بقلم: مايكل لافورجيا و إدوارد وونغ

( صحيفة “نيويورك تايمز” الامريكية- ترجمة: نجاة نور،الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

واشنطن- عندما يستضيف الرئيس ترامب توقيع اتفاق دبلوماسي بين إسرائيل والإمارات، سيكون حفل البيت الأبيض أيضاً بمثابة اعتراف ضمني باحتضان الرئيس ترامب لعمليات بيع الأسلحة كحجر زاوية في سياسته الخارجية.

قام الرئيس بإضفاء السرية على صفقة الشرق الأوسط بالالتزام ببيع طائرات مقاتلة متطورة وطائرات بدون طيار إلى الإمارات, ولكن مسؤولي البيت الأبيض يعملون على المضي قدما في نقل الأسلحة لمواجهة مخاوف أوسع نطاقا من أن سياسات الرئيس لبيع الأسلحة يمكن أن تؤدي إلى اتهامات بارتكاب جرائم حرب ضد المسؤولين الأمريكيين، حسبما جاء في استطلاع أجرته صحيفة نيويورك تايمز.

هذه المخاوف – النابعة من الدعم الأمريكي للسعودية والإمارات أثناء خوضهما حرباً كارثية في اليمن، باستخدام معدات أمريكية في الهجمات التي أودت بحياة الآلاف من المدنيين – ستكون موضوع جلسات استماع في الكونجرس خلال الفترة القادمة.

ومن المتوقع أن يستجوب المشرعون كبار المسؤولين في وزارة الخارجية حول دورهم في الحفاظ على تدفق الأسلحة وإخفاء النتائج الداخلية الأخيرة حول الخسائر في صفوف المدنيين والخطر القانوني الذي يدور حول المسؤولين الأمريكيين.

تظهر المقابلات مع أكثر من عشرة من المسؤولين الحكوميين الأمريكيين الحاليين والسابقين, أن المخاوف القانونية المتعلقة بمبيعات الأسلحة أعمق بكثير مما تم الإبلاغ عنه سابقاً.

فعلى مدار إدارتين رئاسيتين، دفعت هذه المخاوف بعض المسؤولين إلى التفكير في تعيين محامين لهم ومناقشة مخاطر التعرض للاعتقال أثناء إجازتهم في الخارج.

تصاعدت المخاوف في عهد الرئيس ترامب, حيث اصطدم كبار المسؤولين الذين يتابعون أجندته لبيع الأسلحة مع الفيدراليين الذين يراجعون ويوافقون على صادرات الأسلحة.

يقول علماء القانون أنه لا توجد حادثة في التاريخ الأمريكي المعاصر يمكن مقارنتها باليمن، حيث قدمت الولايات المتحدة دعماً مادياً على مدى خمس سنوات لجهات مارست اعمال تسببت في استمرار قتل المدنيين, وبصرف النظر عما إذا كان ذلك قد حدث أم لا، يمكن للمدعين العامين في محكمة أجنبية توجيه الاتهام إلى المسؤولين الأمريكيين بناءاً على معرفتهم بنمط القتل العشوائي الذي يُمارس.

أصدر محققو الأمم المتحدة الأسبوع الماضي تقريراً مفصلاً عن الفظائع في حرب اليمن, طالب فيه مجلس الأمن بإحالة الإجراءات التي تتخذها جميع الأطراف إلى المحكمة الجنائية الدولية لملاحقة مرتكبي جرائم حرب محتملة.

تدعم بعض الدول، بما في ذلك السويد وألمانيا، أحقية اتخاذ الإجراءات من قبل السلطة القضائية الدولية على جرائم الحرب.

ففي عام 2009, رفع مسؤولون قضائيون أسبان اتهامات تتعلق بتعذيب سجناء في خليج غوانتانامو بكوبا ضد ستة مسؤولين في إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، متذرعين بالولاية القضائية الدولية، لكن محكمة أعلى رفضت القضية.

ففي مارس الماضي، قضت المحكمة الجنائية الدولية بأن المدعي العام الرئيسي يمكنه فتح تحقيق في تصرفات القوات الأمريكية في حرب أفغانستان, وهي المرة الأولى التي تأذن فيها المحكمة برفع قضية ضد الولايات المتحدة.

فرضت إدارة ترامب هذا الشهر عقوبات على المدعي العام ومحامي آخر في المحكمة، في إشارة إلى مدى جدية الإدارة في التعامل مع إمكانية المحاكمة.

ولكن بدلاً من اتخاذ خطوات ذات مغزى لمعالجة القضايا القانونية المحتملة التي أثارتها حرب اليمن، بذل قادة وزارة الخارجية جهوداً كبيرة لإخفائها، كما تظهر السجلات والمقابلات.

وعندما كشف تحقيق داخلي هذا العام أن الوزارة فشلت في معالجة المخاطر القانونية لبيع القنابل للسعوديين وشركائهم, وجد كبار مسؤولي الوكالة طرقاً لإخفاء ذلك, وأكدوا أن المفتش العام احتفظ بالتفاصيل في جزء سري من تقرير عام صدر في أغسطس، ثم أصروا على تنقيح شديد للمواد السرية حتى لا يتمكن حتى المشرعون الذين لديهم تصريح أمني من رؤيتها.

في عام 2016, عندما قرر محامي وزارة الخارجية أن المسؤولين الأمريكيين يمكن أن يُتهموا بارتكاب جرائم حرب، كما قرر كبار محامي الوزارة عدم إرسال التحليل إلى مكتب وزير الخارجية، على الرغم من مشاركته مع بعض مسؤولي الوكالة.

قالت أونا هاثاواي، الأستاذة بكلية الحقوق بجامعة ييل والمحامية بوزارة الدفاع في إدارة أوباما: “لو كنت في وزارة الخارجية، كان سوف يراودوني الخوف والهلع بشأن المسؤولية المتعلقة لدي, وأعتقد أن أي شخص يشارك في هذا البرنامج يجب أن يعين لنفسه محاميا, إنها منطقة خطيرة للغاية تتواجد فيها الولايات المتحدة، وتواصل تقديم الدعم وهي تعرف عدد المدنيين الذين قتلوا.

إن فشل وزارة الخارجية في رفع مستوى استنتاج قانوني جوهري حول دور الولايات المتحدة في اليمن هو رمز لما يقول علماء السلطات التنفيذية إنه ممارسة تزداد إشكالية عبر الإدارات:

المحامون الحكوميون الذين يعملون في قضايا الأمن القومي يتجنبون عموماً كتابة أي تحليل يمكن أن يقيد صناعي القرار السياسي.

ورفضت وزارة الخارجية مناقشة عملية صنع القرار لكنها قالت في بيان إنها وضعت استراتيجية لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين قبل آخر صفقة بيع أسلحة كبيرة للتحالف الذي تقوده السعودية في مايو 2019, وأضافت أن الوزارة “استمرت في العمل بلا كلل” على الحد من الضرر الذي يلحق بالمدنيين في اليمن وأماكن أخرى، مستشهداً بالسياسات المعاد تصميمها والتحليلات الموسعة والتدريب الجديد للشركاء، وهو ما كان السعوديون والإماراتيون “يقبلونه بشغف”.

تم اتخاذ قرار في عهد أوباما بعدم رفع مستوى التحليل القانوني المزعج لأن الإدارة كانت تتخذ بالفعل موقفاً أكثر صرامة بشأن الوفيات المدنية في اليمن.

في ديسمبر 2016, منع الرئيس باراك أوباما شحنة قنابل دقيقة التوجيه كان قد وافق على بيعها للسعوديين, لكن استمرت المساعدات العسكرية الأخرى.

ومن خلال وضع الرأي القانوني جانباً، فإن المسؤولين المغادرين، بغض النظر عما إذا كانوا على دراية بالعواقب المحتملة، أكدوا أن الوضع لم يكن بهذا الحجم عندما تولى ترامب منصبه.

في غضون أشهر، قام ترامب بتسليم القنابل التي أوقفها أوباما, ثم سعت إدارته إلى زيادة المبيعات بقيمة 8.1 مليار دولار من الأسلحة والمعدات في 22 دفعة، بما في ذلك 3.8 مليار دولار من القنابل الموجهة بدقة وأجزاء من القنابل التي صنعتها شركة رايثيون إلى السعودية والإمارات.

 

منع المشرعون الشحنات لمدة عامين تقريباً، حتى أصدر وزير الخارجية مايك بومبيو تعليمات لمرؤوسيه بالالتفاف على الكونغرس.

لقد فعلوا ذلك بإعلان حالة الطوارئ على إيران، مما دفع المفتش العام إلى المراجعة.

قال الخبراء إن هذا التحقيق لم يوثق المخاوف القانونية القائمة منذ فترة طويلة فحسب، بل أنشأ أيضاً تقريراً خطيرا قد يزيد في حد ذاته المخاطر القانونية

قال ريان جودمان، أستاذ القانون بجامعة نيويورك كما شغل عمل محامياً بوزارة الدفاع في إدارة أوباما: “يمكن استخدام النتائج كدليل في المستقبل ضد المسؤولين الأمريكيين أو الحكومة الأمريكية”.

ومع ارتفاع عدد القتلى المدنيين في اليمن، أصبح الدور الأمريكي في الحرب قضية سياسية مهمة.

يقول جوزيف روبينيت بايدن، المرشح الرئاسي الديمقراطي الذي كان نائب الرئيس عندما بدأ الصراع، إنه سينهي دعم الولايات المتحدة للحرب.

وعلى النقيض من ذلك، يضاعف الرئيس ترامب مبيعات الأسلحة ويتباهى بإيراداتها.

في فبراير, أشار الرئيس ترامب خلال مقابلة إلى أنه لدية علاقة جيدة للغاية معهم, إنهم يشترون منا منتجات بمليارات ومليارات الدولارات.

شبح جرائم الحرب:

في عهد أوباما، كان بإمكان كبار مسؤولي وزارة الخارجية مواجهة أسئلة حول التواطؤ الأمريكي في الجرائم التي ارتكبها التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن,  عوضاً عن ذلك، وضعوا الأمر جانباً.

وفي مارس 2015, عندما تحرك التحالف الذي تقوده السعودية لأول مرة لطرد الحوثيين الذين استولوا على العاصمة اليمنية صنعاء، وافق الرئيس أوباما على دعم هذا الجهد, وقعت إدارته على بيع ما قيمته 1.3 مليار دولار من القنابل الموجهة بدقة وأجزاء القنابل, لتجديد المخزونات السعودية المستنفدة “بسبب الوتيرة التشغيلية العالية” في اليمن.

لكن سرعان ما اتضح أن السعوديين وشركائهم في ذلك الوقت، بمن فيهم الإماراتيون كانوا إما يستخدمون القنابل بإهمال أو يستهدفون المدنيين عمداً.

في الأشهر الثمانية عشر الأولى من القتال، ربطت جماعات حقوق الإنسان القنابل الأمريكية بالهجمات على المنازل والمباني السكنية والمصانع والمستودعات والمراكز الثقافية والمجمعات الزراعية ومدرسة ابتدائية ومواقع أخرى غير عسكرية.

مع تصاعد المخاوف بشأن مثل هذه الضربات في واشنطن، فحص محامي وزارة الخارجية ما إذا كان المسؤولون الأمريكيون الذين وافقوا على بيع الأسلحة للسعوديين وشركائهم يواجهون مخاطر قانونية.

وبالاعتماد على قضية المحكمة الجنائية الدولية المرفوعة ضد تشارلز تيلور أمير الحرب الليبيري، والتي استشهدت بها الولايات المتحدة في محاكمات القاعدة، توصل المحامي إلى نتيجة مثيرة للقلق في مذكرة عام 2016 وهي كالتالي:

المسؤولين الأمريكيين، بمن فيهم وزير الخارجية، يمكن أن يتم اتهامهم بالمشاركة في جرائم الحرب، لدورهم في تسليح التحالف السعودي، بحسب ستة مسؤولين حكوميين حاليين وسابقين على علم بالمذكرة القانونية.

وفي ذلك العام، ناقش العلماء ورقة في مجلة قانونية تعرض حجة جرائم الحرب لهذا النوع من الصراع كتبها بريان فينوكين، محامي وزارة الخارجية المعين لمكتب الشؤون السياسية والعسكرية بالوكالة, حيث تحدث الرئيس فينوكين بصفته الخاصة في مؤتمر كلية الحقوق بجامعة ييل في عام 2018 حول حرب اليمن، وقال أن المسؤولين الذين يمكن محاكمتهم “أولئك الذين لديهم سلطة اتخاذ القرار أو سلطة النقض, لذا أعتقد اننا نبحث عن أفراد رفيعين المستوى”, ولكن كبار محامي وزارة الخارجية لم يرسلوا المذكرة الداخلية إلى مكتب وزير الخارجية.

لم يستجب بريان إيغان، المستشار القانوني للوزارة في ذلك الوقت، لطلبات التعليق, من جانب آخر (ذكرت رويترز عن جوانب من المخاوف القانونية في عام 2016).

على الرغم من أن التحليل القانوني لم يتم تقديمه داخل وزارة الخارجية، فقد فتحت إدارة أوباما باباً لمراجعة السياسة, حيث حاول وزير الخارجية جون كيري التوسط في وقف إطلاق النار.

منذ عام 2018, طلب النائب الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا تيد ليو من وزارة الخارجية إصدار المذكرة، لكنها رفضت القيام بذلك.

التدافع للحصول على درع قانوني:

خلال ربيع عام 2017, عمل مساعدو الرئيس ترامب وبعض مسؤولي وزارة الخارجية على إلغاء قرار تجميد تسليم القنابل الذي اتخذه أوباما.

لكن المسؤولين في مكتب الشؤون السياسية والعسكرية في الوزارة الذي يرعى صادرات الأسلحة أرادوا تأكيدات بأنهم يستطيعون تنفيذ ما يريده الرئيس دون تعريض أنفسهم لخطر قانوني.

وخلال اجتماع في البيت الأبيض قبل زيارة الرئيس ترامب إلى السعودية في شهر مايو، أعرب أحد المسؤولين، مايك ميللر الذي كان وقتها مدير مكتب الأمن الإقليمي ونقل الأسلحة عن المخاوف بشكل مباشر وصريح، وفقاً لما قاله مسئولين.

وقال إنه يشعر بالقلق من إمكانية توجيه الاتهامات إليه بأنه كان مسؤولاً عن المساعدة في قتل المدنيين.

كان تبادل قصير في البنتاغون في شهر مارس الماضي بمثابة اختراق محتمل,  وبضغط من وزير الدفاع جيم ماتيس “لوقف قصف النساء والأطفال” وافق ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على اتخاذ خطوات للحد من قتل المدنيين اليمنيين, وذلك وفقاً لما جاء عن المشاركين.

ثم صاغ المسؤولون الأمريكيون مجموعة من المبادئ التوجيهية للحكومتين السعودية والأمريكية لإتباعها كشرط لمبيعات الأسلحة في المستقبل.

لقد كان دافعهم للخطة ليس فقط إنقاذ أرواح المدنيين، ولكن أيضاً لتوفير الحماية لأنفسهم ضد مزاعم التواطؤ الأمريكي في جرائم الحرب.

قالت تينا كايدانو التي كانت ترأس مكتب الشؤون السياسية والعسكرية في ذلك الوقت عن السعوديين: “لقد عملنا بجد لمحاولة جعلهم يشعرون بأن عمليات البيع ستكون من الآن أكثر صعوبة”.

لكن على مدار ثلاثة أشهر، قام المسؤولون المتلهفون لتمرير صفقات الأسلحة بتقليص المبادئ التوجيهية.

أشار المسؤولون إلى أن ستيوارت جونز الذي كان وقتها القائم بأعمال مساعد السكرتير في مكتب شؤون الشرق الأدنى، قاد المرؤوسين إلى تسوية الأوضاع بسرعة.

في حين كان جاريد كوشنر مستشار الرئيس ترامب وصهره يساعد في عملية استئناف مبيعات الأسلحة وأراد من الرئيس الإعلان عنها خلال زيارة مايو 2017 إلى الرياض.

تظهر رسائل البريد الإلكتروني التي حصلت عليها “نيويورك تايمز” أن الرئيس جونز وزملائه ناقشوا كيفية صياغة لغة مقبولة حول استخدام الذخائر الموجهة بدقة والتي سيوقعها عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، قبل رحلة الرئيس ترامب.

في أبريل 2017, كتب تيموثي ليندركينغ، نائب السكرتير المساعد  في اليوم التالي إلى الرئيس جونز أنه التقى بمحامي وزارة الخارجية “ووافق على تعديلات لتقليص لغة الرسالة”.

وفي اليوم التالي، كتب الرئيس جونز أن الرئيس الجبير “وافق بسرعة” على توقيع خطاب إلى ريكس دبليو تيلرسون، وزير الخارجية آنذاك و “طلب مترجماً”, وأحال الرئيس جونز، الذي ترك وزارة الخارجية في 2018, الأسئلة إلى الوزارة.

وتضمنت الرسالة حوالي خمس ضمانات، بما في ذلك تعهد السعوديين بمشاركة قواتهم في برنامج تدريبي بقيمة 750 مليون دولار يديره الجيش الأمريكي, وفي الرياض أعلن الرئيس ترامب والملك سلمان عن صفقة الأسلحة.

عرض رعب:

بعد أن أقال الرئيس ترامب, تيلرسون فجأة في مارس 2018, بينما كان بومبيو ينتظر تأكيد مجلس الشيوخ لقيادة وزارة الخارجية عمل نائب وزير الخارجية جون جيه سوليفان كرئيس بالنيابة للوكالة

يعتقد المسؤولون القلقون بشأن مبيعات الأسلحة أن سوليفان كان منتبهاً للمخاوف الإنسانية في حرب اليمن, وفي الأسابيع الثلاثة التي كان يدير فيها الدائرة أرسلوا استئنافاً للتوضيح القانوني.

رد سوليفان بالموافقة على مذكرة صاغها المسؤولون والتي أوصت بتنفيذ استراتيجية فاعله لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين وإجراء تحليل قانوني محدث قبل المضي قدماً في صفقات مبيعات الاسلحة، وفقاً لمسؤولين أمريكيين.

تولى بومبيو المسؤولية بعد فترة وجيزة, وفي شهر أغسطس من ذلك العام، أسقطت طائرة تابعة للتحالف قنبلة أمريكية الصنع على حافلة مدرسية في محافظة صعدة الشمالية، مما أسفر عن مقتل 54 شخصاً، من بينهم 44 طفلاً، في هجوم أطلق عليه ترامب فيما بعد “عرض الرعب.”

في الشهر التالي، أصدر بومبيو شهادة رسمية للكونغرس تفيد بأن التحالف الذي تقوده السعودية يعمل على تقليل الوفيات بين المدنيين، على الرغم من التقارير الإخبارية وتقييمات وزارة الخارجية الداخلية تشير إلى عكس ذلك.

قال مسؤولون إن كبار المسؤولين في الوزارة حذروا بومبيو من ذلك, حيث يرجع جزئياً إلى أنهم أصبحوا قلقين أكثر بشأن القضايا القانونية.

أثارت هذه الخطوة رد فعل عنيف في الكونجرس وعززت عزم المشرعين على مواصلة منع مبيعات الأسلحة.

بحلول أبريل 2019, كان مسؤولو وزارة الخارجية يناقشون تكتيكاً نادراً ما يتم اللجوء إليه لفرض تمرير مبيعات أسلحة بقيمة 8.1 مليار دولار دون موافقة الكونجرس، ألا وهي إعلان حالة الطوارئ بشأن مخاوف من إيران.

في قلب تلك المناقشات كان ماريك سترينج، مساعد سابق في مجلس الشيوخ انضم إلى وزارة الخارجية في عام 2017.

وبحلول يناير 2019, أصبح رئيساً بالنيابة لمكتب الشؤون السياسية والعسكرية وأشرف عن كثب على التخطيط لحاله الطوارئ.

أعلن بومبيو حالة الطوارئ في 24 مايو ومضت صفقات الأسلحة المتوقفة قدماً، بما في ذلك بيع حوالي 120 ألف قنبلة وأجزاء من القنابل للسعوديين والإماراتيين.

ولكن، بشكل حاسم، لم يتم تنفيذ أي استراتيجية محدثة لتخفيف الخسائر المدنية أو تحليل قانوني – كما أمر الرئيس سوليفان – قبل شحن المعدات ، وفقاً لتقرير المفتش العام.

وقال التقرير الذي صدر في أغسطس الماضي، إنه على الرغم من أن بومبيو لم ينتهك القانون بإعلان حالة الطوارئ إلا أن وزارة الخارجية فشلت في اتخاذ الإجراءات المناسبة لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين والمخاطر القانونية المرتبطة بها.

ومع ذلك، لم يتضمن القسم العام من التقرير النهائي توصية غير سرية من مسودة سابقة:

يجب على الوزارة “تحديث تحليلها للمخاطر القانونية والسياسية” المتعلقة ببيع القنابل للتحالف السعودي وفقاً للنص الذي حصلت عليه صحيفة نيويورك تايمز.

وتم تحرير لغة تلك التوصية ونقلها إلى الملحق المصنف بعد ضغوط من مسؤولي الإدارة.

في اليوم الذي أعلن فيه بومبيو حالة الطوارئ، قام أيضاً بترقية “سترينج” ليكون أكبر محامي في وزارة الخارجية.

منذ إعلان حالة الطوارئ التي ينطبق فقط على المبيعات العام الماضي، سعى السعوديون وشركاؤهم لشراء المزيد من القنابل الأمريكية, بما قيمته حوالي 800 مليون دولار من الطلبات معلقة وقد تعثرت في نفس عملية مراجعة الكونغرس التي أحبطها بومبيو والبيت الأبيض.

كانت الإمارات أعلنت الصيف الماضي سحب معظم قواتها من الحرب الطاحنة في اليمن لكنها حولت تركيزها في الحرب الليبية.

من يوليو إلى أوائل أغسطس من هذا العام، قتلت ثلاث غارات جوية على الأقل من قبل التحالف الذي تقوده السعودية في شمال اليمن مدنيين، بينهم ما يقرب من عشرين طفلاً، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة وعمال الإغاثة  والحوثيين.

قال أحد العاملين في مجال حقوق الإنسان إن إحدى الضربات وقعت أثناء احتفال بولادة طفل جديد, حتى أن الصبي البالغ من العمر أسبوع واحد فقط لم ينجو من الهجوم.

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.