السياسية – متابعات :

بينما دعت بعض الدول الغربية والإقليمية إلى إجراء تحقيق دولي في انفجار مرفأ بيروت، عارضه المسؤولون اللبنانيون، واصفين التحقيق في سبب الانفجار بأنه شأن داخلي، ومعلنين أنهم لا يحتاجون إلى مشاركة فريق دولي في هذا المجال.

يبدو أن بعض الأطراف اللبنانية وبعض الجهات الأجنبية يعتزمون السعي وراء أهداف سياسية معينة، عبر الإعلان عن ضرورة إجراء تحقيق دولي في سبب الانفجار في مرفأ بيروت، بغض النظر عن أسباب وقوع الانفجار، مستغلين هذا الحادث للمضي قدماً بأهدافهم السياسية في لبنان.

تحريف الحقيقة واتهام حزب الله

منذ اللحظات الأولى للانفجار في مرفأ بيروت، انطلقت موجة من الهجمات الإلكترونية ضد حزب الله، وبتقديم معلومات غير صحيحة مثل سيطرة حزب الله على ميناء بيروت أو وجود مستودعات أسلحة للحزب في الميناء، تمت الخطوة الأولى في زيادة الضغط علی حزب الله.

ولكن بعد اتضاح أنه لا توجد مستودعات أسلحة لحزب الله في المنطقة، وکذلك اتضاح أن التيارات التي توجه أصابع الاتهام إلى حزب الله هي التي تسيطر على مرفأ بيروت، فشلت هذه الخطوة في تحقيق الأهداف المرجوة منها.

الخطوة التالية لزيادة الضغط على حزب الله من خلال استغلال الأوضاع الحالية في لبنان، كانت القول للبنانيين إن الدول الغربية وبعض الدول العربية في المنطقة تنوي مساعدة لبنان، لكن حزب الله يعارض ذلك.

هذه الخطوة أيضاً لم تحقق أهدافها، نتيجة الموقف الذكي “للسيد حسن نصر الله” الأمين العام لحزب الله في لبنان بعد زيارة الرئيس الفرنسي لبيروت، حين أعلن أن حزب الله ينظر بإيجابية إلی المساعدات التي أعلنت عنها جهات خارجية.

في غضون ذلك، فإن الخطوة الثالثة التي خُطط لها لنفس الهدف، أي زيادة الضغط على حزب الله في لبنان وإبعاد هذه الجهة الفاعلة عن المشهد السياسي اللبناني وبالتالي عن المعادلات السياسية الأمنية للمنطقة، تسعى إلى التلاعب بنتائج التحقيقات في سبب الانفجار في مرفأ بيروت، وبالتالي تحميل حزب الله مسؤولية الانفجار، معتمدةً على الوضع المضطرب في لبنان وظهور مشاكل اقتصادية حادة في البلاد، لاعتبار الحزب السبب في كل المشاكل المتراكمة في هذا البلد، وإخراج حزب الله من ساحة المعادلات السياسية – الأمنية في لبنان والمنطقة في نهاية المطاف.

في الواقع، الهدف من اتخاذ الخطوة الأخيرة من قبل خصوم حزب الله اللبناني، هو أن يخسر حزب الله أولاً الانتخابات النيابية المبكرة، وبعد ذلك بسبب تراجع نفوذ الحزب وقوته السياسية في بنية الحكم في لبنان، يصار بشكل تدريجي نحو نزع سلاح الحزب ثم القضاء التام على حضوره في المشهد السياسي لهذا البلد.

لذلك، يبدو أن إصرار بعض الدول والأطراف اللبنانية على ضرورة إجراء تحقيق دولي في سبب انفجار مرفأ بيروت، هو جزء آخر من المخططات التي تستغل الوضع في لبنان، وتهدف إلى ممارسة أكبر قدر من الضغط على حزب الله.

تشويه الواقع.. السياسة المعتادة للأمريكيين والشركاء

لقد بذلت الولايات المتحدة وحلفاؤها من قبل أيضاً، جهودًا كبيرةً لتعزيز أهدافهم في الملف السوري، من خلال محاولة تشويه الحقائق.

وفي هذا الصدد، فإن التحضير لهجمات كيماوية وهمية في مناطق مختلفة من سوريا من قبل الولايات المتحدة وتنفيذ الجماعات الإرهابية، والذي سعی في نهاية المطاف إلى إبراز الحاجة إلى تحقيق دولي في هذا الصدد واتهام الحكومة السورية، هو جزء من سجل الولايات المتحدة في استخدام هذا التكتيك، والذي فشل مع الجهود الروسية لکشف الحقائق.

إلا أن أمريكا وشركاءها الإقليميين والغربيين يعتزمون تنفيذ السيناريو ذاته بخصوص حزب الله في لبنان، وركوب موجة الاضطرابات والاحتجاجات في هذا البلد، وتوجيه السهام إلى حزب الله، لتمهيد الأرضية لأي عمل ضد الحزب، بعد الحصول على الإذن من الرأي العام اللبناني.

إضافةً إلى ذلك، فإن الغربيين وبعض شركائهم الإقليميين، وعلى الرغم من أن حكم المحکمة الخاصة باغتيال رفيق الحريري لم يُعلن بعد ومن المقرر الإعلان عنه في غضون 10 أيام، يوجهون أصابع الاتهام إلى حزب الله ويعتبرونه المسؤول عن اغتيال الحريري، هذا في حين أن المحكمة قد أعلنت أنها أرجأت النطق بالحكم النهائي بسبب الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت، وستعلنه في 18 آب.

وفي هذا السياق، يبدو أن المحور المناهض لحزب الله ينوي استغلال المسافة الزمنية التي حصلت بين توقيت الإعلان عن الحکم النهائي للمحکمة والتوقيت الذي کان من المقرر أن يصدر فيه الحکم، لتحقيق أقصى استفادة من هذا الوقت وجذب الرأي العام اللبناني، لسوقه نحو القبول بمسؤولية حزب الله في اغتيال الحريري.

ومع ذلك، يبدو أن معارضة الحكومة اللبنانية وبعض الأطراف، مثل روسيا، للتحقيق الدولي في سبب انفجار مرفأ بيروت، ستكون عقبةً كبيرةً أمام تنفيذ هذه الخطة التي أعدّها المحور المعادي لحزب الله.

بشكل عام، يبدو أن الهدف النهائي لبعض الأطراف اللبنانية والجهات الأجنبية من الإصرار على ضرورة إجراء تحقيق دولي في سبب الانفجار في مرفأ بيروت، هو هدف سياسي بحت، إذ تعتزم هذه الأطراف الضغط على حزب الله من خلال التلاعب بنتائج التحقيق.

* المصدر : الوقت التحليلي
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع