في اليمن، اختلاط قاتل لمبيعات الأسلحة والصراع وكوفيد 19
السياسية :
بقلم: ريبيكا باربر
(موقع “مؤسسة لوي انستيتيوت” الإنجليزي، ترجمة: جواهر الوادعي-سبأ)
بدون وقف إطلاق النار، فإن كارثة إنسانية تغذيها شحنات الأسلحة الغربية على وشك أن تزداد سوءاً.
في أبريل المنصرم، أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بيانا أيد فيه دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في اليمن, لتمكين الاستجابة بشكل أفضل لجائحة كوفيد 19, واعترف المجلس بأن الأزمة الإنسانية في اليمن جعلت البلد “معرض بشكل استثنائي”, وأن أي تصعيد عسكري آخر “سيعيق وصول العاملين في المجال الإنساني والعاملين في مجال الرعاية الصحية وتوافر مرافق الرعاية الصحية”.
المجلس محق في قلقه, حيث أن اليمن حتى الآن أكدت وجود 469 حالة إصابة فقط بكوفيد 19, لكن معدلات الاختبار من بين أدنى المعدلات في العالم، ومعدل الوفيات عند 24٪, هو واحد من أعلى المعدلات، مما يشير إلى أن عدد الحالات الحقيقي أعلى بكثير.
قال الأمين العام للأمم المتحدة إن هناك “سبب للاعتقاد بأن انتقال المرض في المجتمع يتم بالفعل في كل البلد”.
حتى بدون كوفيد19, فبعد أكثر من خمس سنوات من الحرب، تعتبر اليمن هو أسوأ أزمة إنسانية في العالم, حيث دمر الصراع الاقتصاد والبنية التحتية المدنية وجعل تقديم الخدمات الأساسية على شفا الانهيار, كما تضرر النظام الصحي بشكل خاص, وتم قصف المستشفيات، ونصف المرافق الصحية في البلد تعمل بكامل طاقتها، وانقطاع التيار الكهربائي شائع وهناك نقص في المواد مثل معدات الحماية الشخصية وأجهزة التنفس الاصطناعي.
تأجج الصراع في اليمن بالأسلحة التي قدمتها دول أجنبية إلى التحالف الدولي بقيادة السعودية الذي شارك منذ عام 2015 في حملة عسكرية للإطاحة بالحوثيين.
السعودية هي أكبر مستورد للأسلحة في العالم, وتأتي معظم أسلحتها من الولايات المتحدة، تليها المملكة المتحدة وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا وكندا.
ومن بين الدول المستوردة للأسلحة الرائدة في العالم مصر والإمارات العربية المتحدة أعضاء التحالف العربي الآخرون، حيث يتلقون معظم أسلحتهم من الولايات المتحدة وفرنسا.
منذ عام 2015, استمرت صادرات الأسلحة إلى التحالف الدولي بقيادة السعودية على الرغم من الأدلة الدامغة على أن هذا التحالف ينتهك حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في اليمن.
قُتل معظم المدنيين في الغارات الجوية التي قام بها التحالف والتي استهدف الكثير منها المدنيين والبنية التحتية المدنية: المدارس والمنازل والأسواق والمزارع والمصانع.
ونفذت بعض هذه الهجمات بأسلحة زودتها بها الدول الغربية, حيث وثق تقرير صادر عن منظمات حقوق الإنسان العام الماضي, 27 “هجمة للتحالف الذي تقوده السعودية والإمارات على ما يبدو غير قانونية”, استهدفت من خلالها منازل المدنيين والمنشآت التعليمية والصحية والشركات والتجمعات, إذ يبدو أنها استخدمت أسلحة صنعت في الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة.
وقد دفع توريد الأسلحة إلى التحالف الدولي بقيادة السعودية بجهود لمنع مبيعات الأسلحة من خلال العمليات التشريعية والقضائية.
ففي العام الماضي، قضت محكمة الاستئناف في المملكة المتحدة بأن الحكومة قد تصرفت بشكل غير قانوني عن طريق تصدير الأسلحة إلى السعودية دون تقييم ما إذا كان التحالف الدولي ينتهك القانون الإنساني الدولي.
وفي الولايات المتحدة، حاول الكونغرس مراراً منع مبيعات الأسلحة إلى السعودية، ولكن في كل مرة يتم إحباط تلك المحاولات باستخدام حق النقض الرئاسي, كما دعا البرلمان الأوروبي إلى فرض حظر على الأسلحة على مستوى الاتحاد الأوروبي إلى السعودية.
مع تصاعد المخاوف بشأن انتشار كوفيد 19 في اليمن، استمرت مبيعات الأسلحة, ففي أبريل، رفعت كندا الوقف الاختياري لصادرات الأسلحة إلى السعودية، وفي مايو، وافقت الولايات المتحدة على بيع محتمل لآلاف المركبات المدرعة إلى الإمارات, بينما وافقت ألمانيا على مبيعات أسلحة بقيمة 341 مليون دولار لمصر و 8.5 مليون دولار للإمارات هذا العام وحده.
وبعبارة أخرى، دعا أعضاء مجلس الأمن إلى وقف إطلاق النار وفي الوقت نفسه يقدمون الأسلحة لتمكين القتال في اليمن من الاستمرار.
ليست هذه هي المفارقة الوحيدة في رد مجلس الأمن على الصراع, ففي العام 2014 أنشأ المجلس نظام عقوبات لمن يتبين أنهم ينتهكون القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي, حيث تم أنشاء لجنة من الخبراء لمراجعة الأدلة ومساعدتها على تحديد من الذي يفرض عقوبات عليه.
أبلغ فريق الخبراء المجلس كل عام منذ عام 2016 أن جميع أطراف النزاع في اليمن انتهكت حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وأوصت بفرض عقوبات على الأفراد من جميع الأطراف.
ورد مجلس الأمن بفرض عقوبات وحظر على الأسلحة ضد الأفراد المتحالفين مع الحوثيين، بينما تجاهل بشكل قاطع الأدلة المتعلقة بالضربات الجوية التي يقوم بها التحالف الدولي بقيادة السعودية وانتهاكاتها لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي, وهذا يعني: الأدلة من فريق الخبراء الخاص بها التي وضعتها لغرض محدد, هو مساعدتها في تعيين الأفراد والكيانات الخاضعة للعقوبات.
للتوضيح: ساهمت دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وكندا وألمانيا ودول أخرى, بتزويد الأسلحة إلى التحالف الدولي بقيادة السعودية التي من خلالها تم تدمير البنية التحتية لليمن, وبذلك، ساعدوا في انهيار نظام الرعاية الصحية، وبالتالي زاد من تعرض البلد لجائحة كوفيد -19, وينبغي على هذه البلدان الآن تحميل نفسها مسؤولية تمكين الاستجابة للفاشية.
وهذا يعني الوقف الفوري لمبيعات الأسلحة وتمويل الاستجابة الإنسانية لتمكين وكالات المساعدة من الاستجابة لـ كوفيد -19.
دعم قرار مجلس الأمن الذي يوسع نظام العقوبات الحالي ليشمل الأفراد الضالعين في انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني من جميع أطراف النزاع.
وبعبارة أخرى، دعا أعضاء مجلس الأمن إلى وقف إطلاق النار وفي الوقت نفسه توفير الأسلحة لتمكين القتال في اليمن من الاستمرار.
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.