السياسية -أمل باحكيم:-

أدت الإمطار الغزيرة الأيام الماضية إلى  فيضان سد مأرب لأول مرة من إعادة بنائه قبل 34 عاماً  وانهيار بعض جدرانه جراء الاهمال وعدم الصيانة المستمرة .

وأفادت الإنباء  تجاوز منسوب المياة حاجز الـ 550 مليون متر مكعب, وأسفر عن مصرع ما لا يقل عن 17 شخصا بينهم 8 أطفال,كما إثر تدفق السيول إلى المناطق المحيطة بمديرية صرواح غربي محافظة مأرب إلى أضرار في مخيمات “الصوابين والروضة وذنة والهيّال وأراك”.

 

وأوضح ناشطون في وسائل التواصل الاجتماعي أن عدد الأسر المتضررة في المخيمات المذكورة بلغ 1340 أسرة، من بين 4871 أسرة نازحة في المديرية التي يقيم فيها النازحون في تجمعات بمنطقة حوض السد.

واكدوا أنه  لازال هناك أسر محاصرة في منطقة روضة ذنة التابعة لمديرية صرواح  حيث قسمت المنطقة  الى قسمين شرقي وغربي حيث بلغ عرض السائلة المتدفقة أكثر من 400 متر ويزيد ارتفاع منسوب المياه فيها عن مترين ونصف المتر ولا يستطيع أحد عبورها حيث بلغ عدد المحاصرين أربعمائة أسرة تفتقد للمياه الصالحة للشرب والغذاء والغاز المنزلي والدواء.

سد مارب في عهد سبأ :-

سد مارب العظيم كان يدعى في العصور القديمة بوادي سبأ, ويعتبر احدى العجائب الهندسية في العالم القديم، وأحد أقدم السدود المائية في العصور القديمة حيث يعود بناءه الى  بداية الألفية الأولى قبل الميلاد.

وقد قام السبئيين ببناء سد مارب من أجل احتجاز أمطار الرياح الموسمية الدورية التي تسقط على الجبال القريبة، وبالتالي ري الأراضي الزراعية والحقول المحيطة بالمدينة حيث يروي ما يقارب 24,000 آكر (قرابة 98,000 كم مربع) .

بني السد في الجهة التي تسيل منها السيول فتمكن السد من حصر الماء وزود بثقوب أو أبواب لتسمح بقدر أكبر من التحكم بجهة المياه عقب استقرارها في الحوض.

بني السد في ذلك العهد من حجارة أقتطعت من صخور الجبال، حيث نحتت بدقة، ووضعت فوق بعضها البعض واستخدم الجبس لربط الحجارة المنحوتة يبعضها البعض، واستخدام قضبان إسطوانية من النحاس والرصاص يبلغ طول الواحدة منها ستة عشر متراً، وقطرها حوالي أربع سنتمرات توضع في ثقوب الحجارة فتصبح كالمسمار فيتم دمجها بصخرة مطابقة لها وذلك ليتمكن من الثبات أمام خطر الزلازل والسيول العنيفة.

 

وبهذا حقق اليمنيين الاكتفاء الذاتي من ناحية احتياجهم للماء والغذاء فالماء الناتج عن السد القديم كان يكفيهم للزراعة وإطعام مواشيهم.

تعرض السد للتدمير وقد ذكر في القرآن الكريم “سيل العرم”، فنتج عن ذلك فشل نظام الري، ما أدى لهجرة ما يصل إلى 50,000 شخصاُ من اليمن إلى مناطق أخرى من شبه الجزيرة العربية.

سد مأرب حديثا:-

تبلغ مساحة بحيرة السد 30 كيلومتر مربع، ويسع 400 مليون متر مكعب من الماء، فيما تعمل بوابة التصريف الخاصة به بطاقة قدرها 35 مترا مكعبا في الثانية وذلك لري حوالي 16 ألف هكتار من الأراضي الزراعية، ويبلغ عمق الجسم الخرساني للسد 60 مترا ومساحته 24 ألف متر مربع وطوله 763 مترا وعرضه عند مستوى سطح الوادي 337 مترا، وعند مخرج المياه من بوابة التصريف 195 مترا كما بلغ إجمالي حجم الردميات في جسم السد 3 ملايين متر مكعب، وتم إزالة 200 ألف متر مكعب من الصخور من جانبي الموقع وتغطية جسم السد بصخور بلغ حجمها 100 ألف متر مكعب.

من هنا يتضح لنا أهمية سد مأرب التاريخي أعظم بناء معماري وهندسي في جنوب غربي الجزيرة العربية, وكيف برع السبئيون  في بنى سد مأرب وكيف استفادوا من الامطار , وقد تعرض السد للانهيار اربع مرات على الاقل اخرها 575 ويحذر خبراء في بناء السدود  من تهدمه للمرة الخامسة في حال استمر الاهمال وعدم الصيانة التى تجلت خلال الفترة الماضية خاصة بعد 2015م .

ويحذر خبراء في مجال الزراعة أنه في حال تهدم السد ستنتهي الزراعه التى تعد النشاط الرئيسي للسكان هناك وتحتل محافظة مأرب  المرتبة الثالثة من بين محافظات الجمهورية في الزراعة حيث بلغت نسبة اجمالي المحاصيل الزراعية 7,6 بلمائة.

الجدير بالذكر أن سد مارب والمعابد  تعد أهم علامة بلوغ السبئيون حضارتهم وأوجها  في القرن العاشر قبل الميلاد.