السياسية : عبد العزيز الحزي
بعد محاكمة دامت ستة أعوام، برأت المحكمة الخاصة بقضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005 ساحة ثلاثة متهمين ووجدت أنه لا علاقة لسوريا وقيادة حزب الله بعملية الاغتيال فيما أدانت المحكمة سليم عياش.
جاء ذلك في جلسة انعقدت بمدينة لاهاي الهولندية، بعد 15 عاما على اغتيال الحريري الذي قُتل بتفجير شاحنة مفخخة في 14 فبراير 2005.
وقالت المحكمة إنها قررت إدانة المتهم “سليم عياش” بكل التهم الموجهة إليه في قضية اغتيال الحريري، وبرأت المتهمين الثلاثة: حسن مرعي، وحسين عنيسي، وأسد صبرا.
وقالت قاضية إن المتهم الرئيسي في قضية اتهام أربعة اشخاص بالتخطيط لاغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، استخدم هاتفا محمولا يقول ممثلو الادعاء إنه كان محوريا في الهجوم.
وأضافت القاضية ميشلين بريدي وهي تقرأ ملخصا للحكم الصادر في 2600 صفحة أن المحكمة الخاصة بلبنان “مطمئنة بدرجة لا تدع مجالا لشك منطقي” إلى أن الأدلة تظهر أن سليم عياش استخدم الهاتف.
وقالت المحكمة إنها قررت إدانة المتهم “سليم عياش” بكل التهم الموجهة إليه في قضية اغتيال الحريري، وبرأت المتهمين الثلاثة الآخرين.
وقالت: “أكدت الأدلة أيضا أن السيد عياش كان ينتسب لحزب الله”. ويواجه عياش اتهامات بشن هجوم إرهابي وبالقتل واتهامات أخرى.
وفي وقت سابق من الثلاثاء، قالت المحكمة الخاصة بلبنان والمدعومة من الأمم المتحدة إنه لا يوجد دليل على ضلوع قيادة جماعة حزب الله اللبنانية أو الحكومة السورية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005.
وكان الحريري، الملياردير، على علاقات وثيقة بالولايات المتحدة وحلفاء غربيين ودول الخليج . وقاد الحريري المساعي لإعادة بناء بيروت بعد الحرب الأهلية التي دارت رحاها من عام 1975 إلى عام 1990.
ونفى حزب الله أي دور له في تفجير 14 فبراير 2005.
ويأتي نطق المحكمة بالحكم في الوقت الذي لا يزال اللبنانيون يعانون فيه من تبعات الانفجار الهائل الذي راح ضحيته 178 شخصا هذا الشهر ومن الانهيار الاقتصادي الذي دمر حياتهم.
وأدى اغتيال الحريري إلى ما كان آنذاك أسوأ أزمة في لبنان منذ الحرب الأهلية، مما أدى إلى انسحاب القوات السورية ومهد الطريق لمواجهة بين القوى السياسية المتناحرة على مدى سنوات.
وحتى قبل أن يبدأ القضاة النطق بالحكم الصادر في 2600 صفحة، حملت صحيفة النهار اليومية عنوان “العدالة الدولية تهزم الترهيب” مصحوبا برسم كاريكاتوري لوجه الحريري وهو ينظر إلى سحابة الفطر العملاقة فوق بيروت المدمرة ويقول لها “عقبالك” في إشارة إلى تحقيق قد يكشف سبب الانفجار.
وقال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله يوم الجمعة إنه ليس قلقا من المحاكمة وإن الجماعة ستتمسك ببراءة أعضائها في حال تمت إدانة أي منهم.
وكان من المتوقع في بادئ الأمر صدور الحكم في وقت سابق من هذا الشهر لكنه تأجل بعد انفجار مرفأ بيروت.
واستغرقت عملية التحقيق و المحاكمة الغيابية لأعضاء حزب الله الأربعة 15 عاما وبلغت تكلفتها نحو مليار دولار.
وعلق سعد الحريري، رئيس الوزراء اللبناني السابق، ونجل رفيق الحريري، والذي كان حاضرا جلسة المحكمة في لاهاي، قائلا بعد صدور الحكم ” باسم عائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وباسم جميع عائلات الشهداء والضحايا نقبل حكم المحكمة ونريد تنفيذ العدالة حتى يتم تسليم المجرمين للعدالة بوضوح: لا تنازل عن حقّ الدم”، كان العديد من اللبنانيين، يتوافدون على ضريح رفيق الحريري وسط بيروت.
انتصار لحزب الله
ويرى المراقبون أن حكم المحكمة، القابل للاستئناف، يمثل انتصارا لحزب الله، الذي برئت ساحة قيادته أيضا، من الضلوع في عملية الاغتيال، كما يعزز من رؤية الحزب، التي أعلن عنها منذ تأسيس المحكمة الدولية، الخاصة باغتيال الحريري.
ومنذ تأسيس المحكمة، التي وجهت الاتهام إلى خمسة عناصر في حزب الله، أعلن الحزب أنّه لا يعترف بها، ويعتبرها “مسيّسة”، وتخدم مصالح إسرائيل والولايات المتحدة، ولطالما نفى جميع الاتهامات الموجهة إليه، ورفض تسليم المتهمين، محذراً على لسان أمينه العام حسن نصرالله من “اللعب بالنار”.
وفي المقابل، فإن الحكم يمثل من وجهة نظر نفس المراقبين، انتكاسة لتيار المستقبل، والذي ربما كان يعول على إدانة عدد أكبر من المتهمين،أو إدانة حزب الله بمجمله كقوة سياسية.
ورأى بعض المراقبين أن الحكم ستكون له تأثيراته، على مستقبل الحياة السياسية في لبنان، وإمكانية التعاون بين الفاعلين السياسيين على الساحة، في ظل ما خلفه انفجار مرفأ بيروت الأخير، من حالة توتر و غضب، سواء على مستوى الشعب، أو على مستوى القيادة السياسية.
………………//