تهديدات الحوثيون والجنازات السرية والمستشفيات المغلقة تغطي انتشار الوباء في اليمن
السياسية : نرجمات
بقلم: سودارسان راغافان
(صحيفة” الواشنطن بوست” الاميركية – ترجمة: جواهر الوادعي-سبأ)
قال مسؤولون في المجال الإنساني إنه ومع انتشار وباء الفيروس التاجي في اليمن، يهدد الحوثيون الذين يسيطرون على شمال البلد العاملين في المجال الطبي لإبقائهم صامتين، كجزء من محاولة للتغطية على العدد الحقيقي لتفشي الوباء.
وفي جنوب اليمن، ترفض المستشفيات غير المجهزة استقبال المرضى الذين يعانون من أعراض الفيروس التاجي، مما يمنع وجود احصائيات لهم ويجعلهم كذلك عرضة لخطر الموت في المنزل، بناء على ما يقوله عمال الإغاثة الدوليون ومسؤولو الصحة المحليون والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.
والنتيجة هي تفشي المرض الذي يقول خبراء الصحة إنه أكبر بشكل كبير من حوالي 400 حالة إصابة وسبعة وثمانين حالة وفاة، حسبما ذكرت مصادر رسمية حتى يوم الأربعاء.
يقول الأطباء وعمال الإغاثة أنهم يعتقدون أن الآلاف من اليمنيين يصابون بالعدوى كل أسبوع وأن المئات يموتون, وقال أحد العاملين في الأمم المتحدة، أن اليمنيين غمروا الفيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى بتعازي الموت في الأسابيع الأخيرة، كما ملأوا صفحاتهم بـ “رسائل النعي الإلكترونية”.
قالت كارولين سيغوين، مديرة العمليات في منظمة أطباء بلا حدود، وهي المنظمة غير الحكومية الوحيدة التي تعالج مرضى فيروس كورونا في البلد: “ما نراه هو فقط قمة جبل الجليد”.
قال ألطاف موساني، ممثل منظمة الصحة العالمية، لمجلة لانسيت الطبية الأسبوع الماضي، أنه في أسوأ السيناريوهات، يمكن أن يصيب الفيروس في نهاية المطاف حوالي 28 مليون يمني – أي ما يقرب من جميع السكان – ويسبب 65 ألف حالة وفاة على الأقل.
قبل أسابيع، حذر علماء الأوبئة من أن الفيروس يمكن أن ينتشر أبعد وأسرع في أفقر دولة في العالم العربي, مقارنة بالعديد من البلدان الأخرى, لكن أرقام الحالات المبلغ عنها لا تزال منخفضة بشكل خادع.
سعى أنصار الله في الشمال، المعروفون باسم الحوثيين إلى إخفاء مدى انتشار الوباء من خلال التهديد بالقبض على الأطباء والصحفيين أو قتلهم إذا ناقشوا تفشي المرض وأمروا بالدفن السري لمن يشتبه في وفاتهم بكوفيد 19, هذا وفقاً لـعمال الإغاثة وموظفي الأمم المتحدة والأطباء, كما أفادوا أنه تم إرسال رجال مسلحين إلى منازل الأشخاص الذين أصيبوا بالمرض, فالناس الآن يخافون من الإبلاغ عن المرض.
وقال خبراء بالأمم المتحدة وعمال إغاثة أن في الجنوب الذي تسيطر عليه جماعات مسلحة مختلفة، تقوم المستشفيات والعيادات بإبعاد المرضى الذين تظهر عليهم أعراض فيروس كورونا التاجي بسبب اكتظاظ الأجنحة ونقص الموظفين المدربين والمعدات, وأغلقت مرافق أخرى لأن العاملين الصحيين يخشون العمل دون معدات واقية شخصية ومعدات اختبار مناسبة.
تتزايد الوفيات في المدينة الجنوبية الرئيسية عدن، مع حوالي 8 حالات كل يوم، بزيادة سبعة أضعاف عن عدد الوفيات العادي في وقت سابق من هذا الربيع، وذلك وفقاً لأطباء بلا حدود.
وقالت منظمة “حماية الطفولة” أنه في أسبوع واحد من الشهر الماضي، أن ما لا يقل عن 385 شخصاً في عدن لقوا حتفهم بسبب أعراض تشبه الإصابة بالفيروس التاجي.
قبل فترة طويلة من ظهور الفيروس التاجي، كان اليمن يُطلق عليه بالفعل أسوأ أزمة إنسانية في العالم، مع وجود عشرة ملايين شخص على الأقل على حافة المجاعة.
كان نداء الأمم المتحدة للدول لتمويل برامج الطوارئ في اليمن أقل بكثير من هدفه، مما يزيد من احتمال أن البرامج التي تتصدى لوباء الفيروس التاجي يمكن أن تنخفض في غضون أسابيع.
إن المجاعة والفقر ومجموعة كبيرة من الأمراض تركت اليمنيين عرضة بشكل خاص لآثار كوفيد 19.
وقالت ليز غراندي ، أكبر مسؤول إنساني في الأمم المتحدة في اليمن: “هناك تقارير أولية من وحدات العزل تشير إلى ارتفاع معدلات الوفيات بشكل استثنائي”. “وعلى الرغم من أنه ليس لدينا اختبارات قوية بما يكفي وقاعدة معلومات قوية بما فيه الكفاية ، الاإن المعدل يشير إلى أنه يمكن أن يكون أكثر من ضعف ما هو عليه في البلدان الأخرى.”
تهديد حوثي:
في العاصمة صنعاء، لافتة كتب على جدار أكبر مقبرة في المدينة وأشهرها كتب عليها: “أقارب المتوفين الأعزاء، نؤكد لكم أن مقبرة خزيمة ممتلئة”.
ومع ذلك، أبلغت سلطات الحوثيين فقط عن أربع حالات إصابة بفيروس كورونا ووفاة واحدة في منطقتهم والتي تضم أكثر من ثلثي سكان البلد.
قال مسؤولو المساعدة الدولية الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لتجنب استهدافهم من قبل الحوثيين، أن مسؤولي الصحة من أنصار الله يسيطرون بشكل صارم على اختبار الفيروس التاجي ولا ينشرون النتائج إلا إذا كانت سلبية.
على تويتر وفيسبوك، نشر اليمنيون في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون حسابات لإرسال أقارب يعانون من أعراض كوفيد 19 إلى المستشفيات ولم يسمعوا منهم مرة أخرى.
لم تسمح السلطات لأفراد الأسرة باستعادة جثث المتوفين أو إخبارهم أن الحكومة دفنتهم, ونشر اليمنيون مقاطع فيديو يزعم أنها تظهر للعاملين الصحيين، ببدلات واقية بيضاء أو خضراء تدفن سرا أولئك الذين يعتقد أنهم ماتوا بسبب المرض.
تم اعتقال الأطباء والممرضات في الشمال، وتم سحب هواتفهم الأخرى لمنعهم من مناقشة الوباء، وفقا لعمال الإغاثة ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي.
في بعض الحالات، رافق مسلحون الفرق الصحية إلى منازل الحالات المشتبه فيها، حيث قاموا بجمع المرضى وأقاربهم تحت تهديد السلاح لنقلهم إلى مناطق العزل، بحسب عمال الإغاثة والحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي.
في حين تعذر تأكيد نشرات وسائل التواصل الاجتماعي، تقول مجموعات المساعدة الدولية وعمال الأمم المتحدة أنهم سمعوا روايات مماثلة من موظفيهم وجهات اتصال أخرى على أرض الواقع.
قال مسؤول كبير في مجال المساعدة بشرط عدم ذكر اسمه حتى يمكنه التحدث بحرية: “الناس مريضون ويموتون، والناس خائفون حتى من الموت, إنهم خائفون لأنهم يخشون الانتقام من قبل قوات الأمن إذا اشتبهوا في كون فحوصاتهم بشأن كوفيد 19 إيجابية.”
من غير الواضح لماذا سيتم قمع أرقام الحالات من قبل الحوثيين المتحالفين مع إيران الذين كانوا يقاتلون على مدى السنوات الخمس الماضية تحالفاً مدعوماً من الولايات المتحدة ومن الدول الإسلامية السنية بقيادة السعودية التي تسعى إلى استعادة الحكومة اليمنية.
وقال بعض عمال الإغاثة والمحللين السياسيين إن الحوثيون قلقون من أنهم قد يضطرون إلى فرض حظر وحرمانهم من عائدات الضرائب أو منعهم من جذب المجندين للقتال في الحرب. وقال آخرون أن الحوثيين قلقون من أن اليمنيين سينتفضون ضدهم جراء السماح للفيروس بالتجذر, هذا ولم يرد مسؤول سياسي من الحوثيين ومتحدث باسم وزارة الصحة في صنعاء على طلب للتعليق.
انتقدت وزارة الصحة الحوثية في بيان الجمعة الأساليب التي تستخدمها العديد من الدول لمواجهة المرض قائلة إنها “أضعفت معنويات مواطنيها وخلقت حالة من الخوف والقلق, وقالت الوزارة إن التعامل مع العدوى “كأرقام وإحصاءات” في العديد من البلدان “أثر سلبا على الأشخاص نفسيا وضعف أجهزتهم المناعية”.
“الموت في المنزل”:
ووفقاً لمسؤولي الأمم المتحدة وعمال الإغاثة، مع تدمير المستشفيات والعيادات بسبب الحرب والحصار الاقتصادي الذي تسبب في نقص الأدوية والمعدات الطبية، فإن نصف المرافق الطبية في اليمن فقط تعمل اليوم, ويقولون إأنن قسما منهم فقط يمكن أن يتعامل مع حالات كوفيد 19.
وفقاً لمنظمة حماية الطفولة، هناك حوالي 700 سرير للعناية المركزة و 500 جهاز تنفس لخدمة حوالي ثلاثين مليون نسمة, كما أن هناك أيضا نقص حاد في اقنعة الواقية والأثواب الواقية.
تم رفض بعض المرضى الذين يعانون من أعراض كوفيد 19 العلاج في المرافق الصحية، وفقا لمجموعات المساعدة ومسؤولي الصحة المحليين.
وهذا لا يترك للمرضى أي خيار سوى العودة إلى منازلهم ومن المحتمل أن ينقل الفيروس إلى الآخرين في مجتمعاتهم والتي تشمل المخيمات والمدارس المزدحمة باللاجئين.
قال الشيخ الشوتيري طبيب متخصص في الأمراض المعدية وعضو في اللجنة العلمية الوطنية اليمنية لمكافحة الفيروس “سبب هذا هو الخوف من انتقال العدوى بين العاملين في مجال الرعاية الصحية، وهم يرفضون التعامل مع المرضى, لذلك يعودون إلى ديارهم وينتظرون الموت بصمت”.
قال راجح المليكي، وهو طبيب ومدير مكتب الصحة في مدينة تعز، ثالث أكبر مدينة في اليمن، أن المستشفيات تبلغ عن عشرات الحالات من المرضى الذين يعانون من أعراض كوفيد 19 كل أسبوع, كما لا تحتوي معظم المرافق على معدات واقية كافية، ولا يوجد سوى 11 جهاز تهوية في المدينة التي يزيد عدد سكانها عن 600 الف نسمة.
في عدن، يسلط مركز علاج الكوفيد 19 الذي تديره أطباء بلا حدود الضوء على التحديات التي تواجه البلد, وحتى الأسبوع الماضي، كان هناك 220 حالة دخول لمرضى يعانون من أعراض تشبه كوفيد19, وهناك 99 حالة وفاة.
يصل معظم المرضى “بمتلازمة الضائقة التنفسية الحادة”، مما يوحي للأطباء أن العديد من الأشخاص مرضى في المنزل وغير قادرين على تحمل تكاليف السفر، ولا يذهب العديد من اليمنيين إلى المستشفيات إلا عندما يصبح مرضهم شديداً, حيث يأتي الناس إلينا بعد فوات الأوان، ونحن نعلم أن الكثير من الناس لا يأتون على الإطلاق, إنهم يموتون في المنزل”.
يقوم مركز أطباء بلا حدود بمعالجة العديد من العاملين في مجال الرعاية الصحية المصابين، بما في ذلك 40 من موظفيها.
ولكن حتى مع انتشار الفيروس، فإن النقص في التمويل يجبر وكالات الأمم المتحدة على إغلاق البرامج الإنسانية، وخفض الخدمات الصحية في العديد من المستشفيات، والتوقف عن دفع رواتب الآلاف من العاملين الصحيين.
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.