل هذه التحركات في دمشق التي تبنت القضية الفلسطينية ودافعت عنها لعقود طويلة، ولكن يجب ألا نغفل الغضب المصري من هذه التحركات الفلسطينية، وستعرقل القاهرة جهود المصالحة لامحالة خاصة وأنها هي من كان يتبنى رعايتها، ولكن لماذا لا تسأل مصر نفسها لماذا غرد الفلسطينييون خارج سربها؟
صحيح ان مصر كانت تعمل على رعاية المصالحة بين فتح وحماس ولكن لم تتقدم المصالحة تحت العباءة المصرية، خاصة وأن القاهرة تدعم جهود التطبيع وتقف في صف المصفقين له، ولطالما الأمر كذلك فإن المصالحة ليست في صالح أياً من المطبعين، وعندما أدرك الفلسطينييون ذلك بدأوا يتجهون نحو التوصل لنقاط مشتركة بجهود فردية، وبدعم من الدول التي تريد للفلسطينيين التوحد والاستمرار ليصبحوا اقوى وينتهي 13 عاماً من الانقسام الذي سمح للاسرائيليين بالتمادي وبناء المزيد من المستوطنات، واستغلت الولايات المتحدة الأمريكية هذا الانقسام بالاضاف للانقسام العربي لتمرير “صفقة القرن”، وهو ما أشعر الفلسطينيين جميعاً بأنهم مستهدفون وأنهم يواجهون خطراً وجودياً غير مسبوق.
اليوم تتحرك وفود فلسطينية نحو دمشق، حيث زار في الأمس وفد من حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، مع وفد من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في العاصمة السورية دمشق، “استكمال جهود المصالحة وإنهاء الانقسام”، جاء ذلك خلال لقاء جمع وفدا من “فتح” قادم من رام الله، بوفد من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في العاصمة السورية دمشق، بحسب بيان صدر عن الأخيرة.
وقالت الجبهة إن “اللقاء استكمال لجهود المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام ولتعزيز التفاهمات الوحدوية الفلسطينية في مواجهة صفقة القرن وموجات التطبيع العربية الصهيونية ومشروع الضم”، وأضافت “اللقاء يأتي من أجل إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وتوحيد النظام السياسي الفلسطيني والشروع في تفعيل المقاومة الشعبية الشاملة والمتدحرجة وتشكيل القيادة الوطنية الموحدة لها”.
في ظل الانحياز المطلق نحو اسرائيل من قبل المطبعين العرب والولايات المتحدة الأمريكية، بات من الضروري انهاء الخلاف والاتجاه نحو وحدة وطنية شاملة، خاصة في ظل عدم جدية مصر في انهاء الانقسام، ولمن يذكر فقد حاولت دمشق منذ العام 2010 خلال الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية في مدينة سرت الليبية، بأن تجعل المصالحة الفلسطينية تتم برعاية عربية وليس فقط برعاية مصرية، وهو ما رفضه مجلس الجامعة العربية، مجدداً في الوقت نفسه التأكيد على دعم مبادرة السلام العربية، كما أقر خطة تحرك عربي لإنقاذ القدس.
وحينها كشفت مصادر مطلعة عن أن خلافا مصرياً سورياً نشب على مستوى المندوبين الدائمين، بعدما تحفظت سوريا على البند الخاص بتثمين الجهود المصرية لتحقيق المصالحة الفلسطينية، وأرادت توسيع عملية المصالحة لتكون عربية.
دمشق لديها علاقات وطيدة مع العلاقات الفلسطينية وستكون أجواء اللقاءات الفلسطينية على اراضيها ايجابية، وستاتي استكمالا للحوارات التي جرت في تركيا حول إجراء انتخابات وتأليف حكومة وحدة وطنيّة.
كما تمّ الاتفاق أيضاً على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني بالتتابع في غضون 6 أشهر.
وكان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنيّة، اعتبر في بيان، أن هذه الحوارات “تعبّر عن إرادة وتوجه وقرار، وذلك استشعاراً بالخطر المشترك الذي يتهدد القضية الفلسطينية، وقناعة راسخة بتكريس مبدأ الشراكة في بناء المؤسسات الفلسطينيّة”.
والاجتماع الذي يعقد في دمشق، يأتي بعد أكثر من شهر على اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينيّة في لبنان، بعد إعلان التطبيع الإماراتي مع الاحتلال الإسرائيلي.
لماذا الإسراع في ملف المصالحة؟
أولاً: خلال الأشهر الماضية تسارعت وتيرة السياسات الإسرائيلية العنصرية تجاه الشعب الفلسطيني إثر توضح الانحياز المطلق لإدارة ترامب لإسرائيل، وقد استصدرت إسرائيل خلال السنوات الأخيرة، حزمةً من القرارات التي من شأنها الإطباق على مدينة القدس. وفي هذا السياق، تفيد تقارير أن إسرائيل استطاعت السيطرة على 93 في المئة من مساحة الجزء الشرفي من القدس المحتل في حزيران /يونيو 1967 ناهيك عن بناء طوقين من المستوطنات يحيطان بالمدينة من الجهات الأربع، ويقيم فيها نحو 190 ألف مستوطن إسرائيلي، وقد تم طرد آلاف المقدسيين بطرق غير مباشرة، بعد قرار تهويد التعليم في المدينة قبل عدة سنوات، واستغلت إسرائيل حالة الانقسام، لتجعل من النشاط الاستيطاني العنوان الأبرز في سياساتها اليومية. ما أدى إلى سيطرة كبيرة على أراضي الضفة الغربية لصالح المستوطنات والنشاط الاستيطاني.
ثانياً: كان الانقسام بين الفلسطينيين مدمراً لكلا الطرفين ولم يحظى اياً منهما بأي شيء ايجابي، وأثر هذا الأمر على فاعلية المقاومة الشعبية وجماهيريتها في الضفة الغربية، وقدرتها على مواجهة المحتل الإسرائيلي، إضافة إلى ما ساهم به الوضع العربي المتساوق مع المحتل الاسرائيلي، والذي شجّع “إسرائيل” في عدوانها المتكرر على القطاع في العامين 2008 و2012، وفي العام 2014 أيضاً.
في الختام؛ إن جهود المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام هذه الأيام عاملاً مساعداً لاستنهاض الجماهير الفلسطينية للتصدي للاحتلال الإسرائيلي، ولكن ذلك يحتاج إلى وقت وجهد كبيرين واستعادة ثقة الجماهير بالقيادة الفلسطينية.
* الوقت التحليلي