بقلم: سيمون هندرسون

8 يوليو 2018( مجلة “ذا هيل” الأمريكية، ترجمة: انيسة معيض ـ سبأ)

تأجلت الأزمة الإنسانية العالمية المقبلة ــــ لكن ربما لأسبوع واحد فقط أو نحو ذلك. فمستوى القتال في ميناء الحديدة اليمنية قد شهد توقفا بشكل مؤقت. ذلك أن قوات الحكومة المعترف بها دوليا, والتي تقودها وتدعمها الإمارات العربية المتحدة, ترقب “توقف” أحادي الجانب في تقدمها لإحكام السيطرة على الميناء الاستراتيجي . الذي تمر من خلاله معظم  واردات الغذاء الأساسية للبلاد.

فمنذ يونيو المنصرم، منحت الإمارات العربية المتحدة الفرصة لمبعوث الأمم المتحدة  مارتن غريفيث لتحقيق السلام. وقد أبلغت الحكومات الأجنبية أن التوقف سيستمر من سبعة إلى عشرة أيام”, ويبدأ من 30يونيو إلى 3يوليو الحالي. وتصر الإمارات العربية المتحدة ان القبائل الحوثية التي استولت على العاصمة صنعاء في 2014 لم تعد تبسط سيطرتها على الحديدة. ولا يظهر الحوثيون, المدعمون من ايران, اي استعداد للقيام بذلك.

إن حوالي ما يقرب من عشرين مليون نسمة على المحك, فالغالبية من سكان اليمن يقطنون في المناطق التي تقع تحت سيطرة الحوثيين. معظمهم يعتمدون على الواردات الغذائية, إن لم يكن المساعدات الإنسانية. وحذرت وكالات الإغاثة من أن ما يصل إلى 250,000نسمة يواجهون خطر المجاعة إذا تفاقمت الأزمة.. .”

وتشير احدث التقارير الواردة من خط المواجهة  إلى أن الوضع مرتبك. وتواصل القوات التي تقودها الإمارات السيطرة على مطار الحديدة على أطراف المدينة, لكنهم يتلقون مقاومة من قبل مقاتلي الحوثي الذين يتحصنون في الضواحي المجاورة.

ووفقا لتقرير مصور  لمراسل شؤون الشرق الأوسط  في صحيفة لندن تايمز, ان مسئولون إماراتيون رسميون رأوا عند البدء أن عملية الحديدة ستستمر ستة أسابيع. مع ذلك استغرقت عملية الاستيلاء على المطار فقط أسبوعا, ما يعني ان الخمسة الأسابيع الأخرى ستذهب الان سدى, بسبب التوقف. ان التحدي المفترض للإمارات العربية المتحدة ليس تنازلات الحوثي, بل التقدم من المواقع نحو الجنوب من ميناء البحر الأحمر ليتم الاستيلاء على بقية ميناء الحديدة, الذي يقع على الجانب الشمالي للمدينة, او قطع الطريق الداخلي نحو العاصمة.

الواقع يختلف غالبا عن الإحساس الذاتي. فالجيش التابع للإمارات العربية المتحدة ينعمون في”

ليتل سبارتا” كما وصفهم ذات مرة جيمس ماتيس قبل ان ينصب وزيرا للدفاع في الولايات المتحدة الأمريكية. حيث يمنح تصنيف عسكري حديث مستوى ضئيل من الكفاءة- رغم انه لايزال أفضل أداءً من الجيش السعودي- لحلفاء الإمارات في اليمن. داخليا, تواجه قوات الحوثي   تحالف ” بقيادة السعودية”, بالرغم من أن القوات السعودية فضلا عن الضربات الجوية ذات الدقة المشكوك فيها, غائبة على ما يبدو في العملية الحالية.

لا يبدو إننا على أعتاب أي حل للازمة اليمنية.رجال القبائل الحوثية  تتصرف على إنها تخلت عن علاقاتها مع إيران . ويبدو أن الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تواصلا مطالبهما بإجبار الحوثيين على الخروج من العاصمة والعودة إلى معقلهم التقليدي في صعدة الواقعة على التلال شمال البلاد.

في غضون ذلك, مايزال البعد الإيراني يلوح في الأفق. ففي الأحد الماضي, صدر تقرير من المملكة العربية السعودية يتحدث عن انه  تم استهداف عاصمتها الرياض بصاروخين آخرين, تم إطلاقهما من المناطق التي يسيطر عليها الحوثي. والصاروخين إما إنهما إيرانيان او أجريت عليهما تعديلات إيرانية في المخزون اليمني, المخزون الذي تم الاستيلاء عليه عند سقوط صنعاء. في كلا الحالتين, هذا ليس جيدا, على الرغم من ان الحكومات التي تتتبع مثل هذه الأحداث, ولديها القدرات لفعل ذلك, تقول ان صاروخا واحدا فقط قد أطلق بالفعل.

قد تكون التفجيرات التي ظهرت في شريط فيديو عن الحدث, وحطام الصاروخ والقذائف التي تساقطت على الحي الدبلوماسي في العاصمة السعودية, قد تكون ناتجة عن سقوط صواريخ باتريوتس المضادة أمريكية- الصنع على الأرض. (ووفقا للبروتوكول الأمريكي يُطلق 2باتريوتس لكل صاروخ قادم. لكن يبدو ان السعوديين قد أطلقوا خمسة لصاروخ واحد).

إلى أين تتجه الحرب في اليمن, وما يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية لإيجاد الحل؟ لقد بدأت كمواجهة إقليمية, نتيجة للتدخل السعودي الذي كان يعتبر اندفاعا. إنها الآن “عاصفة كاملة ” تضم الخصوم الإقليميين للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإيران. حيث تريد الأطراف غير اليمنية هزيمة أو إذلال منافسيهم.

مخاوف واشنطن على بعدين: الأول أن الكونغرس قلق بشأن الذخائر الأمريكية التي تتسبب في سقوط ضحايا من المدنيين. والثاني رغبة إدارة ترامب في دعم حلفائها السعوديين و الإماراتيين, وهي مفيدةـ حتى لو كانت محرجةـ لجوانب أخرى من سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

تتطلب النهاية المطلقة للازمة على العديد من العناصر الحاسمة: تأمين حدود دول الناحية الجنوبية الغربية من شبة الجزيرة العربية, إنهاء التدخل الإيراني, وتخفيف حدة القلق حول الوضع الإنساني. حاليا، يحاول المبعوث الخاص للأمم المتحدة غريفيت تقريب وجهات النظر المختلفة, ولكن لا ينبغي لأحد توقع أنه سينجح في اي وقت قريب.